د. عمر الخواجا

رواية "بريد الليل "عبارة عن رسائل غير عادية لِمُرسلين غير عاديين تضلّ طريقها ولا تصل لمن أرسلت إليهم ولا تفلح سوى في الكشف عن مكنونات كاتبيها من خلال التّداعي الحر والذكريات والاعترافات.

ترسلُ هدى بركات وعبر بريد الليل إلى القارئ خمس رسائل تحمل في داخلها كثيراً مما يمرّ به واقعنا العربي وما تعانيه مجتمعاتنا من أمراض نفسية واضطرابات اجتماعية واختلالات أخلاقية وإساءات جنسية وكبت وانفصام وضياع وجنون ...

 كل رسالة تكون سبباً في انتاج رسالة أخرى حين تقع  بين يديّ الكاتب الآخر وتحفزه على بثّ مكنوناته النفسية كما ورد في الرسالة الخامسة حيث يكتب أحدهم رسالة لوالده بتحفيز كبير من تلك الرسالة التي يكتشف وجودها في بار (.... فالرسالة موجهة من امرأة إلى أخيها المسجون وفيها تعترف له بما كانت أخفته عنه في حياتها لأنها وحيدة في هذه الدنيا هذه الرسالة التي لم تصل كأنّها الصوت الذي لم يسمعه أحد منذ البداية، منذ ولدتْ هذه المرأة ضاع صوتها، شعرت وأنا أقرأ الرسالة بقرب قدر المرأة من قدري وبتشابه أيضاً في مساري حياتينا، وتساءلت معها عن جدوى أيّ مقاومة ان كانت مرسومة لنا أقدارنا منذ اللحظة الأولى لخروج أجسادنا ص 86)

عنوان الرواية "بريد الليل " يؤدّي وظيفته كعتبة رئيسة من عتبات النّص فيوحي للقارئ بوجود رسائل وعناوين بريدية وساع للبريد ولكنّ الروائية تضع القارئ في مواجهة رسائل تائهة فأيّ بريد ذلك الذي سوف ينقل هذا القدر الهائل من الأسرار والاعترافات التي تبتلعها المسارات المعتمة وكأنّها ثقب أسود ضخم يخفي داخله المظلم كل الآلام والاحزان والدموع.

تمتدّ الرواية على مسـاحة ثلاثة فصول في الفصل الأول ( خلف النافذة : حيث هناك خمس رسائل كالتالي : الرسالة الأولى من كاتب مهاجر في فرنسا إلى حبيبته يبثها  أحزانه وارتيابه وأسراره ومعاناته والرسالة الثانية من سيدة إلى حبيبها تكتب له عن  ذكريات علاقتهما واشتياقها وأوهامها وشكوكها ولوعتها والرسالة الثالثة من ابن إلى أمه يحدثها عن حجم التعذيب الذي عاناه في المعتقل وعمله في التحقيق والرسالة الرابعة من فتاة لأخيها تعترف لها بظروف عملها كمومس وتبرّرُ له ارتكابها جريمتي قتل والرسالة الخامسة من رجل لأبيه يحدثه عن معاناته من قسوته ودور هذه المعاملة  في ميوله المنحرفة ) ، في الفصل الثاني ( في المطار :  نتابع المصائر المفتوحة لأصحاب الرسائل والذين يجمعهم المطار من خلال الهجرة والرحيل   الاختياري والاجباري ، في الفصل الثالث والأخير بعنوان ( خاتمة: موت البوسطجي) يظهر "البوسطجي " ساعي البريد  بدراجته البسيطة وطابعه الكلاسيكي المألوف وهو يتحدث عن مأساته  منهيا أي أمل بوصول تلك الرسائل الغريبة التائهة إلى عنوانيها المحددة .

هدى بركات تكتب في بريد الليل عن شــــخصيات واقعية تقوم بكتابة معاناتها وآلامها   بشكل غير تقليدي حيث يتعرف القارئ على أبطال هدى بركات (ثلاثة رجال وامرأتين) من خلال حديثهم أو بوحهم الذاتي.  

 في الرسالة الأولى يظهر الراوي البطل كاتب الرسالة كشخصية قروية من بيئة فقيرة يواجه صدمة انتقاله من القرية للعاصمة دون حصانة أو ثقافة أو مناعة  حيث يمكننا أن نلمح عناصر اضطراب شخصيته وهو يكتب لحبيبته عن طفولة مليئة بالخوف والصدمات الاجتماعية والنفسية حيث  العلاقة المشوّهة للبطل  بوالدته في ظل غياب تام لصورة الأب  ( وأنا ينبغي لي القول خائف مرعوب وحيد مستوحش وعدائيّ مذ تحرّك القطار وعندي رغبة عميقة في إيذاء شخص لا أعرفه حتى لا أجد له أعذاراً شخص ليس لي أيّ نوع من الصلات به أطلق رغباتي من دون استعمال عقلي إذ يبدو لي أحيانا أن عقلي هو عدوي الأول  ص 9 ) .

 في الرسالة الثانية نتعرف على شخصية سيدة  تعاني خواءً غريباً ووحدة شديدة مما يجعلها تكتب لحبيب من الزمن الماضي تبثه  شوقها للأيام التي مضت  فتبدو شاردة الذهن غريبة التصرفات لا تستطيع ترتيب افكارها وتنظيمها وكأنها تعاني الضياع ما بين الماضي والحاضر ( ... لا لا سنتكلم في أمور مفرحة ، ربما عن تلك الأيام الربيعية الجميلة حين التقينا ، عن الشوارع والساحات التي مشينا فيها ، اكلنا الأكيدنيا أو شربنا العصائر ... الخ ، وكم أتمنى ألاّ تحدثني عن وظيفتك أو عائلتك أو بلادك او كيف هي حياتك الآن ، إذ سأموت حينها من الضجر ... ص 44 )

في الرسالة الثالثة نتعرف على  شخصية سياسية مقموعة ذات طفولة بائسة يفتقد حنين الامومة والابوة  يكتب لوالدته عن تجربته المريرة وتعرضه  للتعذيب والقمع   مما يؤدي به للاعتراف والتعاون مع المحققين لكي يصبح أداة للقمع يتلذذ بتعذيب المعارضين واضطهادهم ويستمتع بسماع استجدائهم ويجد رجولته في سحقهم وقهرهم  وهو يعترف لوالدته بقسوته وإن كان بعيدا عن التعبير عن الندم والتبرير ولكنّه يذكرها أيضا بالمعاملة العنيفة التي تعرض لها من والده  (   ... لا أدري إن كان ضرب أبي المتكرر بالحزام الجلديّ أو بالعصا قد أفادني أم أنّه على العكس كان يراكم داخلي نوعاً من الغضب ليس غضباً فقط كانت إهانة مستمرة لا أجد حتى الآن لها مبرراً ، حتى الآن يؤلمني جسمي من ضربه لأنّي كنت صغيراً وبريئاً ، لم أفعل يوماَ ما كان يستحقّ ذلك الضرب كان يضربني دائما أمام الناس ... ص 51 ) ... إن تحوّل هذه الشخصية من مقموع لقامع يتجسّدُ  في جريمته المتمثلة بقيامه بقتل السيدة كبيرة السن التي آوته في بيتها بعد أن ضاقت عليه السبل في مهجره.

في الرسالة الرابعة نقرأ عن سيدة تعاني طفولة معذبة وتضطر للعمل كخادمة ومومس بعد أن فشل زواجها فتكتب لأخيها مبررة بطريقة غريبة ذلك الحقد الذي تحمله لوالدتها ملقية كامل اللوم على ظروفها الاجتماعية وما عانته من فقر وحرمان.

في الرسالة الخامسة تتناول هدى بركات شخصية الابن الشاذ وهو يكتب لأبيه معللاً انحرافه وميوله المثليّة بما تعرض له من معاملة أبوية قاسية حيث التحقير والشتم وعدم احترام خياراته ووصفه بالخنثى   ...

 أما شخصية البوسطجي فيظهر في الفصل الثالث كشخصية رئيسة تربط ما بين أبطال الرواية كحامل  مفترض لرسائلهم ولآلامهم وذكرياتهم ولكنّه شـخصية يائسة حزينة لقد تعوّد على أهميته لدى الأهالي الذين ينتظرون رسائل أحبائهم  حيث يسعدهم سماع رنين دراجته فيستقبلونه بشوق وترحاب ويشاركهم افراحهم وقهوتهم  ويقرأ لهم رسائلهم أما الآن فقد  جاءت التكنولوجيا والانترنت وافقدته جزءا من أهميته ولكنه بقي محافظا على وظيفته إلى أن جاءت الحرب وثورات الربيع وقوى الإرهاب وأجبرته على التقاعد ولم يعد له من أهمية ولم يبق منه سوى رسالة تركها الى جانب الرسائل الأخرى المهملة وتحول لمجرد ذكريات حزينة  (  ... الآن أكتب رسالتي إلى من قد يأتي إلى هنا ، وأضعها على بيّنة واضحة للعيان قرب فهرس الرّسائل ... فقد أموت قبل أن يصل أحد إلى هذا المركز .. من يدري؟ ص 126)

أبطال هدى بركات في رواية بريد الليل متنوعون في صفاتهم واتجاهاتهم فهناك الحبيب والحبيبة والابن والابنة والمحقق والمعارض والسياسي والمهاجر والمثليّ والمومس والمهووس والقاتل والبائس، إنها شخصيات غير محايدة تشتبك مع واقعها الأليم بطرق شتى وتتوه في مسارات شائكة من المرض والخوف والجريمة والضياع والجنون ولا يستطيع القارئ أن يتخذ منها موقفا محددا هل يُؤيدها أم يعترض على أسلوبها في الحياة؟  ولكنه أيضا لا يجد لها مُبررا في هذا السلوك الغريب فهي فعلا شخصيات استثنائية.

هدى بركات في بريد الليل تتخذ من الأزمنة والأمكنة المتغيرة مسرحاً لذكريات رسائلها الخمس فمن غرف الفنادق إلى ســاحات المطارات ومن الشوارع والبارات إلى وسائل التنقل والقطارات ومن القرية ذات البيئة الفقيرة والمعاناة والقهر إلى  المدينة والعاصمة حيث التكنولوجيا والتمدّن والحرية والحضارة ومن غرف التحقيق وأزقة الثورات والانتفاضات إلى أقبية التعذيب وأماكن الرذيلة والشذوذ ، كل هذه الأمكنة ترسل قضايا سكانها نحو المكان الرئيس في الرواية نحو بريد الليل  الذي يستقبل الرسائل ومعاناة الأبطال وذكرياتهم ويهوي بها في الضياع  دون النظر إلى عناوين مُستقبليها ... إنّها الأمكنة الواقعية التي نراها في  المدن والاقطار العربية امكنة نلمسها من واقع الحياة ويمكن لها أن تُشكّل مساحة جغرافية حقيقية على امتداد الوطن العربي بشكل خاص ولكنّها أيضا تمتد نحو بلاد المهجر حيث يلجأ المشردون والهاربون من ويلات الدمار والحروب وحرائق الثورات واضطهاد الأنظمة حيث ينشدون قليلاً من الراحة والحرية والهدوء ولكنّهم بشخصياتهم التي تحتوي داخلها براكين الكبت والغضب والعذاب يحنّون بشوق غريب لتلك الأمكنة التي تشكل مسرحاً لذكرياتهم التي يجترّونها عبر رسائل بريد الليل لنقرأ كيف يصف بطل الرسالة الأولى مكان طفولته ( ... قليلٌ ما أذكره عن ذلك المكان وسكانه ، وهو مثيرٌ للتقزّز، حتى حين يأتي في المنامات يكون كالكوابيس ، هذه أمكنة يأكلها الجرب بل البرص ، فتتفتت وتقع من الذاكرة كأصابع المجذومين ، قاحلةً ومريضة بفقرها وقد فات وقت العلاج ،كلما قرأتُ عن سعادة استرجاع الطفولة ، عن براءتها وما تترك في النفس من عذوبة وحنين ذُهلتُ وملأتْ خياشيمي رائحة الروث الموحل ، وغشت عينيّ أغبرةٌ ممزوجةٍ بالعمش اللاصق الدائم ، والذي يلزمه ماء كثير لا نملكه لفتح الجفنين برهة ، ساعة ،أو اثنتين ، يعود بعدهما الذباب أسرابا تنقضّ كأنْ بمخالب وتعودت حتى على الصفعات ، هل هذا ما تريدين معرفته ؟ طفولتي ؟ ... ص 14 ) ... تكتب هدى بركات عن هذه الأماكن بكل مشاعر الألم التي تعلق في الذاكرة دون أن تختفي وتظهر ككابوس يؤرق الشخصية دون فكاك أو غياب ... أزمنة الرواية أزمنة معاصرة تتراوح بين ماضٍ ليس بعيد وحاضرِ ما زال موجوداً وملموساً ومُعاشاً ولكنّها أيضا أزمنة الفقر والتشرد والعذاب والاضطهاد والقمع والانفلات والتشرذم والحرية والثورات والخراب ، إنّ هذا التسلسل الزمني غير المنضبط يناسب هذه الشخصيات المضطربة ويصلح للتأريخ لهذه الأمكنة المتفاوتة المساحات والصفات والمناخات والجغرافيا

رواية هدى بركات بريد الليل تستكشفُ الأمراض الاجتماعية من خلال الولوج عميقاً في النفس البشرية ومحاولة استنطاق مخزونات الوعي واللاوعي لدى شخصياتٍ  تُمثل شرائح مجتمعية تنتشرُ على امتداد واقعنا العربي المهلهل لقد بدت العلاقات الأبوية بشكل مشروخ ومريض فهناك لدى البطل في الرسالة الأولى شعور غريب تجاه والدته التي أرسلته من القرية  كي يعيش في كنف عمه في العاصمة لأنها توسمت فيه الذكاء فهو يُحملّها مُجمل الشرور التي أحاطت به حتى أنّه لم يهتز لدى سماعه خبر موتها  ( ... تلك المرأة قصفت عمري وشرّدتني في بلاد الله ، البلاد التي كلّ سكانها غرباء ، غرباء ويتامى ، لم يصلني أنها بحثت عنّي يوماً ، فقط حين ماتت وجد أحد أخوتي رقم هاتفي لا أدري كيف ، قال أنا أخوك فلان ، لم أعد أذكر أيّهم ثم قال ماتت أّمك ، أعتقد أنّي أجبته ب "البقية في حياتكم " أو بكلام مشابه ، ثم أصابتني نوبة من الغضب العارم ... ص 17 ) وتعود هذه العلاقة المشوّهة للظهور بشكل واضح في الرسالة الثالثة والتي يرسلها الابن الى أمه حيث يقول مُعاتبا والدته التي لم تدافع عنه ضدّ قسوة والده ( ... فات الآن وقت العتب ، حتى عليك إذ لم تحميني مرةً منه ، لماذا ؟ لأنّه سيضربك معي أعرف ، وسيضاعف ذلك غضبه أعرف ، لكنّ أمّهات كثيرات كنّ يقفن أمام الاب ، ينحنين فوق الولد للذود عنه ،وتصيبهنّ الضربات إلاّ أنتِ ، تغسلين راسي وتردّدين : معه حق ، معه حق ، يريدك أن تكون رجلاً ، رجلاً ذا أخلاق عالية ويفتخر بك  ص 51 )  ويتكرّر هذا المشهد القاسي مرة اخري في الرسالة الرابعة رسالة  المومس إلى أخيها في السجن حيث تحمل والدتها مسؤولية ما ألمّ بها من تردي الحال والضياع  ( ... صرت أتذكر من ألمي وقهري أنّ أمي كانت سبب زواجي التّعس وأنا بعدُ لم أُتم الرابعة عشرة ، وهي لم تغفر لي طلاقي ولا أنت ، بل كنتما سبب هجرتي إلى هذا البلد وعملي خادمة في بيوت الناس وفي تنظيف وسخ بشر لا أعرفهم ، في حمامات المطاعم وغرف الفنادق كانت أمي راضية في تلك الأيام لأنّي ابتعدت عنها ، أنا وفضيحة طلاقي ولأنّي كنت أرسل إليها المال بانتظام     ص 77 ) .... هي محاولة تبريرية تظهر مدى تشوه العلاقة بين الفتاة وأمها دون ان تلتمس لها عذرا في كونها ضحية امراض المجتمعات الفقيرة من زواج مبكر وعلاقة عائلية فاشلة وطلاق مأساوي نتيجته ضياع تام للابنة الصغيرة ... وهذا ما يؤدي بها لتبرير جريمتها  بأنّها لم تقتل أمها بل تركتها تموت دون أن تمدّ لها يد العون فهي ليست جانية بل ضحية ( ... أنا قتيلة أمي وأيضا ضحية تلك المرأة ، هكذا أفكر أنا لم أعتدِ على أحد أنا فقط رفعت يدي لردّ الصفعات ، هذا ليس قتلا ص 82 )  وفي الرسالة الخامسة نشاهد أيضا تشوّها صادما في العلاقة ما بين الابن وأبيه حيث يُحمّل كاتب الرسالة مسؤولية انحرافه وميوله المثلية للمعاملة التي تلقاها من والده في طفولته البائسة ..لقد اشتبكت هدى بركات في روايتها مع أمراض المجتمع بجرأة كبيرة وتناولت قضايا اللجوء والتهجير والتشرد والضياع والتقطت عذابات المهمشين وتبريراتهم ولم تحكم عليهم بأحكام جاهزة ولم تُخضعهم لمحاكم تفتيش تُصنّفهم كمجرمين أو ضحايا ... في بريد الليل نجدُ كل الأفكار والمواضيع قابلةً للشكّ والبحث والتأويل وبعيدة عن الوضوح والتبسيط واليقين والحقيقة المطلقة .

هدى بركات روائية تهوي اختراق الخطوط الحمراء وتسليط الأضواء على كثير من المسكوت عنه في مجتمعنا العربي ، في روايتها بريد الليل تترك لأبطالها حرية الإدلاء بشهاداتهم الذاتية وكأنّهم يحاكمون أنفسهم فيعودون بالذاكرة بعيداً ويستحضرون طفولتهم في مرافعة دفاعية عن واقعهم المريب ، تنساب العبارات في رسائلهم بتلقائية كبيرة ، وتختار الروائية كلمات قريبة من الواقع دون تعقيد أو مبالغة ولكن ما يميز هذه العبارات السلسة هو سهولة استيعابها وتقبّلها فكأنّها تنساب بتناغم مثير في بوتقة تصبّ في مجرى بريد الليل ... تستدعي هدى بركات قدرات القارئ كي يشارك أبطال الرواية البحثَ في مصير الرسائل وترتيب بعض الأحداث والوقائع وخصوصا في الفصل الثاني حينما تتجمع بعض خيوط الحبكة ومصائر الأبطال في المطار وفي نهاية الرواية في الفصل الثالث يظهر البوسطجي وهو يبثّ آلامه ووجعه ويوضح ما آلت إليه أحواله .

      لقد نجحت الكاتبة في تنبيه قدرات القارئ وجعله جزءا أساسياً من النّص السردي ويمكننا هنا الاستشهاد بما قاله الباحث والناقد د.شرف الدين ماجدولين عن الرواية بعد فوزها بالجائزة العالمية  للرواية العربية 2019  ( تعبر رواية "بريد الليل" عن تجربة في الكتابة الروائية شديدة الخصوصية بتكثيفها واقتصادها اللغوي وبنائها السردي وقدرتها على تصوير العمق الإنساني، ويتمثل تحديها الكبير بأنها استخدمت وسائل روائية شـــائعة وأفلحت في أن تبدع داخلها وأن تقنع القارئ بها  (  ختاما يمكننا القول أنّ بريد الليل تجربة روائية مميزة وتمثّل إضافية نوعيّة للرواية العربية.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم