العتبة النصية الأرسطية والتعالق – ليس من السهل تعريف النص الموازي عبر السياقات العامة، وهذا ما قررنا تجاوزه، والاندراج في رسم ملامح البعد التقني له، ونشير من خلال ذلك الى ما يكسبه من صفة تعريفية، لأننا نجد أن تجلي العنوان كنص موازيفاقد لأجراء داخلي، وهو في هذا السياق يمثل ذاته لذاته. وفي البدء نشيرالى صفة امكان أن يكون النص الموازي ليس فقط عتبة تقف عند حدود النص (الهيكل - النسيج – المتن ) ، بل هو نص ليس اجماليا الا في وحدة دلالته المتكاملة أن العتبات النصية لا يمكن ان تكون نصا موازيا تاما اذا لم تبلغ دلالاتها الاحاطة بمضمون الحدث العام المسرود او على اقل تقدير تكون قد تمثلت بمضمون ثانوي ، يقصد الروائي تقنيا اظهاره في لحظة يظنها مواتية وذات ضربة توقيتية بجودة قد تكون اعمق مما يتصف به النص، وهذا ما تحقق في عتبة رواية ( رماد الذاكرة المنسية )، وتكاملها الذاتي – الذاتي الموضوعي زادها اهمية، ، وجعلها نصا تاما قبالة متن الرواية، وتلك الصفة بمجملها تشكل تطورا غير محسوب في كيان الرواية، وهي اتصال من جهة مع الأطار المعماري او ما نسميه الهيكل الخارجي، ومن جهة اخرى افتراق سببي، وطبعا ذلك هو اشارة ضمنية، لعدم الاستقلال عن المتن النصي مباشرة، ويمكن أن يتحقق الارتباط المرحلي تدريجيا، وذلك عبر المستوى الدلالي في النص الموازي، وفي سياق التحليل البنيوي للغة العتبة، يقف البعد الارسطي تقريبا تقلل من تحقيق ذلك، لان مفردة – رماد – مجازية الصفة، اي هي ليست ببعد الا رمزيا، واما مفردة- ذاكرة – فهي اعمق رمزية، ودلاليا هي بوسع غير محدد يقينا، وتبقى في حدود التصورات التي تمثل يقينها بذاتها، اما مفردة – المنسية - هي ايضا توازي تعريف المفردة التي سبقتها، والبناء – بال – التعريف صحيح لايحيل الى عدم او مجهولية لكن لا ينفيها هنا، فالذاكرة غير معينة ولا هناك اشارة او بعد سيموطيقي او دلالي يحيل اليها، وطبيعي بنسيانها تكون بذات المستوى، ولا يمكن تحديدها، وهنا في هذا المعنى يكمن مضمون الرواية، حيث هي لاتتيح لنا سوى اشارات وسرعان ما تغادرها . كان النص الموازي في رواية ( رماد الذاكرة المنسية ) هو مفتاح بألية وظيفية مع مجمل العلائق، ، وذلك من جهة العلائق، فيكون لعلاقته مع المدخل الاستهلالي والذي هو باب احالي للنص ، ما يتيح للتسلسل لبلوغ معادل دلالته، وعدم تلاشي تأثير سلطة النص المباشرعلى التلقي بشكل مباشر، وكذلك حيث أن للجانب التأويلي حضور كان قد حققه النص الموازي، وبرغم الفارق المضموني بين النص والعنونة، يكون للتلقي الشعور بأنهما مضمونيا متقابلان، والعتبة برغم ارسطية طابعها، تكون مؤهلة للتقابل عبر شعور التلقي واحساسه بذلك

المدخل الظاهراتي - ان الدخل قديما قد سمي بالاستهلال، ونحن نسميه اليوم مدخل المادة الادبية، وهو طبعا بعد التطورات الاصطلاحية والتقيمية والتحليلية، صار تقنيا اوسع لذا اسميناه – المدخل – وذلك لوجود عدة مداخل اضفت على الشكل الادبي تميزا من جهة، واتاحة لفتح مجال الاشتغال بشكل اوسع واعمق، وقد اهتمت به كل الاجناس الادبية، وبعد ان تطورت اللغة الاصطلاحية في اطار منظومة النقد ، سمي مفتتحا او مدخلا او معبر من العتبة النص، وفي جنس الرواية اهتم مبدعو هذا الجنس بالاستهلال فهو اول مرحلة في المتن الروائي، وان لم يستند عليه ذلك المتن استنادا متميزا فنيا وموضوعيا ، لابد ان المتن سيتخلخل، وسترتبك دلالة مشاهد الاحداث، وقد يضيع الخيط الاساس ، والذي وفق مساره تتحرك الرواية، وقيمة الاستهلال ليس فنية فقط ، فقد يكون مؤثر في متعة التلقي العام، حيث يدفعه الى اما التامل او يدفعه الى الاندهاش الذي تدريجيا مع انفتاح افاق السرد سيتلاشى ، لكن ذلك الاندهاش له جدواه ، ومهم جدا ان يستدرج الاستهلال التلقي العضوي، وأن توفق جماليا على وجه الخصوص، اضافة الى بعد المتعة، وفي رواية ( رماد الذاكرة المنسية ) كان المدخل بمستويين فرضتهما لغة الرواية في مفتتحها الاحالي الى المتن النصي بعد المدخل الموازي، حيث الرواية بدأ بفعل فاعله لا يتوافق مع وحدة زمن السرد، حيث الراوي وصف لنا حالة النجوم الحاضرة، ليس مستوى سرديا المظهر، أي بداية الرواية تشير الى نمط وصف ظاهراتي، وسياقية اللغة هنا في المدخل ليس اجرائية، بالقد الذي هي فيه احالية، فتأمل الموجدودات الغير واقعية زمانا ومكانا، هو معنى محدد الخصوصية، وأن كان اشاريا قد يبلغ ابعد من ذلك، كي يمكن التواصل واستيعاب ما يلي من مجريات، ويمكن اعتبار هذا المدخل هو ظاهراتي الصفة .

ضرورات الحبكة الفنية - يجد اغلب النقاد صعوبة دراسة الحبكة تقنيا، ويتفق الغالب على عدم امكان الحبكة من تادية وظيفة ، يمكن أن نقر أنها تؤدي بوظيفة من ضمن الوظائف التي عرف بها بناء الرواية، وهناك اراء تختلف اشارتها، لبكن هناك رأي نعتقده معتبرا في الاشارة والترميز، فنجد مقصنا مطابقا لذلك الرأي الذي قد ورد في كتاب / عالم الرواية لرولان بورنوف وريال اونليه حيث ( وصف ايفي كوميتون – بييرنت الحبكة بأنها (( هيكل عطمي )) يسند مجموع الرواية )1، ونتوافق مع هذا الرأي في مقصده، فأن الحبكة هي صورة ليست بيانية، ولاترى أي ملامح للشخوص او تحديدا لهوياتهم، وهي كما جدار عالي يحمي داخله كيان مركب من مكان وشخوص، وتبقى هنا من الصعب تناولها تقنيا ، وعلى مستوى تحليل الوظائف، وذلك كما يرى الاغلبية صعب الا في اطار النظري، وعلى وجه الدقة لابد من الاقرار بفقدان الحبكة دورا تقنيا اساس، هو يرتبط بها وليس بمؤثر خارجي متميز تقنيا ومتعدد الوظائف، لذا لجأت رواية( رماد الذاكرة المنسية ) الى رسم ملامح جديدة للحبكة، فتكون منتجة وظيفيا بشكا اعمق، على وجه الخصوص فيما يكون فيه مقطع الوصف متعدد الأستدلال، وكانت دلالة مباشرة، وهناك دلالة اخرى التزامية، والسارد كان يتنقل بينهما، لكنه على الغالب كان يستند الى الدلالة الالتزامية، فكان نمط الحبكة ليس بذاك التقليدي، والذي يهمه بلوغ الحكاية تكلملها، وسياق النشاط السردي هنا،لم يكن يسير بالحدث باتجاه مستقيم، نحو حد النتائج، لتبلغ الرواية نهايتها مباشرة . أن تحولات السرد المستمرة بكيان رواية ( رماد الذاكرة المنسية )، وبنشاطها المختلف النمط عن السرد التتابعي، جعل الرواية من تكمل تلازم الدلالة، حتى تنتقل الى اخرة، وكان لاختلافه المستمر سببا في تغير الاطار الوظائفي للدلالة، حيث ما أن تكتمل دلالة مباشرة الا سرعان ما أن تكتمل، تيلها دلالة التزامية، ولتحرك الروي بعدة اتجاهات، وبعدة مستويات اشارية دلالية، جعل هناك تلاقي ممكن بين الايقونات والواقع البشري، وهذا طبعا لاتتمكن منه الحبكة التقليدية، ولا تحيط به وظيفيا الا الحبكة الفنية، وهنا تكمن ميزة الرواية، واسهم ايضا عدم استقرار زمن الرواية على بعد معين، دور في اثراء مضامين النص، وتأهيل الثانوية ايضا الى سطح بنية الرواية، وهناك متعة ذاتية هي ترتبط من جهة ببؤرة السرد، ومن اخرى تتيح لنفسها التمظهر، وكانت ذاتية، ولا ترتبط بمتعة القراءة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كاتب وناقد عراقي

الرواية نت

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم