أفلح مفلح العدوان في روايته المعنونة "العتبات" ولأهمية عنونة الرواية لا بد أن نوضح هذه المفردة التي تشكل أساساً انبنت عليه الحكاية وأشهرها مؤلفها بهذا الاسم، فالعتبات مفردها عتبة، وعتبة الباب هي اول حاجز يجتازه العابر للبيت، كي يصبح فيه حرا نوعا ما أو مقبولا، سواء كان صاحب المكان او ضيفا عليه، ومن حيث الاشتقاق، فالعتبة ربما مأخوذة من العتاب، وكانت العادة ان اللائم والمعاتب يقف عند باب البيت او الخيمة او الكهف، ويبدأ بعتابه لمن في الداخل، فسميت العتبة لأنها موقع العتاب الدال والمعبر عن حالة وسط بين الأمان والتحذير واللوم والخوف، وكيلا يعتبر معتديا حتى حسب القانون، لأن من دخل البيت عنوة أو بدون استئذان فهو معتدي، حتى لو كان صاحب حق. وللعتبة تقديس خاص في التراث العربي القديم، ولها ارتباطات بالجن والعفاريت والشياطين، وكثيرا ما اعتقد الناس ان لكل عتبة خادم غير منظور او جنيّ يحرسها، وأول مايجب على اهل البيت احترام العتبات، وعدم نثر الأوساخ والماء الحار على العتبة، ولا بد من الاستعاذة من الشيطان، أو بالبسملة حين تفتح الباب للمرة الأولى او حين تجتاز العتبة، داخلا للمرة الأولى او خارجا، ثم وكلما تذكرت ذلك، ومن هذا المنطلق يسهل علينا أن نتعرف على سر عنونة روايته بهذا الاسم، والعتبات تعني وجود أمكنة مأهولة، ومنها أخذ المتدينون من بعض الطوائف تعبير العتبات المقدسة، لأن من يصل العتبة يتم إكرامه عند العرب إن سمح له اجتيازها، وذلك بالسماح له بالدخول والعيش بشكل طبيعي، ولهذا سميت العتبات المقدسة، أي إن زيارتها واجبة وترحب بالقادمين لها، وفيها مخلوقات، او آثار لمخلوقات مرغوب رؤيتهم او زيارتهم أو إسترضاؤهم. يقول إدوارد فورستر في مقدمة كتابه "أركان الرواية": "نحن نحتاج إلى موقع مناسب، لأن الرواية كرة عصية مخيفة، وغير منظمة إطلاقاً، فلا جبال فيها للتسلق، كم أنها ليست آلة موسيقية، وبدقة نقول: الرواية منطقة رطبة من مناطق الأدب، يرويها مائة جدول وتتحول أحيانا إلى مستنقع، ولا عجب في أن الشعراء يستخفون بها، على الرغم من أنهم يجدون انفسهم فيها مصادفة". وفي رأيي أجد كأن هذا الكلام قيل عن رواية مفلح العدوان "العتبات"، فهي رواية تأريخية بأسلوب أدبي حديث، تتناول المكان والزمان والناس والتراث بتفصيل متناه في دقة التخييل والذكاء، وكأن كاتبها يسير على صراط دقيق وخطير، محاط بالماء عن يساره، وبالنار عن يمينه، فإن أي سقوط له يمينا او يسارا، يعني الضياع والموت الصعب، فاختيار الكاتب لهذا السبيل الصعب، متحديا كل المستحيلات والصعوبات، له أهدافه التي نظن أننا نقترب من إدراكها بعد قراءة النص، ولا نستطيع أن نجزم إن كان المكان يعكس جزءا او فترات من سيرة الكاتب الذاتية، لكن مخياله الواسع يجعلنا في حيرة عما إذا كان الكاتب عاش في المكان نفسه في فترة من عمره، أو في بيئة تشابهها، لأن الوصف فيه من الحميمية وصدق التعبير، لدرجة تشبه الواقع، وعلى كل حال فالمكان هو في الأردن لاشك، وكل فصول الرواية تدلنا على مدى تأثر الكاتب بذلك المكان، وفي نية الكاتب غرس جذور التاريخ والأصالة في نفوس الأهل بنصوص أدبية، ليثير أعجابنا ويلفت أنظارنا لأسرار المكان وجمالياته في النفس، مع تلك الأسرار التي أثْرتْ في المكانَ وتأثّرتْ فيه، وأثرت النص في الوقت نفسه، ولقد لاحظنا أن السارد العليم في رواية العتبات، أوشك في مرات عدة على السقوط وربما تعمد ذلك، ليشعرك بخطورة الوقوع في الضياع، لكنه سرعان ما يتدبر امره ويخرج من المواقف الصعبة بروح متجددة يعيد لضم خيوط حكايته بنشاط وبانتقال لحكاية بسيطة وسيطة يبرر بها تعقيد العلاقات في حبكة النص، دون كلل ولاملل، ولو اضطره ذلك لتكرار مواقف خاصة حتى يستعيد ثقته بنفسه وبإصراره وبقدرته على مواصلة رحلته بين كهوف "أم العرقان" وناسها، وتجددها في انتقال أهلها لبيوتها الحديثة، وتواصلا وامتدادا إلى قرية "سامتة" المجاورة، ليدلل لنا على وجود بيئة مناسبة للعيش في تلك المنطقة، وليست أم العرقان مكانا معزولا في عالم غير موجود، إلا في خيال القارئ. فمكان احداث الرواية محصور بقرية صغيرة اعتاد اهلها على العيش في الكهوف، وفي شبه عزلة وظروف ريفية بدوية بسيطة، ومحدودة الدخل والثقافة، وبسبب تعلق الإنسان بالمكان لدرجة التقديس جعلت اهل بلدة "أم العرقان" يعتزون ببيوتهم وكهوفهم لدرجة التفاني، ومفردة العرقان جمع عرق، وعرق الصخر يعني مقطع صخري قد يطول ويمتد وقد يقصر ويتكور ليكون محدود الحجم، والزلازل الجيولوجية والبراكين صهرت الصخور وانسكبت في مراحل نشأة الكرة الأرضية الأولى وتطورها حتى استقرت على شكلها الحالي، فنشأت امثال تلك العروق الصخرية لتميز المكان بها، وبعض الصخور صلبة وبعضها حثانية، وأخرى سوداء او صوانية او حمراء او صفراء، وقد تتقوس بعض الصخور المصهورة، وينحصر أسفلها تراب، فيسهل إزالة التراب او يزول بفعل الزمان ومرور القرون، فيظهر كهف صغير او كبير حسب المكان، حتى يحضر الإنسان ويحتاج المكان فيكيفه على قدر حاجته من حيت التوسع أو إبقاؤه على حاله. ويشتغل السكان والقاطنون في الكهف على توسيعه وتشعبه حسب حاجة الأسرة، فالصخور لينة في أعماقها، ويسهل نحتها، فسميت القرية بأم العرقان، لكثرة الكهوف في منطقة الرواية حسب النص، فاستفاد الإنسان من هذه الكهوف في القدم، لقلة ادوات البناء وصعوبة قص الحجر وقصور امكانيات الناس العلمية والاقتصادية والصناعية. فاتخذوا من الكهوف سكنا لهم ولحيواناتهم. فالمكان هنا هو البطل الأهم في الرواية، وعليه تقوم الأحداث السارة والضارة، والمكان يظل دائما ملجأ الإنسان ومحط انظاره، يرتبط به وبذكرياته فيه ويحن إليه مهما تباعد او كبر، فيه ينشأ الإنسان ويظل مكان النشأة عالقا في فكره ومشاعره واحلامه وذكرياته، حتى لو أبعدته ظروف الحياة والعمل، فيظل يستدعيه ويتمنى أن يتكرر عيشه فيه لو استطاع، لكن ما يعوض الإنسان عن فقد الارتباط بالمكان هو مشاعر الحنين للماضي الذي يظل يراوده دون أن ينساه مهما طالت ايام حياته. يقول فورستر: "الحقائق الرئيسة في حياة الإنسان خمس: الولادة، الطعام، النوم، الحب والموت". تناول العدوان في روايته أربع حقائق من هذه الحقائق الرئيسة، تجنب الطعام، فلم يرد له اثر يذكر ولا تداوله في الرواية بشكل يثقل النص، إلا عبورا، اما الولادة والنوم والحب والموت، فالرواية تتناول هذه الأمور بتفصيل، وحكاية وضع شفق لحملها طالت، فظلت الرواية تدور حول اثر هذه العوامل على انسان اهل "ام العرقان" وعلى المكان الذي يجسد عشق الإنسان للمكان والتعلق به. يقول ريان الصحفي الزائر لصديقه خالد ابن أم العرقان: "أعرف انك تكتب لي من الجانب الغربي من القرية، لكنك ما زلت تعيش متاهة تداخل الطبقات الأخرى من أم العرقان، وقد تزورك ذاكرة الكهوف وانت مقيم قربها". ص 17 ومن الجدير بالذكر أن مفلح العدوان قد استطاع ان ينقذنا من الملل ورخاوة التواصل في هذه الرواية الصعبة، فخلق شخصية الصحفي صديقا له إسمه ريان والذي يرغب في التعرف على الحياة في أم العرقان، ليعينه على تشكيل روايته وتنويع مساراتها حين يخشى من التكرار والسرد الممل، ثم عمد لتقصير فصولها وبسرعة انتقالاته من موقف لموقف له علاقة بالحكاية، وكأنه كاميرا متنقلة، تعرض الصور التي تعمق أثر الحدث في النفس لمدة أطول، وظل الراوي والسارد العليم يسمح لشخوص الرواية بالنطق حسب مشيئته، ليبقيَ خيط القص والحركة بين يديه، وحتى حين يسمح لبعض الشخوص بالتحدث، فإنه يظل هو المتحكم بوقت استهلال الحديث، ووقت إنهائه بفصول قصيرة، قد يصل بعضها إلى صفحة واحدة، وتماشيا مع الحداثة في الرواية المعاصرة، ومع ان موضوع الرواية وأحداثها تندرج في مسار التاريخي، فهو يظل متشبثا بنصه الأدبي، وبسرده بأسلوب حكائي معقد التراكيب، وربما أراد العدوان إظهار تفرده بنجاح يحسب له في تقطيع الزمان والمكان والانتقالات السريعة ليظل القارئ تحت رحمة الراوي العليم، وثانية يقول فورستر: "فالروائي يربكنا بعض الإرباك، وبهذا التضخيم للطبيعة البشرية تظهر الحبكة، فهناك عنصران في معظم الأعمال الأدبية: البشر الذين هم في الرواية، والعنصر الذي نطلق عليه بصورة غامضة مصطلح (الفن)، والآن نصل إلى ركن اسمى كثيراً هو الحبكة"، والحبكة هي التي تميزالكاتب، عن غيره، فمفلح العدوان تميز بحبكة ناجحة في لملمة أطراف هذه الرواية الصعبة، وهي حكاية بسيطة مختصرة، لكنه اطال بها وامتعنا بفصولها الخمسة عشر، ليجعل منها رواية وقصة تاريخية تخلده وتخلد قرية ام العرقان، مبرزة كفاح الشعوب وكناية عن اعتزازهم بموطنهم واماكنهم وطرق عيشهم، وكذلك تطورهم وصمودهم من أجل البقاء في أماكنهم التي تربوا فيها، واعتادوا عليها. ولكن كل هذا الاعتزاز والفصول المطولة والحكاية لم يكن عبثا ولا لهواً أو للترفيه، لكنه في المحصلة لتضخيم غدر المستعمر الأجنبي التركي، وتضخيم هول المجزرة التي قام بها الأتراك في سكان أم العرقان، ولولا نقص المعلومة التي جعلت الترك يقررون الانتقام من اهلها، لكانت الرواية وثيقة تاريخية تعجز كتب التاريخ المتخصصة عن تخليدها، لكن الأوهام والخيالات ونبع الماء وخروج الناس من الكهوف للمباني الحديثة، كلها لم تكن مبررا، لنقمة الترك على أهل ام العرقان، وظل السر في بطن الشاعر كما يقولون، ومات من مات من أهل ام العرقان، دون أن نعرف لماذا تم ذلك القتل الجماعي، ولكننا هنا ننبه إلى الأساطير والأفكار الخيالية والتصورات التي غطت على معظم ما جاء في الرواية من أحداث، ("السواد غربان ترفرف أجنحتها مؤذنة دائما بالنحس، وبانكسار الحظ" ص 40 وأثر السحر وإيمان الناس به "سعى الماء بلهفة إليه، كان مستقرا كأنه جلمد ، ولم تنز منه اية قطرة على الأرض، تأمله قليلا، ثم أخذ يؤرجح الماء مثل طفل رضيع، ومع كل قفزة إلى الأعلى كانت هيئة الماء تتغير لتصير مرة كرة، ومرة نجمة، وتارة قارورة، وتارة أيقونة، وعندما فك أصابعه من تشابكها العجيب رجع الماء إلى مصبه" صفحة 15 من الرواية، "كان الجن في خدمتهم، ومع الجن سخروا الأرواح الهائمة لتصير تابعة لهم" ص 125 او قد تكون هذه الخيالات هي إحدى أهم أسباب الغضب التركي على اهل ام العرقان، وأحسن مفلح العدوان في إشغال بالنا وإقناعنا بالخوارق، لأن الخيال يستخدم الخوارق عادة، لكن ليس مطلوبا من الأديب تفسيرها، كالسحر والإيمان بالجن والأرواح والتنبؤات والتنجيم والنبوءة وقراءة الطالع والخوارق،ففي وصف حلم سعدى "نامت بعد طول سهر مشبع بالكوابيس، وبهجوم تتخيله لأذرع تخرج من جدران الكهف تريد خنقها ... الخ" صفحة 69 فقد تنفذ قوة الخيال إلى كل زاوية من زوايا الكون او كهوف ام العرقان، لكنها لا تصل إلى القوى التي تسيطر عليه، وروايات هذا النوع تتمتع بخاصية إرتجالية هي سرّ قوتها وسحرها. ولكن يبقى سر نقمة الترك على اهل البلد غامضا، "لم يفهم حمدان مبتغى التركي في طلبه هذا، فالمكان قريب من عين الماء، ولا أحد يشغله، وليس هناك بناء يجاوره إلا الجامع وبيت المؤذن، لكنه حتى يخرج "ام العرقان" من حيرة مستقر الغرباء، قال افعلوا ما تريدون متجاورين مع الجامع، فليس للغريب مع غربته إلا مجاورة الذكر، ومجاورة بيوت الله" صفحة 43 مع ان أهل ام العرقان استبشروا خيرا بقدوم الغرباء "لم يستوعب اهل ام العرقان ما سمعوا، لكن الهمس أخذ يتنامى بينهم، كأنه النمل، يسير أسراباً، وراء بعضه، حاملا قمح الموافقة، وعبارات الاستبشار بهؤلاء المباركين" صفحة 19 إن الترابط والتماسك وحتى التمزق والانقطاعات المفاجئة يجعل القارئ يقف حائرا في قلب الحدث وتدرجه، لأن التشتت الذي تمادى فيه الكاتب يبعثرك، ويضعك في حيرة من امرك، حتى يجعلك العدوان تعتاد على هذه الحال، بعدها تصبح بطلاً مشاركا للراوي العليم خالد وتعامله مع جدّه، وصديقه الأجنبي ريان في النص والبحث والمتابعة، وتجد نفسك بمهمة بحثية، وكأنك متداخل مع نفس الساردين، وتود لو تكون حاضرا او اقرب بكثير مما سمح لك الراوي العليم، لتسمع اي همس يدور في نفوس الشخوص او ما كان يشغل بال سعدى، وسرّ اختفائها، وربما غيرة من شقيقتها التي تزوجت، فأصابها مسُّ ذهب بعقلها، لكن سرّ اختفائها ظل غامضا كمصيرها، إذ بقي سر اختفائها أو موتها مجهولا ومكانها غير مكتشف، ولكننا استفدنا كثيرا واستمتعنا بمحاولاتنا فهم سر ذلك الكون الذي خلقه لنا مفلح في رواية (ام العرقان) ومما جاء على لسان ريان صديق خالد في الرواية ص 29 "انثر رداء سلامي في أذن جدك، وبلغه انني آت، لأرى الحقيقة بعينيه، واسمع الأحلام والأصوات من لسانه"، وعلينا أن نعترف أن هذه الرواية ذات خصوصية تختلف كثيراً عن الدارج، حلم او كأنها الحلم، قد ترى الحلم ممتدا لسنين طوال أو لقرون، لكن بعد انتهائه والصحو منه، تكتشف انك شاهدت كل الأحداث في لحظات ماقبل الصحو، رواية أردنية متميزة، تبرز حرص كاتبها على الوفاء للأرض والمكان والتاريخ، حفاظا على التراث وتطويره، وعلى إصرار القدرة على الصمود والتحرر والخلود، عبر توالي الأجيال والمقاومة والصبر والانتصار، فالموروث الشعبي يشكل العصب الرئيس في هذه الرواية، وتلك مهمة خطيرة تنطع لها مفلح العدوان، وربما أراد التفرد بهذا النوع من القص فوفق فيه، ثم إذا كان الغرباء ينجذبون لأم العرقان، فكيف بأهلها الذين نشأوا بها، والذين انبثقوا من بين صخورها وعروق تلالها والكهوف، ثم إذا كانت الجن والأرواح أبت ان تغادر تلك الكهوف، وشقوق العرقان، فكيف بناسها الذين شربوا من ذلك النبع العجيب المسحور، وسرت مياهه في دماء كل اهلها؟ ومن امثلة تماهي مفلح العدوان مع الأرض والمكان في روايته، "فتملآ الأرواح والأصوات مساحات المكان المقدود من الصخر" ص 32، ثم يكمل وصف حياة الناس مع دوابهم في الكهوف الصخرية ونرى فيها تفصيلات كثيرة عن وصف حياة الناس في أم العرقان "ومزاحمة الدواب للبشر، وروائح إكتظاظ المغائر بالأنفاس المختلطة للبشر والحيوانات" ص 32 وخاتمة القول، وجدت أن مفلح العدوان يتميز بتعابير خاصة ينفرد بها، وينحت الكثير من التعابير والمفردات المألوفة بمهارة خاصة تميزه، لينتج صورا بلاغية جميلة، ومن أمثلة تلك التعابير: "تمسح بزيت الانبهار على وجه التوق من روحك" منتصف صفحة 62، "نبش القصة التي علقها على حبال الحيرة قبل يوم.." صفحة 91 ، "عيناه تسيران إلى ملكوت مغاير لما أعرفه" 92 ، "وأنتم تتلعثمون بالدماء" 98، "تسبح فيه الحقائق على نسيج الخيال" ص 128 ومن خصائص كتابته أيضا، البدء بظرف الزمان او المكان، مثل: "ليلا نهضت من فراشها" ص 123 ، وكذلك "وحدها سعدى كانت" نفس الصفحة. وثمة تعابير تخالف المألوف والدارج في اللغة، مثل "بدأت تظهر ملامح البيوت من بعيد" صفحة 103 فتكرار فعلي حركة متتابعين "بدأت وتظهر"، وكان الممكن صياغة هذه الجملة: بدأت ملامح البيوت تظهر من بعيد، "لم تستطع تلك المساحات المحدودة أن تجمع داخلها الناس وقصصهم.." صفحة 107 فقدم ظرف الزمان التوضيحي على المفعول به، فكان من الممكن صياغتها: ان تجمع الناس داخلها، "كررت على مسامع أهل القرية الحلم" ص 109 والأفضل، كررت الحلم على مسامع ... الخ ، "قاطع تفكيري الجد بقوله... " صفحة 128 والعادة ان الفاعل يتبع الفعل مباشرة والمفعول به بعد الفاعل، لنقول قاطع الجد تفكيري، "ما إن خبا فانوس الكلام عندهم، حتى استلم زمام الحكاية الدواج" 131 ، وربما أراد حتى استلم الدواج زمام الحكاية، "وكان خالد واضحة على وجهه ملامح الدهشة" 136 ، وربما لو جاءت: كانت ملامح الدهشة واضحة على وجه خالد، لكنني أعتقد أن مفلح أراد بهذا الأسلوب التنويع وعلى طريق ابتكار منهج خاص له يعرف به. وكما قلت هذه الملاحظات هي من واقع حواري مع النص على مبدأ موت المؤلف بعد أن تخرج المادة للنشر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العتبات رواية مفلح العدوان صادرة عن دار الأهلية للنشر والتوزيع، بطبعتها الأولى عام 2013، وتقع في 156 صفحة من القطع المتوسط، ومن ستة عشر فصلاً.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم