صدرت للكاتب والصحفي التونسي محمود حرشاني هذه الأيام رواية جديدة تحمل عنوان "مرايا الروح" جاءت في 125 صفحة عن منشورات موقع الثقافية التونسية.وهذه الرواية هي الرواية الرابعة التي تصدر للكاتب بعد رواياته السابقة (حدث في تلك الليلة) و(ولد الموجيره) و(طريق الحرية)، روايات قوبلت بحفاوة كبيرة من قبل الكتاب والاعلام التونسي الذي احتفى بهذه الاصدارات لكاتب عرف اساسا كونه صحفيا ومنتج برامج إذاعية وتلفزيونية. ومثلما قال احد النقاد فان محمود حرشاني كان يخفي الكاتب الكامن فيه مقدما عنه شخصية الصحفي التي اشتهر بها.

تحفل رواية "مرايا الروح" الصادرة أخيرا للكاتب محمود حرشاني بالكثير من الأحداث التي يعيشها المجتمع التونسي فهي مثلما قال عنها الكاتب والروائي عبد القادر بن الحاج نصر رواية تستحضر ماض قريب عاشه الشعب التونسي  وشكل جزء من الذاكرة التونسية.كما تتميز هذه الرواية بتعدد الشخصيات التي تطل من ثنايا الرواية ولكل شخصية مجال تدخلها الى جانب احتفاء الرواية بالمكان حتى انك تشعر وأنت تقرأ الرواية ان الكاتب يريد ان يأخذك معه الى هذه الاماكن التي يتردد عليها التونسيون  وتشكل جزءا من المجال الحيوي لتونس مثل  شارع الحبيب بورقيبة وانهج القاهرة وكمال أتاتورك وشارع باريس والمدينة العتيقة ونهج جامع الزيتونة والقصبة وشارع باب بنات الى جانب المقاهي والمطاعم التي يرد ذكرها في الرواية..

يقول الكاتب والروائي عباس سليمان في معرض حديثه عن رواية مرايا الروح للكاتب محمود حرشاني //قرأت روايتكم الجديدة "مرايا الرّوح" الصّادرة حديثا. الرّواية سيرة ذاتيّة تلقي الضّوء على حقبة من تاريخ صاحبها وتجربته مع الصّحافة والإعلام والنّشر، غير أنّ ما شدّ انتباهي أنّها فتحت لها نوافذ كثيرة لتطلّ عبرها على المجتمع والسّياسة والثّقافة، فاستطاعت أن تتجاوز كونها سيرة شخص بعينه لتكون سيرة وطن بأكمله في مرحلة من مراحله. لقد كانت "مرايا الرّوح" رواية صدقٍ إذ سمّت الأشخاص بأسمائهم والأشياء بمسمّياتها مبتعدة تماما عن المجاملات وعن كلّ أنواع العداء، ووقفت لكاتبها موقف لوم ونقد في كثير من الأحيان، وثمّنت أدوار رجال كثيرين ونساء كثيرات كانت لهم على الصّحافة والكتابة أفضالٌ مُثبتةً أنّ الأدب هو من ينصف هؤلاء لا التّاريخ.

 "مرايا الرّوح" قابلة لأن تتحوّل إلى فيلم تلفزيّ يصوّر متاعب مهنة لا يعرف منها النّاس غير ظاهرها ويوثّق مواقف وأعمال أشخاص حقيقيّين أمسكوا على امتداد مراحل محدّدة بدفّة الإعلام والنّقد والثّقافة والادب.

ويقول الروائي الكبير عبد القادر بن الحاج نصر عن رواية مرايا الروح للكاتب محمود حرشاني //أهداني الإعلاميّ الكبير محمود حرشاني إصدارا جديدا له يتمثّل في نصّ روائيّ يحمل عنوان - مرايا الرّوح – وهذا الإصدار هو واحد في سلسلة من العناوين الّتي نشرها محمود الحرشاني على مدى سنوات طويلة من ممارسة الثّقافة والإعلام والأدب جعلت منه أحد أقطاب الإعلام الجهويّ وكذلك على صعيد الوطن والعالم العربيّ.

مرايا الرّوح رحلة في زمن مضى اتّسم بالصّراع المرير في دنيا الفكر والصحافة وهو صراع فيه الكثير من الإحباطات والنّجاحات لكنّه اتّسم بالإصرار على الإبداع والتحدّي والمواجهة فكان التميّز على كلّ الأصعدة بشهادة الجميع.

ويقول الكاتب والروائي محفوظ الزعيبي  في شهادته عن الرواية.

نعم تعلق السارد بالامكنة و المعالم المبثوثة في العاصمة و شغلته كثيرافقدم لوحة ممتازة نابضة عن شارع الحبيب بورقيبة و المسرح البلدي و مقهى الانترناسيونال و تمثال ابن خلدون و مقهى الروتاندة و نهج كمال اتاتورك و مقهى افريكا و مبنى الإذاعة و التلفزيون و جميعها في باب البحر ثم مر بنا إلى أسواق المدينة العتيقة و تجول بنا في رحاب جامع الزيتونة و الأسواق و الانهج المتاخمة له. وضيف قوله في موقع اخر // براعة الروائي تتمثل في تمرسه و عدم اهماله لعامة المسائل والقضايا بما في ذلك العادية منها كالجلوس في مقهى او دخول مطعم أو ربط لقاء مع صديق أو شخصية مهما كان نوعها.

فالقارىء يستسيغ هذا التطريز و يتماهى مع الأفكار المعبرة الأخرى التي تعالج قضايا هامة كالاخلاق و العدالة و الحرية والكرامة..و اقول ان الواقعية المفرطة التي توخاها الكاتب قد استوعبناها و تعاملنا معها و هي من سمات بعض الروائيين الذين يتمسكون باسلوبهم لنشر هذه الأحداث الواقعية برمتها دون الاتكاء كثيرا على الخيال لتسويق النص و الجنوح بالقارىء الى عوالم اكثر اتساعا و مسافات؟ 

البطل الرئيسي للرواية اسمه انور رجل مهوس بحب الصحافة منذ ان كان تلميذا ويغامر ببعث جريدته الخاصة وهو يتنقل من المدينة التي يقطنها داخل الجمهورية الى العاصمة بشكل دائم للإشراف على طباعة جريدته التي حولها الى مجلة سرعان ما اكتسبت شهرة واسعة عند القراء ولكننا نراه في كل مرة يتساءل // ألا يوجد لهذه الرحلة نهاية ؟/ ثم في مكان آخر نجده يقول// متعبة جدا هذه المهنة او هذه المحنة .الصحافة كما القطط تأكل أبناءها عندما تجوع. وفي تونس كما في العالم العربي العشرات من الصحافيين اعطوا اعمارهم للصحافة وخرجوا منها بعاهات او يحملون امراضا مزمنة. في تونس نجده بتردد على المجالس الأدبية  هذه التي اجتهد الكاتب في ابرازها في الرواية ولم تعد اليوم موجودة بسبب غياب أصحابها  مثل مجالس ابوزيان السعدي ومجالس توفيق بكار ومجالس الميداني بن صالح.

ورغم ما يشعر به الكاتب من تبرم فإن ما يخفف عنه هو ما يلقاه من تشجيع من قبل الحكومة.ففي اللحظة التي يقرر فيها ان  ينهي صلته بالصحافة  ياتي التكريم الرئاسي باقتراح من وزير الثقافة لبعيد له الثقة في نفسه// خرج مزهوا من قصر قرطاج ولا يزال صدى تصفيق الحاضرين من الوزراء والمثقفين المدعوين لحضور عيد الثقافة في قصر قرطاج يرن في اذنه..إنه اليوم الذي انتظره.. تذكر أولئك الأوباش الذين حاولوا عرقلته . تمنى ان يصفعهم واحدا واحدا لقول لهم  هاان الدولة في أعلى رموزها تعترف له بالفضل وتمنحه اعلى الاوسمة تكريما لجهده. تمنى ان يهدى التكريم الرئاسي لوالده.ولاساتذته الذين كانوا يقولون له انت مشروع صحفي كبير في تونس..في الرواية مجالات اخرى مثل قضايا الاتجار بالبشر في علاقة نورهان المطلقة برجل الأمن المتقاعد الذي يحاول توظيفها في جمع معلومات ولكنها تفلت منه لتقع في شراك محام نهم للجنس يستغلها جنسيا مقابل الاشتغال في مكتبه لانها في حاجة الى المال كما تنفتح الرواية على عاهات وآفات أخرى يعاني منها المجتمع التونسي خلال العشر الأخيرة مثل الاتجار في الممنوعات وترويج المخدرات والسرقات والبركاجات من خلال نماذج لمنحرفين اختارها الكاتب بدقة كشخصية المسمار وكرموسه.ومنشار وهي تسميات لنماذج من الشباب المنحرف الذي يستسهل الحصول على المال عن طريق الانحراف.

في الرواية ما يلفت النظر أكثر هو تعمد الكاتب ان تكون الشخصيات  النسائية التي يرد ذكرها كلها شخصيات تعاني من اتعاب واحيانا ليست سوية   وهو ما يجعلنا نطرح اسئلة لماذا اختار الكاتب ان يركز على هذه الشخصيات مثل شخصية نورهان وشخصية حنان التي تعاني من البرود الجنسي لزوجها وشخصية الهام النادلة في مقهى والقادمة من احدى مدن الجنوب بعد طلاقها من زوجها الذي يعاني من مرض مزمن لا يقبل العلاج  فتخير الانفصال عنه بعد ان استفحل مرضه لتجد نفسها محط أنظار وملاحقة عشاق اللذة الحرام لاعتقادهم بانها لقمة سائغة سهلة الاصطياد.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم