"للا السيدة" لطارق الشيباني: رواية خالية من أي تجديد
مثلت الرواية وجبة باردة من حيث المضمون وطبقاً متسخاً من حيث الأسلوب واللغة التي تنفر القارئ من التذوق، وحتى إن أصر، فيفعل ذلك على مضض، فكم الأخطاء اللغوية كبير إلى جانب التراكيب التي لا تتسم بالسلاسة، ليست المطلوبة فحسب، حين تتم مطالعة الأدب أي من المنطقي انتظار لغة تتسامى ولا تتعامى.. المهم أن تصاغ الفكرة بأي طريقة كانت، كأن المؤلف يود التخلص، فيكشف أنه لا يستمتع بلعبته السردية فكيف سيستسيغ القارئ النص؟
هذا يبوب أيضا في عدم احترام القارئ لأنه لم يبذل مجهودا لمراجعة نصه وتهذيبه وتشذيبه.
يتمادى عدم الاحترام في تقديم مضمون شبيه، وجبة باردة، تم تسخينها مرارا وتكرارا من طرف جملة من المؤلفين حتى ما عادت تثير شهية ولا تتحمل " تجميرا".
الرواية مزج بين تراجيديا ما ترجمه المنفلوطي وسيناريوهات بعض الأفلام الغربية ذات الغاية الربحية، تلك التي تقدم للجمهور تشويقا مزعوما وتعاني الشخصية، وإن لم تبلغ دقائق هذه المعاناة ولم نشعر بها إلى درجة تثير في النفس اللامبالاة بحكاية عادية "ملاكة"، سبق وعرضها المنفلوطي الذي اختار لها بعد الانفراج والتوقف عن بيع الجسد نهاية مأساوية اعتبرتها تعبيرا عن تخليصها من "ذنبها"، أما في هذا النص، تفقد القدرة على تصديق الأحداث، قد تحصل المصادفة..يجوز..لكن، تصطف سلسلة كاملة من المصادفات التي تصب جميعها في صالح الشخصية ووفق هواها..ونهاية سعيدة يخرج بعدها المشاهد الرومانسي من قاعة السينما بتضخم في منسوب الحلم الذي قد يتورم ويعجز عن المشي في شوارع الواقع ويجد نفسه مشلولا على عربة يدفعها الوهم.
إن استعمال لفظ عاهرة، وهو تماما كلفظ "عانس"، عار من الموضوعية ولا يتحلى ناطقه بالمنطق البسيط في توصيف الأشياء، حكم أخلاقوي لا يستند على دعامة ثابتة، فتاة اختارت أو اضطرت إلى المتاجرة بجسدها نطلق عليها "عاهرة"، ومن تبيع روحها، ماذا نطلق عليها، أليست من ذات منطق البيع والشراء عاهرة بدورها؟ دون الإيغال في التطرق إلى تثبيت النظرة القاصرة التي تحسب أنها تدافع بطريقتها على هذه الفئة، فتوسع الهوة بين الجنسين ولا تصف الذكر الذي يرتاد هذه البيوت بأي وصف..(حقه يتفرهد ما دام المؤلف يرسخ أن السلعة علامة مسجلة " عاهرة")..المؤلف مسؤول وعليه تحمل مسؤوليته في الحث على تجاوز الأفكار المقولبة الجاهزة التي اكتسبت معناها من التراكم الرمزي الذي لا يتم مساءلته فيغدو نمطا.
يغدو النص أحيانا شبيها بموضوع إنشاء وأحيانا أخرى لاختبار تاريخ يستعرض فيها التلميذ معلومات جافة دون تنسيق ممتع....
لكنه، توجت الرواية بجائزتي المعرض التونسي للكتاب والكومار، ما يدفع للتساؤل عن مقاييس فوز نص ما: أليست الجدة والفرادة والإقناع والإمتاع من بينها؟
ـــــــــــــ
المقالة تعبّر عن رأيب صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي موقع الرواية
0 تعليقات