أحمد صلال - الرواية نت - باريس

"خليل الرز" روائي سوري من مواليد مدينة "الرقة" عام /1956/، تربى في سوقها القديم بالقرب من أبيه التاجر، درس في كلية الآدب بجامعة "حلب"، ثم تم ايفاده من قبل الحزب الشيوعي السوري عام /1984/ إلى روسيا لتعلم اللغة الروسية في موطنها الأم، وهناك عمل في إذاعة تتوجه إلى الجمهور العربي، وعمل في الترجمة فنقل أعمال كتاب روس كبار إلى اللغة العربية كان أبرزهم "انطون تشيخوف"، ثم عاد إلى سورية عام /1993/، وعمل في وزارة الثقافة، الهيئة العامة للكتاب، وصدر له في مجال الرواية "سولاويسي" /1994/، "يوم آخر" /1995/، "وسواس الهواء" /1997/، "غيمة بيضاء في شباك الجدة" عام /1998/، و"سلمون إرلندي" /2004/، وآخر عمل له كان في مجال الرواية، حمل عنوان: "أين تقع صفد يا يوسف".‏

1ـ "رغداء" تتلقى سطور "رفيق السكري" الذي يسافر فجأة إلى "الرقة".‏ 

2ـ من هو "رزق الله إسحق"؟ كيف كانت "رغداء" قبل عشرين عاماً.‏ 

3ـ "رغداء" الطالبة الراسبة بالبكالوريا تلتقي الشاعر "قدري باشا".‏

4ـ من هو "قدري باشا"؟‏ 

5ـ "رغداء" تريد أن تصبح شاعرة.‏ 

6ـ رئيس المنطقة يغضب في عيد الشجرة.‏ 

7ـ "رغداء" لا تريد أن تكون بائسة في عشاء "قدري باشا" الأخير.‏ 

8ـ "رغداء" تريد أن تصبح مسيحية، "رغداء" تريد أن تصبح رسامة. "رغداء" تلتقي "رفيق السكري" لأول مرة.‏ 

9ـ قبل وصول "رفيق السكري" إلى "الرقة"، من هو "سعد البصري"؟‏ 

10ـ "رفيق السكري" يصل إلى "الرقة".‏ 

11ـ "رغداء" لا تريد أن تصبح روائية عندما يعود "رفيق السكري" إلى "دمشق".‏ 

وباستثناء اللوحة الأولى والأخيرة، ليس هناك تماسك بالنص من حيث الوحدة "الزمكانية" والشخوص، وهذا لم يكن اعتباطياً أو عشوائياً، إنما لغرض في نفس "خليل الرز"، سنوضحه فيما بعد من خلال التعريف بهذه الرواية، وملخص هذه الرواية "رغداء" شابة تحلم أن تصبح روائية، تضعها الأقدار على طريق "رفيق السكري"، كاتب الرواية التاريخية المعروف: «لقد فهم "رفيق السكري"، وهو في "دمشق"، إن الرياح أصبحت مواتية لأن ينال درجة الدكتوراه من معهد روسي مرموق.‏ 

إن علاقاته، ككاتب كبير وناشر، ليست أقل تشعباً وسطوة من أن يحصل على الوعود الأكيدة بالمساعدة والمعلومات اللازمة خلال ثلاثة أيام. و"رغداء" هذه ابنة "رزق الله اسحق" الموظف بالجمارك، إنسان نزيه في عمله ومتفان في حب وطنه، ويعتبرها قطعة من الجنة، لكنه عنيف في تعامله مع أسرته، وخاصة الزوجة والأخت». 

"رزق الله اسحق" رجل يدعوك لنسيانه، جهم خجول بشاربين مشذبين، وأثر ابتسامة ملصوقة على فمه المطبق، وتظن إذا دققت أنه راض بالأثر الباهت الوحيد، الذي تتركه فيك نظافة ألبسته، فتستكثر عليه القدرة على الغضب مثلاً.‏ 

و"قدري باشا"، مثقف يساري من "حلب"، تعتبره القاعدة من الشباب الثوريين، شاعر ثوري، وهو يكتب دائماً فقط عن حبيبته التي رفضته: «حدث ذلك في مطلع شبابي بعد أن هجرتني فتاة قبل أن أهجرها بقليل، آلمني ذلك، وظننت أنني لا أستطيع العيش بدونها، ثم كتبت قصيدة لها تحت وطأة يأس شديد فباغتني أن الاستحسان الكبير الذي لاقته هذه القصيدة جعلني أنسى من هجرتني». 

سعد البصري أصله من العراق، وهو أمين سر الثانوية الوحيدة في "الرقة"، وصديق "رفيق السكري" المقرب: «وكان يسحرني أنهم يختزلوني بـ"البصري"، فأشعر أنهم يتعمدون نسبي إلى "البصرة" مقشراً حتى من اسمي الأول، وأن بصريتي القحة تسبب لهم نعيماً خاصاً لا أفهمه».‏ 

وتنتهي الرواية باكتشاف "رغداء" أنها لا تريد أن تصبح روائية: «ولكنها التقطت حقيبتها.‏ توجهت نحو الباب طبقته خلفها وعلى الدرج فقط تبين لها أنها منذ فترة طويلة لا تريد أن تصبح روائية.‏ 

يقول دافنشي: الشعر يقدم صورة عبر الحروف والكلمات، بينما يضع التصوير أشكاله أمام العين على نحو واقعي، يقدم التصوير أعمال الطبيعة للحس الإنساني بقدر من الحقيقة واليقين يفوق ما تقدمه الكلمات والحروف، ولكن الحروف تقدم الكلمات إلى الحواس بدرجة من الدقة تفوق التصوير.‏  

تكبير الصورة
غلاف الكتاب

من سبق تلخيصه من الرواية، يتبين أن أهم سمة في النص هي طريقة السرد، والشخوص السردية فـ"خليل الرز" معماري سردي من الطراز الرفيع، وباستثناء اللوحة الأولى والأخيرة كما ذكرنا سالفاً، يبدو أنه ليس هناك وحدة "زمكانية"، ووحدة بالشخوص، ولكنه كان مقصوداً، فاللوحات متماسكة، وتقدم فكرة النص الروائي كما ينبغي، وبالمقابل كانت التفكيكية السردية للشخوص، والتقهقر بالزمن والعودة به خدمة للنص، ولكن بشكل خارج عن المألوف، ولنكن دقيقين بشكل أكبر فالوحدة "الزمكانية" ترصد فترة تمتد من عام /1973/ حتى /1993/، لكنه يتناوب على سرده لهذه الحقبة بشكل مختلف، فتارة يبدأ من التاريخ الأحدث إلى الأقدم وتارة العكس، واختيار التواريخ لم يكن عن عبث، ولكن بدقة متناهية فاحتفال "رفيق السكري" باليوبيل الذهبي يتصادف أن يكون بعد مرور خمسين عاماً على نكسة عام /1967/م، ورسوب "رغداء" بالبكالوريا، عام /1948/ مع النكبة، ودخولها الجامعة يتصادف مع انتصار حرب تشرين عام /1973/.‏ 

وكذلك الشخوص المتفككة، والتي تبدو أهاليس لها علاقة بالنص، وأنها جسم غريب عنه، هي من صميم النص، وساعدت على تقديم الفكرة بشكل أوضح، وتطرفت بطريقة السرد، وخرجت عن المألوف، وهنا تكمن التطرفية الإبداعية، فالشخوص غير متماسكة ظاهرياً، لكنها حقيقة متماسكة، وهذه الحقيقة مموه عليها ظاهرياً بقصد إضفاء لمسة أكثر حيوية على النص، وتخدمه، فـ"رفيق السكري"، الروائي التاريخي المثقف، والمقرب من السلطة، والذي كان يبحث عن ذاته بالانتساب إلى الكلية الحربية، التي فشل بالالتحاق إليها، واتجه إلى الأدب، وكان دائماً يشعر أن ما يحققه خواء: «اعتقدت لفترة طويلة أنني لم أخلق إلا لأن أكون ضابطاً كبيراً يقوم بالثورة على الإقطاع والاستعمار، ولم أقتنع بغير ذلك إلا عندما اكتشفت طريقتي في كتابة الروايات التاريخية».‏ 

و"قدري باشا" الشاعر المثقف اليساري، هو رمز للأدب التجاري، أي ما يصطلح عليه بالنقد الحداثي، (افتعال الأدب): «وكان الثوريون من جمهوري يؤولون يأسي على أنه نوع من رفض الواقع المرير ودعوة حارة إلى تغييره ولا يجدون في نساء قصائدي إلا صورا لوطن من زوايا مختلفة». 

و"رزق الله اسحق" رمز للشخص الدكتاتوري، الذي يسلب إرادتنا منا، ويحاول مصادرة حريتنا، والذي يتوالد دائماً وبكل مجتمع وهذا ما تمثل بالرواية بشخصية "عساف"، الذي كان الخلف لسلف "رزق الله اسحق".‏ و"رغداء" الشخصية الرافضة أن تكون مثلما أن يحب الناس أن يروا الآخرين ويقدمون النموذج المثالي لهم، ولكنها تريد أن تكون مثلما هي تريد.‏ 

و"سعد الله البصري" رمز للجرح العراقي، الذي كان ينزف أثناء كتابة "الرز" للرواية: «أنا لم أمسك يبدي "البصرة"، ولم أرسلها إلى مكان، وما بست يد أمريكا لكي تحرر الكويت، ولكني أنام في المساء أمين سر الثانوية في "الرقة"، ثم أفيق في الصباح ناطقاً رسمياً باسم "البصرة"، وعلي أن أقوم بشيء أحفظ به ماء وجهي، لأن ماء وجهي سفح على الأرض من دون علمي.‏ 

ومما سلف يتضح لنا أن "خليل الرز"، ليس مجرد معماري سردي بارع، ولكنه مهندس سردي من الطراز الرفيع، وحتى لا أتهم بكيل المديح، وعدم الحيادية والموضوعية، فهذا الكلام عن الهندسة السردية، ليس أنا الوحيد الذي أكال له المديح، ولكنها كانت أهم نقطة توقفت عندها الناقدة الروائية المعروفة الدكتورة "أثير محمد علي"، وأكالت لها المديح.

  • كاتب وصحفي وناقد سوري

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم