زياد الأحمد

متدفقةٌ هادرةٌ كسيلٍ، وسَلسةٌ ناعمةٌ طريةٌ كزبدة الغنم.

 تُباغتنا ملتفةً بشفوفٍ من سحرِ الأساطيرِ المعتقةِ في جرار الذاكرة، تشف عن جسدٍ من ضوءٍ صارخٍ في عتمة العيون المطفأة، وسراديبِ العقولِ المُطَحْلَبَة.

مُغويةٌ مُشاكسةُ لعوب، تخاطبنا بلغةٍ منسيةٍ في أعماقنا منذُ آلافِ السنين، تلك اللغة التي تتسللُ في غفلةِ يقظةِ منّا؛ في مناماتنا وأحلامنا، منفلتةً من الزمانِ والمكانِ والجسد.

 تغمزنا بكلمات مفعمةٍ بلذّة المعصية؛ معصيةِ الزمان والمكان والجسد، لتحلق بنا عبر عدّة حيوات مرّت على "خربة عامود".

  تمسكُ بناصية العيون لتلهثَ خلفَها حيناً، وحيناً ترواغُها وتُداوِرها؛ فتختفي بين أدغال السطور، وتتماهى مع ظلال الكلمات وإيماءات المعاني، فتُجبر العيونَ على العودة صفحاتٍ إلى الوراء باحثةً عن بداية درب اللحاق بها.

أنا لا أتحدث عن امرأة؛ أنا أتحدث عن رواية "كاهن دورا" الصادرة عن دار نون4 للنشر والطباعة والتوزيع 2017 للروائي السوري الكبير عبد العزيز الموسى ابن مدينة "كفرنبل" التي كانت من أجمل أيقونات الثورة السورية، وكان أجملُها عبد العزيز الذي يقف اليوم في مهبّ الغربة عارياً إلا من قلمه في وجه الأمل الصخري الأسود، والمرض القاهر.

 ينتصب بشموخه الموروث منذ أيام كاهن دورا؛ وحيداً يعاقر خمرة قلمه، ليعلنَ انتصارَه بذاك القلم الذي ما أبقى له الطغاة شيئاً غيره، يعلن انتصاره للحياة على كلّ دعاة الموت الذين قتلوا وطنه، يعلن امتداد الحياة التي بدأت من عماء "جايا" الأم، البحر، الأولى، يعلن استمرار بحرها عبر حبر قلمه الذي أنجب "كاهن دورا" ومن قبلها إحدى عشرة رواية أخرى.  

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم