متحف منتصف الليل.. مغامرة سردية
رواية تبدو للوهلة الأولى ملتبسة ومشتتة بحبكتها ، كان واضحاً تدخل الروائي باسم القطراني في مصائر شخوصها ، وإبتكار مسوّغات وإن بدت مفتعلة لإدامة الصراع فيما بينهم ، غير إنها بمجمل تفاصيلها كشفت عن واقع دموي ومرير ومرعب صادف الكثير من العراقيين أبان نظام إستبدادي إستمر بدمويته ووحشيته حتى بعد سقوط صنمه في ساحة الفردوس من قبل عصابات ظلام تكفيرية والذين هم بالحقيقة من أزلام النظام السابق ولكن حضروا بأشكال جديدة داخل المتن السردي .. حردان ، فرهاد ، سميرة الشخصيات التي شكلّت الركائز الأساسية للرواية ، تفرعت منها شخصيات أخرى أذكت جمرة الصراع ومنها كمال ، أسعد ، جميل ، وطفل سميرة المنغولي ، أما المصادفات التي حفلت بها الرواية فكانت مقنعة ومنها لقاء حردان بفرهاد بعد إختطاف الأول من قبل عصابة خلال عودته من بغداد الى البصرة ، أقول مقنعة لأن جذور شخصية فرهاد البوليسية والنفعية تدعنا نؤمن ان بوسعه القيام بدور قاتل عندما تتوفر الفرصة لذلك ، ولذا نراه يتحول من عميل الى إسرائيل في زمن النظام السابق الى أمير إرهابي بعد الإحتلال ، كما ان خطف المنغولي من قبل كمال عشيق سميرة والذي كان مراسلا لزوجها الضابط حردان فيما مضى بهدف الحصول على المال ، حادثة لا غبار عليها ويمكن ان يرتكب هذه الأفعال الدنيئة شخص وضيع بمواصفات كمال الذي اصبح سائق سيارة أجرة .. لكن الرواية برغم تواتر أحداثها لم تقدم ماهو جديد على مستوى الأفكار والوقائع ، فالروائي كتب عن جرائم يعرفها الجميع على المستوى المحلي لكن القارىء العربي يجهلها بالتأكيد وربما تدهشه هكذا أحداث دامية .لقد إثارت إعجابي لغة الروائي ورشاقة السرد الذي يتمتع به قلمه ، بل أن لغة الرواية وجدتها من الدروس الثرية التي انتفعت بها شخصيا ، أضف الى تقنيتها الفنية الواضحة وإن شابها بعض التلكؤ والإفتعال مما جعل الإثارة لمتابعة الأحداث تخفت شيئا فشيئا ، وتبقى رواية متحف منتصف الليل مغامرة سردية تتصف بالذكاء وتستحق الإشادة والإنتباه . ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
- عن جريدة الصباح العراقية
0 تعليقات