الأصدقاء والصّديقات الأعزّاء في مصر الحبيبة وكلّ مكان، يؤسفني ويحزنني جدًّا ويؤلمني أن أعلن لكم الكاتب والرّوائي المصري طارق إمام لصًّا، اقترف جرم الاختلاس "الأدبي" عن سابق إصرار وتصميم وترصّد. ومع ذلك، حظيَ بدعم وتغطية واحترام ومديح، لن ينساه تاريخ القاهرة بشكل خاصّ، ومصر والعالم العربي بشكل عام.

إلى التفاصيل:

1 ــ في 02/04/2022 نشرت بوستًا على صفحتي في الفيسبوك، ذكرت فيه: (مساء الخير الروائي المصري طارق إمام

مساء الخير "ماكيت القاهرة" وكل روايات طارق إمام

مما لا شكَّ فيه أن الاحتفاء بأيّ كاتب أو كاتبة على مكانة مرموقة من التكريم حققه إبداعهما، كالفوز بجائزة أو الوصول إلى القائمة القصيرة لجائزة أدبيّة مهمّة، هذا الاحتفاء شديد الأهميّة والضرورة في حياة كلّ المجتمعات والأوطان والأفراد، ومن طبائع الأمور في الحياة الثقافيّة. لكن المديح المبالغ فيه، يصنع أو يخلقُ كاتبا مُبالغًا فيه. وعليه؛ هناك ظاهرة غريبة في الوسط الثقافي، فتحت عندي قوسًا للتساؤل والحيرة، وهي أن طوفان المدائح النقديّة الذي حظيت وتحظى به رواية "ماكيت القاهرة" للروائي المصري طارق إمام، يكاد أن ينسينا أن هناك خمس روايات أخرى في القائمة القصيرة لجائزة البوكر. ذلك أن الإعلام والنقد والسوشيال ميديا في بلدان الروائيين والروائيّات الخمسة الباقيين، لم يتعاملوا بذلك المديح المهول الذي حظي به إمام! بل ليس من المبالغة في شيء القول: إن كتّابًا مصريين آخرين وصلوا إلى القائمة الطويلة والقصيرة لجائزة البوكر، لم ينالوا ربع ما ناله إمام من الاحتفاء والمديح. طبعًا، لا يفهمنَّ من هذا البوست أن طارق إمام وروايته لا يستحقان التقدير والتكريم والمديح. أبدًا. أكرر؛ المديح المبالغ فيه، يخلق كاتبًا أو كاتبةً مبالغًا فيهما. المديح المبالغ فيه، يظهرُ ربعَ أو نصفَ ما يخفيه. ومن الإبهار ما أفسد (...) أخشى مما أخشاه، أنه في حال عدم فوزه، لا سمح الله، تبدأ موجة معاكسة للموجة السابقة، (...) والحال أننا هنا، إزاء ظاهرة خلق الزعامات الثقافيّة والأدبيّة بالمدائح، ولسنا إزاء حالة فرديّة عنوانها؛ الروائي المصري طارق إمام. ظاهرة تحتاج إلى مراجعة ودراسة وتحليل نقدي سوسيوـ ثقافي، لئلا يساهم المديح الزائد في إفساد تجارب شابّة مهمّة واعدة، وكيلا يفقد النقد المزيد من مصداقيّته أيضًا.

أتمنّى للروائي المصري طارق إمام التوفيق والنجاح في حياته العاديّة والمهنيّة، سواء أفاز بالبوكر أم لم يفز. وقد هنأته بوصوله إلى القائمة الطويلة والقصيرة للبوكر. وأهيّئ نفسي لتهنئته على فوزه بها أيضًا). انتهى الاقتباس.


2 ــ وفي 19/04/2022، نشرت على صفحتي بوستًا تعليقًا على رأي الناقدة السعوديّة نورا علي في رواية "ماكيت القاهرة"، ذكرت فيه: (

مساء الخير "ماكيت القاهرة"

مساء الخير طارق إمام

مساء الخير نورا علي

قراءة جميلة وممحّصة وفاحصة، لم تشذّْ عن مجالس الاحتفاء التي تعقد لهذه الرواية، هنا وهناك. سيكون لي وقفة مرتقبة مع هذه الرواية، لن تكون ببعيدة. (...) في تقديري المتواضع؛ من معالم الازدحام والاكتظاظ في القاهرة، وفرة الكتابات الروائيّة عنها، والمستندة إلى التحوّلات التي طرأت عليها، منذ فترة حكم سلالة محمد علي باشا ولغاية الجمهوريّة الأولى، وصولاً لثورة 25 يناير 2011 وما بعدها. تلك النصوص، هي أيضًا، باتت عبئًا على المدينة، بحكم التكرار والتراكم الذي لم يضِفُ أيّ معنى مختلف. وهنا، يمكن طرح سؤال: ما الذي أضافهُ طارق إمام إلى ما كتبه الروائيون والروائيّات في مصر، (وتحديدًا أبناء القاهرة) عن هذه الحاضرة والمدينة العريقة؟ نسبة الإضافة الجديدة المختلفة المغايرة في "ماكيت القاهرة"، هي الاستثناء أو الإبداع الذي يمكن التحدّث عنه. إذا حاول كلُّ روائي أو روائيّة إعادة إنتاج ما كتبه نجيب محفوظ أو غيره، عن القاهرة، دون إضافة أو بصمة، أو من زاوية مختلفة، فهذا عودٌ على بدء، وليس من الإبداع في شيء.). انتهى الاقتباس.

رابط البوست:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=296538255965757&id=100068287532013


سؤالي المطروح في ذلك البوست، والوارد في المقتبس منه، كرره الإعلامي والروائي المغربي، الصديق العزيز ياسين عدنان، أثناء إجرائه حوارًا مع الذين وصلوا إلى القائمة القصيرة، وحاول عدنان الإجابة عليه، في حين أن إمام لم يجب على السؤال:

رابط جزء من الحوار

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=421727203299651&id=100063871244412


3 ــ قرأت "ماكيت القاهرة" النسخة المتداولة على شبكة الانترنت، وراعني ما رأيت. سجّلت ملاحظاتي وانتقاداتي، ووثّقتها بالاقتباسات وأرقام صفحاتها، كعادتي أثناء كتابة المقالات الأدبيّة. لم أشأ نشر المقال قبل إعلان لجنة البوكر عن اسم الفائز، لئلا يتم تفسير الأمر على أنه محاولة تشويش وتأثير على مزاج وقرار لجنة التحكيم. وذكرت أنني سأنشر رأيي، بعد الإعلان. وهذا ما جرى. وللعلم، الملاحظات والانتقادات الواردة في المقال، قلّصت وخفّفت منها. ذلك أنها كانت تزيد عن ما هو وراد في المقال.

https://alriwaya.net/post/structure-of-novels/makyt-alkahr-ltark-mam-alaaasm-bosfha-mstshf-mftoha-llamrad-alaakly?fbclid=IwAR2xQEyRCeKlABYuCvb2PeKD1rqdgInd9PXZLBRgyRASWdUMs1WCb0lPv10


بعد انتهائي من كتابة المقال، وصلتني معلومة عن فيلم وثائقي يتناول حيوات مدينة نيويورك الأمريكيّة، موجود على "نتفليكس". لم أشأ البحث والتحرّي عن الأمر. وأبقيت المقال كما هو. بعض الأصدقاء اقترحوا عليّ نشر المقال قبل إعلان النتيجة، لكنني رفضت ذلك. وطلبت من الصديق الرّوائي والناقد هيثم حسين، المشرف على موقع الرّواية، نشر المقال بعد مرور يوم على الإعلان عن فوز الرّوائي الليبي محمد النعّاس بجائزة البوكر. ولاقى المقال صدى مقبولاً في الأوساط المصريّة والعربيّة، ولم أجد كاتبًا واحدًا يعترض على مضمونه. في حين تحفّظ البعض على التوقيت. كما أن البعض، كتب لي على الخاص، مادحًا المقال، ولم يجرؤوا على الجهر بآرائهم علنًا، لأسباب تخصّهم، واحترمها.


4 ــ حين قرأت مقال الرّوائيّة والناقدة الليبيّة المقيمة في هولندا رزان نعيم المغربي، عن الوثائقي الأمريكي "لنفترض أنها مدينة" (Pretend It's a City) وحجم التقاطعات الواردة في الفيلم، وفق ما جاء في مقالها، مع رواية طارق إمام.

رابط مقال رزان نعيم المغربي. "ماكيت نيويورك في الوثائقي لنفترض أنها مدينة" (الغرفة 19 – 20/04/2022).

https://eklas.co/wordpress/?p=1498&fbclid=IwAR3bYAI_T04t4CVJAomr51G-YAgg8rahFVmBOg1dTbCx53kLxK_FYe11Ub8

ولأنني قرأت "ماكيت القاهرة" بتركيز، وكتبت عنها، زادت عندي نسبة الشكّ. قررت مشاهدة الفيلم، كي أقطعه باليقين. وحزنت وتأسّفت لما رأيته في الفيلم، نتيجة كميّة التقاطع بين العملين، منها:

  • في فيلم (Pretend It's a City) حديث عن مدينة نيويورك، ماضيها، راهنها، ومستقبلها. وفي رواية "ماكيت القاهرة" حديث عن القاهرة عبر ثلاثة أجيال، 2011، 2020، 2045، وزمن مستقبلي أبعد.
  • في فيلم (Pretend It's a City)، يحضر ماكيت نيويورك، والسير داخله والتصوير فيه، ومزج المشاهد مع السير داخل شوارع نيويورك. في "ماكيت القاهرة" يحضر ماكيت لمدينة القاهرة، وتسير المخرجة نود داخله، وتصوره، في إطار تصوير وثائقي، هو خليط بين تصوير الماكيت، ومشاهد مرتجلة من الواقع المصري.
  • في فيلم (Pretend It's a City) تحضر شخصية الكاتبة الأمريكيّة فران ليبويتز (1950) وتبلغ من العمر ما يزيد عن سبعين عامًا. في رواية "ماكيت القاهرة" تحضر شخصيّة "الميسز" العجوز الذي تجاوز عمرها السبعين عامًا.
  • الوثائقي Pretend It's a City يتناول عبر حوارات مع البطلة (الكاتبة الأمريكيّة) حيوات المدينة، الثقافيّة، الاجتماعيّة، الفنيّة، الأدبيّة، الرياضة، والكثير من التفاصيل. كذا الحال في "ماكيت القاهرة" وتناول حيوات القاهرة، عبر حوارات مطوّلة بين أوريجا، نود، بلياردو، والعجوز "الميسز".
  • في الوثائقي الأمريكي "كلام كبير" وعميق معرفي، ينم عن خبرة ودهاء وذكاء عاطفي وعقلي، كلام يمكن تفهّمه لأنه يصدر من شخصيّة في سنّ وتجربة الكاتبة الأمريكيّة. بينما في "ماكيت القاهرة" حوارات طويلة، في كل شيء، الفلسفة، الفن، الأدب، اللغة، الخط، التشكيل، الموسيقى، الصحافة... العمارة، على ألسنة أبطال، كلهم يتكلّمون بوعي الكاتب المؤلّف (1977-)
  • مشاهد السير داخل ماكيت النيويورك، وقاعة البلياردو، المسرح، الشوارع، تتكرر في "ماكيت القاهرة".

على ضوئه، يمكن القول، بأن طارق إمام، قام بتفريغ مشاهد الفيلم، داخل روايته. ولم يكتفِ بذلك، وبل اختلس بعض المقولات الواردة على لسان بطلة وثائقي Pretend It's a City، ونسبها إلى أبطال روايته. على سبيل الذكر لا الحصر؛ النظر الدائم إلى الأرض مع شخصيّة بلياردو. والسؤال، ألا يوجد اختلاف بين العملين؛ وثائقي Pretend It's a City، و"ماكيت القاهرة" لطارق إمام؟ طبعًا يوجد. منها:

  • في وثائقي Pretend It's a City لا يوجد لشخص يستمني جهرًا، علنًا في شوارع نيويورك، ولا يوجد مخرجة افلام تسجيليّة تصوّر حادثة الاستمناء، ولا يفوز هذا الفيلم القصير البورنوغرافي بجائزة في نيويورك. بينما في رواية "ماكيت القاهرة" يوجد ذلك.
  • في وثائقي Pretend It's a City لم نشاهد شارعًا في نيويورك مخصّص لذوي الاحتياجات الخاصّة (بعين واحدة) ومقهى مخصص لهم. بينما نجد ذلك في القاهرة، داخل رواية "ماكيت القاهرة".
  • وثائقي Pretend It's a City يقدّم رؤية ساخرة لنمط الحياة المتسارع في المدينة، على أكثر من صعيد. ولا يقدّم رؤية بشعة لنيويورك. بينما حين انتهيت من قراءة "ماكيت القاهرة" خامرني ظنّ وكأنّ هناك حالة ثأر لدى إمام مع مدينة القاهرة. ذلك أن الأدب المصري والسينما المصريّة قدّمت المدينة، والبؤس الذي فيها، الفقر، العشوائيّات، الزحمة، السرقة، التحرّش، الجريمة.... الفساد، الغنى الفاحش مع الفقر الفاحش، ولكن، الأدب والسينما المصريّة، لم يتجاهلاً أبدًا، إظهار الوجه الساحر والجميل لمدينة القاهرة. والسؤال هنا، موجّه لكل نقّاد وقرّاء هذه الرّاوية التي حظيت باحتفاء يكاد أن يكون جنونيًّا، هاتوا لي الأماكن التي أظهر فيها طارق إمام جمال وسحر القاهرة، في "ماكيت القاهرة".


مصادر اختلاس أخرى:

هل اكتفى طارق إمام بوثائقي Pretend It's a City مصدرًا وحيدًا للاختلاس منه؟ طبعًا لا. لقد أتيت على بعض المصادر في مقالتي:

  • رواية "مئة عام من العزلة" لماركيز.
  • رواية "كائن لا تحتمل خفّته" لميلان كونديرا.
  • رواية "الدم والحليب" لمحمد الجيزاوي.
  • رواية "جنّة لم تسقط تفّاحتها" لثورة حوامدة.
  • سيرة حياة رسّام الشارع الإنجليزي بانكسي (Banksy) ونسج عليها شخصيّة بلياردو في "ماكيت القاهرة".

https://en.wikipedia.org/wiki/Banksy

  • لوحة الفنان البلجيكي René Magritte والتي بعنوان " Not to be Reproduced".


زد على هذا وذاك، إمام نفسه أفتى للاختلاس والسرقة في "ماكيت القاهرة": على لسان بطلته؛ نود، بالقول: "ما الفنّان إن لم يكن لصًّا؟ وما الفنُّ إن لم يكن نشلاً لشيءٍ ما من محفظة العالم، حكاية أو صورة، يعتقد أصحابها أنها ملكيّة شخصيّة" (ص186). وعلى لسان بطله بلياردو، يحاول الكاتب التنظير، بهدف تأصيل التهجين، لكأنّه يعي أنه مهما بلغ من الاجتهاد والاحتراف واقترف التهجين الروائي، من دون ترك دليل، إلاّ أنه سيبقى شيء يدلّ على شبهة اختلاس. لذا نراه يقول: "أليس التهجين فنًّا أصيلاً؟ (...) بإعادة ترتيب عناصر جميعها موجودة، وفق بنية جديدة، ألا يمثّل ذلك فعلاً فنيًّا أصيلاً؟" (ص333). وعليه، في "ماكيت القاهرة" يمكن العثور على ما يشبه الفتاوى التي تجيز الاختلاس، وتقلب الهجين أصيلاً.

https://alriwaya.net/post/structure-of-novels/makyt-alkahr-ltark-mam-alaaasm-bosfha-mstshf-mftoha-llamrad-alaakly


من المؤسف القول: إن طارق إمام، في روايته هذه، والاختلاس المضبوط فيه بالجرم الموثّق المشهود، كأنّه حاول تطبيق فكرة "كفّار قريش" حين اقترح أحدهم قتل النبي محمد، بأن يجمعوا من كل قبيلة فارسًا، ويضربوه ضربة رجل واحد، فيضيع دمه بين القبائل، ولا تستطيع هاشم المطالبة بدمه. بمعنى، مصادر الاختلاس لدى طارق إمام كثيرة، وكأنّ "الطاسة ستضيع". لكن، المصدر الرئيس لجرم الاختلاس، هو وثائقي Pretend It's a City، بلا منازع.

لكن، كتبرير استباقي، ولفتة ذكيّة من إمام، تصريحاته في أكثر من مكان، أنه بدأ التفكير في كتابة "ماكيت القاهرة" منذ 2011. وأنها استغرقت عشرة سنوات، ونشرها بعد 12 مسوّدة...الخ، وذكرت ذلك في مقالي. وعليه، أتمنّى من طارق أن ينشر لي بشكل موثّق تصريح ليه، صدر في الفترة ما بين 2011 و2019، يذكر فيه أنه يشتغل على رواية بعنوان "ماكيت القاهرة" وبنفس المضمون! تمامًا، مثلما أعلن أنه يشتغل حاليًّا على رواية تتناول حياة شاعر إيطالي عاش في مصر. وهذا من طبائع الأمور أن يعلن الأدباء على مشاريعهم. لو أتى لي إمام بوثيقة من هذا النوع، بصريح العبارة التي لا لبس فيها أو تأويل، هذا يعني أن وثائقي Pretend It's a City مختلس من فكرة طارق إمام، قالها في تصريح صحافي له!

قبل اختتام هذه الفقرة، ربّما يتبادر للذهن؛ وحال "ماكيت القاهرة" تلك، ما هي نسبة أصالة العمل التي يمكن نسبها إلى كد يمين وعرق جبين وخيال، طارق إمام؟ في تقديري من 30 إلى 35 في أبعد تقدير، نسبة مجهود وخيال إمام، والباقي، متفرّقات، مختلسة، من هنا وهناك. وعليه، هل يمكن اعتبار "ماكيت القاهرة" رواية مختلسة؟ بضمير مرتاح، وأمانة وصراحة، وبعد كل تلك المتابعة والمقاربات، أقول: نعم، هي رواية مختلسة، متعددة الجنسيّة – المصادر.


مصادر التعويل:

والحال أنه مثلما هناك مصادر الاختلاس، كذلك هناك مصادر الدعم الذي يمكن أن تغطي على هكذا جرائم في أيّ وسط ثقافي. فعلى ماذا عوّل طارق إمام في إخفاء معالم جريمة الاختلاس؟ سؤالٌ خطر في بالي، وحاولت البحث عن إجابة له، وفق التالي:

  • عدم متابعة لجنة القراءة في دار المتوسّط، وثقتها العمياء بالكاتب، وعدم البحث والتحرّي عن النصّ، ليس فقط على صعيد اللغة والتحرير الأدبي وحسب، بل على صعيد أصالة فكرة الرّواية من عدمها.
  • شبكة واسعة من العلاقات العامّة في الوسط الثقافي والإعلامي المصري والعربي، يتمتّع بها إمام، مدحته ودافعت عنه، وستبقى تدافع عنه. لأن عناصر تلك الشبكة، ستدافع عن كاتبها الذي صدّرته على أنه "ماركيز مصر" و"الكاتب المجدد"، و"صاحب الخيال الخصيب"، وممثل جيل الكتّاب الشباب في مصر!
  • سمعة والده العطرة والمحترمة جدًّا؛ الأستاذ الرّوائي والمترجم المصري سيد إمام. وهنا، أتمنّى من الأستاذ الفاضل سيد إمام أن يسامحني على صراحتي ووضوحي. وأتفهّم جدًّا مشاعره. وحجم الصدمة التي ربّما تخلقها له هذه الأسطر.
  • سلطة السوشيال ميديا، وقدرة طارق إمام المهولة على إدارتها، باحترافية عالية.
  • محبّة المصريين بشكل عامّ، والشوفينيّة الموجودة لدى بعض مثقفي مصر، بشكل خاصّ؛ وكأنّه من الواجب القومي والوطني المصريين، دعم طارق إمام، حتّى ولو كان على خطأ، لأنه دخل مضمار منافسة مع كتّاب وأدباء آخرين. ورفض أيّ شكل من أشكال النقد الموجّه له، حتّى لو كان هذا النقد من المصريين أنفسهم. إلى درجة أن أحدهم شتم، ونشر طارق شتائمه، وشكره عليها! وكان في إمكانه الاعتراض على الشتم. بل ووجّه لي الإهانة والشتم.
  • خوف وقلق قطاعات لا بأس بها من النقّاد والأدباء المصريين من الجهر برأيهم صراحةً، لئلا يتمّ اتهامهم بالكيد والحسد والغيرة والحقد... إلى آخر هذه المتوالية من الاتهامات المجّانيّة المتهافتة، دائمة الحضور في هكذا مناسبات وأحداث.
  • عدم توخّي بعض أعضاء لجنة البوكر التي رشّحت الرّواية إلى القائمة الطويلة، ثم القصيرة، الحرص والتحرّي عن الرّواية، وعدم أخذها احتمال تهمة الاختلاس، التي لوّح بها البعض، على محمل الجدّ.
  • عدم إلمام ودراية قطاعات لا بأس بها من القرّاء بالسينما العالميّة والروايات الأجنبيّة وحتّى العربيّة أيضًا.


ختام القول: أكرر وأؤكّد، لا خلاف شخصياً بيني وبين الروائي طارق إمام. لم ألتقِ به في حياتي. لم أجتمع به في مكان واحد، أو عمل مشترك، سوى الاشتراك في لجنة تحكيم الرواية البوليسيّة التي نظّمتها دار خطوط وظلال الأردنيّة.

ولا أحمّل طارق إمام جرم الاختلاس، بقدر ما أحمّل من حاول التماس الاعتذار له، وبل غطّى عليه، عن علم أو عن جهل. كان في إمكاني اللجوء إلى الصّمت، ولكن، "الساكت عن جريمة، شريك فيها".

أقول قولي هذا، ولا أنفي عن نفسي الخطأ. والبيّنة على المعترض على اتهامي لطارق إمام بجرم الاختلاس، بشكل موثّق، مهني. وإن ثبت لي أنني كنت مخطئاً في ما ذهبت إليه، سواء في مقالي السابق، أو في هذا المقال، فأنا ملزم باعتذار شديد اللهجة من طارق إمام، والرّأي العام الثقافي في كلّ مكان. وعليه، أوقّع وأبصم أيضًا.

أكرر، كلّ من مدح بشكل متهافت ومجّاني، هو من عزّز الوهم لدى طارق إمام أنه "فلتة عصره وأوانه" في عالم الرّواية والأدب. لا شكّ أنه ذكي، ومثقف، ويمتلك قدرًا من موهبة الكتابة. والشّيء الذي "أعجبني" فيه، قدرته على خداع هذه الكميّة من البشر، في مصر وخارجها.

المشكلة ليس طارق إمام كاسم وتجربة، بل في هذا النمط من الأدب الطفيلي الاتكالي، الذي يعتاش على نتاج الآخرين، ويفتي ويشرعن لنفسه السرقة، ثم يصفّق له الناس بحرارة، قائلين: هيييييه! يا لك من فنان، رائع، عالمي، موهوب، وعبقري! ذلك أن كميّة الداعية والإعلان التي حظي بها إمام و"ماكيته"، كانت كفيلة بوصوله إلى رئاسة أمريكا!

الحقُّ أنه يفترض ألاَّ يتمّ الدعاء بالكسر على الأصبع التي تشير إلى المختلس ومصادر الاختلاس، بل على تلك الإصبع التي تشير إلى للمختلس من أين يمكنه الهرب والتملّص والتواري. نعم، هناك نسخ من طارق إمام، في المهجر، سوريا، العراق، المغرب، الجزائر، لبنان، كل نسخة باسم مختلف. وهناك أيضًا حلف يجمع المختلسين في العالم. ربّما يرتدي بعضهم جلباب النزاهة والوقار. لكن، طال الزمن أو قصر، ستظهر الحقائق.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقالة تعبّر عن وجهة نظر المؤلّف ولا تعبّر بالضرورة عن رأي موقع الرواية.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم