الرواية نت - لندن

يلفت الروائي العراقي زهير كريم إلىأن الرواية هي النوع الأدبي الأكثر حضوراً في المشهد الثقافي العالمي، والعربي طبعا. ويرى أن عمر الرواية طويل..

ويعبرّ مبدع "صائد الجثث" في حواره مع الرواية نت عن اعتقادهأنه في السنوات القليلة الماضية، تشكل سوق عالمي نشط للرواية، وأنّ الرواية حققت حضورا وفرصة للترويج، وكان للجوائز الأثر الكبير في تشكيل هذا السوق.

  • كيف تقيّم تجربتك مع القراء؟

لا أجرؤُ على القول بأن لي قرّاء، يحصل ذلك ربما لكاتبٍ قدم للناس ما يمكن تسميته بالتجربة الأدبية، وهذا يعني أن الكاتب أنتج نموذجاً، مثالاً على مستوى اللغة والاسلوب. لهذا لا تبدو كلمة قرَاء مريحة لكاتب مازال في بداية اشتغاله، أو على الأقل لم يؤسس بعد لنموذجٍ خاص به. لديَ أصدقاء كثيرون، وأحصل باستمرار على آراء منهم تتعلق بما صدر لي من كتب، يمكنني القول بأني سعيد باهتمامهم، سعيد أن نصوصي المتواضعة وصلتْ اليهم، وحققت حضوراً في ذاكرتهم القرائية

  • ما أهم الأعمال الروائية التي أثرت في تجربتك الإبداعية؟ ما الرواية التي تتمنى لو كنت مؤلفها؟ هل من رواية تندم على كتابتها أو تشعر أنك تسرعت في نشرها؟ ولماذا؟

لم ابدأ سارداً، كنت طوال الوقت أخشى هذه الغابة المخيفة. لكني قبل عشر سنوات أو ربما أكثر، قرر طفل الشعر في داخلي أن يدخل الغابة.. إصداري الروائي الأول حقق حضوراً طيبا، لكني تمنيت ان أعيد كتابته فيما بعد.

تمنيت دائما أن اكون كاتبا لرواية صحراء التتار، لقد ترك هذا العمل في داخلي أثراً لا يمحى. غير ذلك أجد نفسي غير نادم على ما كتبت، أشعر دائما إن النص يولد ومعه نقصانه، النص يظل ناقصا حتى لو توفرت له فرصة إعادة كتابة لمرتين أو ثلاث أو أربع، سوف تظل الرغبة بإعادة كتابته مرة أخرى، كلما مضى الوقت يتجلى النقصان الذي هو شرط الكتابة.

  • كيف ترى مستقبل الرواية في عالم متسارع يمضي نحو ثقافة الصورة؟

أعتقد أن الرواية هي النوع الأدبي الأكثر حضوراً في المشهد الثقافي العالمي، والعربي طبعا. الحديث عن إزاحة الرواية مقابل الصورة مازال سابقا لأوانه، اللغة لم تزل هي المهيمنة، والخطاب النصي مازال مؤثراً، أرى أن الرواية عمرها طويل، لا أدري بالضبط كم سيدوم هذا الحضور، لكنني أجدها في مرحلة هي ما قبل الذرة، وهذا يعني أننا نتحدث عن ظاهرة مازالت تمسك المشهد بقوة.

  • كيف تنظر إلى واقع النقد في العالم العربي؟

لست مطلعاً على المشهد النقدي بشكل عام، لكنني ومن خلال ما قرأت من منجز نقدي، مقالات، دراسات وبعض الكتب، أجد أن حركة النقد سلحفاتية بالقياس لحركة النص الروائي العربي. نعم يوجد نشاط نقدي، الكثير من الدراسات التي تنشر في الصحف والمجلات والأطاريح الجامعية، لكن معظم ما ينُجز يشتغل في منطقة بعيدة عن الاشتباك مع النص الادبي المنتج، أشياء بعضها عبارة عن خطاب أكاديمي جامد، لا يتفاعل مع نماذجه النصية، ودراسات اخرى لا تقول شيئا، والقارئ للخطاب النقدي لا يجد نفسه قادراً على التفاعل معه.

  • إلى أيّ حدّ تعتبر أنّ تجربتك أخذت حقها من النقد؟

أكرر أنه من المُربك لي الحديث عن تجربة أدبية، لم أحصل بعد على الثقة التي تجعلني أتحدث عن تجربتي. أصدرت سبعة كتب في القصة والرواية وأدب الرحلات، لم يكتب عنها سوى بعض المقالات، واحدة منها كتبها هيثم حسين، وهي دراسة ذكية حول رواية صائد الجثث. لا أدري ربما عندما أفوز بجائزة، سوف أجد نفسي محاطا بعشرات الدراسات النقدية، والقراءات والمقالات. هذا ما يحدث في العادة، تحتاج لجائزة مهمة ليكتسب منتجك أهمية لدى النقاد والصحفيين المسؤولين عن الصفحات الثقافية.

  • كيف تجد فكرة تسويق الأعمال الروائية، وهل تبلورت سوق عربية للرواية؟

أعتقد أنه في السنوات القليلة الماضية، تشكل سوق عالمي نشط للرواية، عربيا أيضا مع إقامة المعارض في جميع البلدان العربية، حققت الرواية حضورا وفرصة للترويج، الجوائز بالطبع كان لها الأثر الكبير في تشكيل هذا السوق.

  • هل تحدّثنا عن خيط البداية الذي شكّل شرارة لأحد أعمالك الروائية؟

لم أكتب الرواية إلّا في عام 2008، روايتي الأولى قلب اللقلق صدرت عن دار فضاءات 2010، حسنا قبل هذه البداية لم تكن لي محاولة سردية اطلاقا.. لكن الأمر عندما يتعلق بالشرارة، فمن المؤكد إن محرضا هو الذي شكل محاولتي الأولى.. كانت لي تجربة واقعية في السفر لسنوات إلى إفريقيا، حكاية شخصية كنت حائراً كيف أكتبها، في أي جنس أدبي أضعها، كتبتها وكانت نصا هجينا لا ملامح له، تركته وبدأت أكتب شيئا آخر، بعد سنة صدرت روايتي الأولى، تجربة أحببتها جداً، فيها الكثير من الجيد، والكثير من السيئ، لكنني أحبها.

  • إلى أيّ حدّ تلعب الجوائز دوراً في تصدير الأعمال الروائية أو التعتيم على روايات أخرى؟

في احدى دورات البوكر، كانت هناك أكثر من رواية في القائمة الطويلة، وباعتباري قارئا من زمن طويل، رشحتُ ما وجدته يستحق أن يكون في القصيرة، في النهاية لم تصل أي من الروايات التي رشحتها، واستغربت كيف أن روايات أخرى حلت محلها، روايات سيئة كما أعتقد. في النهاية اللجان هي من تقرر، وقضية جودة النص لا يمكن الاعتماد فيها على معايير صارمة، نعم ذائقة اللجنة، الخطاب السياسي للجائزة ربما، شروط أخرى، كلها يمكن أن تكون مؤثرة في اختيار الرواية الفائزة.

  • كيف تجد واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

ضعيف جدا، ولا يمثل شيئا على الاطلاق، هناك اهتمام بالأعمال التي تفوز بجوائز، هناك ترجمات لأعمال كتابها هم أسماء مكرسة، غير هذا لا يتوفر حظ بوصول أي رواية عربية الى القارئ الآخر. في المقابل هناك نشاط جيد بترجمة الرواية الأوربية، وروايات أمريكا الجنوبية إلى العربية، وهذا شيء جيد.

  • يعاني المبدع من سلطة الرقابة خاصة (الاجتماعية والسياسية والدينية) إلى أي درجة تشعر بهيمنتها على أعمالك؟ وهل تحدّ من إيصال رسالتك الإبداعية وهل أنت مع نسف جميع السلطات الرقابية؟

أنا مؤمن بان الحرية هي شرط أساسي لإنتاج كتابة جيدة، وفي كل الدول التي تحكمها أنظمة شمولية، وأنساق ثقافية واجتماعية ودينية قامعة، لا يستطيع فيها الكاتب إنتاج نص فيه خطاب نقدي واضح، نص يعري العالم لكي يضع إصبعه على الجرح. بالنسبة لي، وهذا الأمر يشمل معظم الكتاب العرب الذين يعيشون في أوربا وأمريكا.. أجد نفسي في منطقة تمنحني فرصة جيدة للتحرر من السلطة بكل أشكالها، الاجتماعية والدينية والسياسة، لكن أنا ابن تاريخ كامل من القمع، وهناك أثر دائم للخوف في داخلي، رغم ذلك لا يمكنني الادعاء بأني أكتب بحرية مثلما يكتب فيها أيَ من الأوربيين أو الأمريكيين. وحتى هؤلاء يواجهون بعض الخطوط الحمر، لا أحد حراً بشكل كامل، لا الكاتب ولا الفنان ولا غيرهم، العالم مزرعة واسعة لآلات القمع.

  • ما هي رسالتك لقرّائك؟

ليس لدي قرَاء، الأصدقاء الذين وصلت نصوصي إليهم، سعيد بأنهم شاركوني في جعل المناطق المعتمة مني مضاءة، سعيد أنهم شاركوني اكتشافي لذاتي من خلال تفاعلهم مع نصوصي.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم