روايتي الأولى هي بمثابة تطور عملي لعلاقتي مع الكتابة. لقد اعتدت أن أكتب يومياتي في سن صغيرة ومن ثم أدركت أن نصوصي الإبداعية تلقى إعجاب أساتذتي، فتعمّقت علاقتي بها، إلى أن دخلت الصحافة وامتهنت الكتابة النقدية.

لماذا الرواية تحديدا؟ لأنني ببساطة أقرأ الروايات بدرجة أكبر من الشعر، أحب الروايات وأراها فنا قادرا على اختزال علوم وفنون ومعارف كثيرة في نص واحد.

بعد دراسة الأدب الفرنسي، صارت علاقتي بالأدب أكثر جدية، وعرفت أنّ هوايتي أصبحت دراستي وستغدو أيضا مجال عملي. لكن علاقتي بالفن لم تنحصر بالكتب لأنني من محبي الموسيقى والمسرح، وأزعم أنّ وعيي الأول تشكل من خلال مسرحيات كثيرة شاهدتها في طفولتي مع عائلتي.

بالعودة إلى تجربة الرواية الأولى، بدات كتابتها بفكرة مختلفة تماما، لكنني طورتها واستغنيت عن نصف ما كتبته في المرحلة الأولى وتخليت عن أبطال آخرين لكي تبقى الفتاة المحجبة ذات الصراع الداخلي هي محور العمل. وجدت حضورها طاغيا وتستحق أن تكون بطلة وحيدة، لا سيما أن موضوعها جديد ومختلف.

المحجبة هنا مختلفة عما اعتدناها في روايات وأعمال فنية اخرى. هي ليست معادلا لفكرة الذكورة والقمع والتعصب. إنها تعكس مفهوما جديدا من خلال فتاة جميلة وحرة ومستقلة، وإنما تعيش صراعاً بين مسارين مختلفين تماماً.

المحجبة في بوركيني ليست ضحية، وإنما شخصية لها خصوصيتها وفرديتها بعيداً عن الأفكار النمطية التي تلصق بها. وفي سياق آخر، هي واعية تماما إلى حقيقة انفصام مجتمعي هي جزء منه. تخبطات البطلة في ثنائياتها وتناقضاتها أردته مرآة لتخبط جيل كامل بين ثقافتين متناقضتين تحكمانه، وهذا ما شعرناه فعلا بعد ثورات الربيع العربي.

 

*مايا الحاج: كاتبة وروائية لبنانية صدرت لها رواية "بوركيني"، صادفت نجاحا وحظيت بمتابعة نقدية، واللافت في هذا العمل  الروائي هو ثيمته الجديدة وانفتاحه على نصوص أخرى بالإضافة  إلى تجلّي وعي فنّي ثري في أجوائه.

 

رواية جريئة مميّزة بعوالمها الرائعة.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم