عصام أبو القاسم

حين يكتب الروائي روايته هل يفعل ذلك لكي يشتهر، أم لأنه يرغب في كسب المال، أم لأنه يحلم بأن تصل القصة التي كتبها إلى العالم، أم لكل تلك الاسباب مجتمعة؟

أيمكن للروائي أن يضحي باسمه مثلاً لأجل أن يحصل على المال أو لكي تصل الحكاية التي كتبها للعالم؟

هل يمكن لدور النشر العربية أن تصل لمرحلة تخير فيها الكتاب بين هذه الخيارات الثلاثة؟

هذه الأسئلة اثارها في ذهني المشهد قبل الأخير من مسلسل "أحلام فاليريا" الإسباني الذي بدأت تبثه نيتفلكس، حيث تذهب الروائية الشابة فاليريا، وقد أنهت أخيراً العمل على روايتها ذات الطابع الإباحي إلى صاحبة دار النشر المهمة التي كانت تردها كلما جاءتها لخلل ما تلحظه في الرواية. كتبت فاليريا روايتها في نسختها الأخيرة بعد معاناة كلفتها الكثير بما في ذلك الانفصال عن زوجها، وعدم الحصول على وظيفة.

قابلت فاليريا صاحبة دار النشر للمرة العاشرة، وقد عزمت على أن تكف عن المحاولة لو رفضت روايتها هذه المرة، إلا ان صاحبة الدار تبتهج بالعمل وتمتدحه امتداحاً لكنها تضع شرطاً وهو: أن تنشر الرواية تحت اسم غير اسم مؤلفتها! وهذا الاسم المقترح صنعته دار النشر نفسها وطبعته على أغلفة روايات سابقة حققت مبيعات واسعة وهو لا وجود له في الواقع.

على الارجح ان ذلك حصل للمرة الأولى هكذا: كتبت فتاة رواية ممتازة ولكنها خشيت أن تضع اسمها عليها (وهي كانت حريصة على أن يعرف العالم الرواية لا اسمها هي ككاتبة أو شيء من هذا القبيل) واجترحت الدار لها اسماً هو الذي قالته صاحبة دار النشر لفاليريا الحالمة التي ما إن ترددت حتي قالت لها صاحبة الدار: عليك التفكير في التالي، لو نشرت الرواية بالاسم الذي اقترحناه ستربحين أموالا طائلة ولكن لو نشرت باسمك فهي غالبا ستصدر في نسخ محدودة ولن تباع وتعويضك سيكون قليلاً، يمكنك كسب المال والعمل في ظروف مادية أفضل على رواية أخرى أعدك سأنشرها باسمك ؟

ذكرني هذا المشهد بحكاية كانت ذائعة وسط الفنانين التشكيلين في الخرطوم وهي عن فنان تشكيلي واسع الشهرة وصل لمرحلة يبدو أن الوحي انقطع عنه فعمد إلى طريقة يبدو أنه قصد منها أن يحافظ على حضور اسمه في المجال وفي نفس الوقت على العوائد المادية لأعماله، إذ راح يتحين المناسبات التشكيلية للفنانين الصغار بما فيها معارض التخرج في كلية الفنون، ويشتري القطع الفنية بألف إلى الفين دولار [وهو سعر كبير بالنسبة لفنان مبتدئ وفقير] ويشترط على أصحابها أن يمتلكها ويستخدمها ويضع اسمه عليها.

لم يكن يختار أي عمل طبعا فهو "شواف" و"انتقائي"، وصاحب خبرة في البيع والشراء ويعرف ما يريده السوق، خاصة سوق السفارات الأوروبية! يقال إنه كان يبيع القطعة بعد أن يضع عليها اسمه بـأكثر من عشرة أضعاف السعر الذي اشتراها به: فاللوحة إلى جانب قيمتها الفنية عليها اسمه هو كفنان عظيم! وهكذا ظل اسمه الإبداعي حاضراً ولامعاً وخزينته أكبر!

من صفحة الكاتب السوداني عصام أبو القاسم على الفيسبوك.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم