أعتقد دائماً أن (حبل سري) هي أولى رواياتي. ربما لأنها أول رواية أكتبها في فرنسا، حيث اختبرتُ مفهوم الحرية. تكاد تكون أول رواية أتحدث فيها عن "مسكوتاتي". كان يزعجني أنها لم تعد متوفرة منذ وقت طويل، بعد نفاذ طبعتها الأولى التي صدرت عام 2011 عن دار رياض الريس، وكذلك كانت أسعار الكتب "ثقيلة" على الأصدقاء . اليوم، الرواية متاحة بأسعار " سرد وعدوان" المعقولة كما أظن. جميل أن يخرج طفلك مرة أخرى إلى العالم، (بنيو لوك)، لكنه هو هو، ابنك الذي لم يتغير، ولم يخذلك.

الرواية مُهداة إلى ( صوفي شيفليه) التي غيّرت حياتي. لولا حقّ صوفي بالاحتفاظ بالإهداء، لأهديتها اليوم إلى كمال أحمد جالساً تحت شجرة زيتون. كمال الذي كان من أوائل من قرأ الرواية في حلب، وجلبها من دمشق، بل صار يوزّعها على أصدقاء في حلب، عرفوني كاتبة منذ ذلك الكتاب، كأنه فعلاً كتابي الأول 

حائراً، قلقاً، كان كمال ينقّل نظراته بين أختيه اللتين تدخنان بنهم، متسائلاً كيف استطاعت كلي وحدها، توريث قوة شخصيتها لبناتها السبع، بينما لم يتمكن والده من نقل أي من اهتزاز شخصيته لإحداهن؟

إذ لا يمكن وصف ردود أفعال منّان دوماً بالحكمة، بل غالباً بالانهزام وعدم القدرة على المواجهة. فكر أنه ربما كان الزواج من امرأة قوية الشخصية، يفقد رجلاً، لديه استعداد مسبق لذلك، الكثير من مزاياه التي يمكن استبدالها لغوياً بالرجولة.

يمكن القول إذاً، أنه ووفق المفهوم التقليدي للرجولة، التي تعادل عدة مفردات معاً: المبادرة، الحماية، الشجاعة، الحسم، القرار، المواجهة، المجابهة... فإن كليزار وبناتها السبع يحملن من الرجولة، أكثر بكثير مما يتمتع به منّان وأصهاره السبعة.

لا يمكن الظن أن الفتيات، وبالمصادفة، وقعن على رجال أقل منهن رجولة (ودوماً المعني هو المفهوم المعنوي للرجولة، لا الفيزيائي)، بل أغلب الظن، أن تربيتهن المميزة كنساء مستقلات، متضامنات، حاسمات، صاحبات قرار، هو الذي تفوّق على الرجولة الموجودة بداهة لدى الأصهار السبعة، بل ويمكن القول أحياناً، إن بعض هؤلاء الأصهار قد عانى من أزمات رجولة فيزيولوجية في رجولته مع زوجته، إذ ليس من السهل النفاذ، فيزيولوجياً، في امرأة شديد البأس والتميز، وهذه الأثمان هي التي تدفعها المرأة القوية: افتقادها إلى رجل، ينفذها، أو ينفذ فيها، ولكن بالمفهوم المعنوي هنا أكثر.

لو اتصف أحد الأصهار السبعة بحالة النفاذ المعنوي في زوجته، لتواجد هنا الآن معها، أما أن تقطع كل منهن كل تلك المسافة من منزلها النائي، مستقلة باصات السفر وحدها، للتوجه إلى منزل أخيها في المدينة، دون زوجها (ومعروف في الوسط الكردي ما يعنيه سفر المرأة دون زوجها) فهذا يعني فعلاً، أن أحداً منهم غير قادر على تجاوز استرجال زوجته، أو النفاذ في أنوثتها.

لا تتعلق المسألة بنقص في مفردات الأنوثة، إذ يمكننا في هذه الحالة التطرق بالفعل إلى مفهوم الأنوثة بالمعنى الفيزيولوجي، القدرة المستمرة على تحفيزالرجل عن طريق الجسد، فكل واحدة منهن، تتمتع بسطوة جسدية على زوجها، ورجال آخرين، فلقد ورثن عن كُلي هذا السحر في الملامح، العيون الجذابة المتقاربة السحر بين البنات السبع، الجسد الممتلئ بإثارة شرقية مألوفة، وبعض تزيينات وإضافات المرأة التي تشتغل على جمالها البرّاني.

 

ــــــــــــــــــــــــــ

من صفحة الروائية مها حسن على الفيسبوك.

  • روائيّة من سوريا مقيمة في فرنسا.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم