اطلعت بمتعة شديدة على الأدب الفرنسي، إنها متعة كبرى متعة لا تنفد، أن تقرأ اعمال كبار كتاب الفرنسيين. ومن عادتي أن أعيد قراءة الكتب الجيدة مرات ومرات ومن هذه الكتب رواية "مذكرات ما بعد الموت" لشاتوبريان انها تحفة التحف. كلّ كتبه شاتوبريان سقطت على الطريق في مهاوي النسيان أو اللامبالاة، وبقي هذا الكتاب صامداً يتحدى الزمن. إنّه كتاب يشبه المعجزة. إنّه يعبر القرون ويصلح لكل الفصول. يقول الفيلسوف الأديب الفرنسي الشهير "جان دورميسون" عن "شاتوبريان" وروايته: "على أنقاض حياته الحقيقية وفشلها بنى شاتوبريان حياة أخرى خيالية، حالمة، جميلة. صحيح أنه ارتكز على الأحداث الواقعية التي عاشها لكي يكتب مذكّراته ولكنه حورها وزينها لكي تصبح كما يحب أن تكون لا كما كانت في الواقع. ومن خلال سرده لحياته الشخصية راح يسرد الحياة التاريخية والسياسية لعصر بأسره: أي عصر الثورة الفرنسية والملحمة الإمبراطورية لنابليون بونابرت. وجمع المؤلّف في مذكّراته هذه بين أعمق التحليلات وأكثرها نفاذاً من جهة، والرؤى الاستشرافية النبوئية والذكاء الحاد من جهة أخرى. وهكذا حلق شاتوبريان عالياً حتى وصل إلى الذروة التي لا ذروة بعدها. وقد ألف بذلك واحداً من أهم الكتب في تاريخنا الأدبي بل والتاريخ الكوني ككل. وإذا كان ينبغي أن تحتفظ لديك بستة كتب فقط من روائع الأدب العالمي لكي تقرأها عند الضرورة قبل أن تنام، أو لكي تعزي نفسك عن نوائب الزمان في لحظة خلوة فإني أنصحك بمذكرات شاتوبريان هذه. فمذكرات ما بعد القبر لا تقلّ أهمية عن روائع دانتي أو شكسبير أو غوته".

من صفحة الباحث صبحي دقوري على الفيسبوك.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم