هناك العديد من الكاتبات اللواتي فضلن الكتابة على الزواج ولعب دور المرأة التقليدي، على الرغم من التحديات التي يفرضها هذا الخيار عليها.

علاقة المرأة بالكتابة مازالت منذ كتبت فيرجينا وولف روايتها الشهيرة المرأة في غرفتها العلوية وحتى الآن أسيرة شرطها الاجتماعي، الذي يضعها بين خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما التفرغ للكتابة والتمرد على شرطها الاجتماعي، أو ممارسة وظيفتها الاجتماعية في الحياة واستغلال ما يتاح لها من وقت للكتابة، لأن الرجل لا يرى المرأة خارج هذا الدور الوظيفي، وإذا تسامح معها قليلا لكي تنصرف قليلا للكتابة، فإن ذلك يعد كرما منه، ودليلا على تقدميته. تزداد هذه المشكلة تعقيدا عندما يكون الزوج كاتبا، لأن على المرأة في هذه الحال أن تسهر على توفير الراحة والجو المناسب للزوج لكي يتفرغ للكتابة، ويحقق شهرته، التي غالبا ما تبدأ الزوجة/ الكاتبة التقليدية تفاخر بها، في حين لا يرى الزوج في تفوق المرأة الكاتبة عليه إلا تهديدا له، وانتقاصا من مكانته الإبداعية.

هناك العديد من الكاتبات اللواتي فضلن الكتابة على الزواج ولعب دور المرأة التقليدي، على الرغم من التحديات التي يفرضها هذا الخيار عليها، وقد ساهم تحرر المرأة الاقتصادي في تعزيز قدرة الكاتبة على هذا الاختيار، وهو ما انعكس إيجابا على مشاركتها في الحياة الأدبية من جهة، وعلى قيمة الإبداع الأدبي والفكري الذي تقدمه من جهة أخرى. هذا التطور في وضع المرأة الاقتصادي، هو الذي ساهم كثيرا في اتساع حجم مشاركة المرأة إبداعيا، إلى جانب توفر فرص التعلم لها.

لقد أدى هذا الواقع الاجتماعي إلى خسارة الكثير من المبدعات، اللواتي لو أتيحت لهن الظروف المناسبة، لكن قدمن إضافات مهمة، أغنت الحياة الأدبية والفكرية العربية، ووسعت من حجم مساهمة المرأة وزادت من مكانتها في حياتنا الثقافية. لذلك يمكن القول إن وأد المرأة إبداعيا وفكريا يجعلها كائنا ذا بعد واحد، يعيش ويفنى دون أن يكتشف مكامن الجمال والإبداع في داخله.

هناك كاتبات استطعن التمرد على هذا الواقع، وأخريات استسلمن له، وقبلن بأداء دورهن التقليدي، لكنهن نجحن في التوفيق إلى حد ما بين الكتابة وتلك الوظيفة، بسبب تفهم الزوج النسبي الذي غالبا ما يتحقق في البيئات الغنية، التي تعتمد على الخادمات في أداء دور الزوجة التقليدي داخل البيت، في حين أن معاناة الكاتبات الأخريات تظل تراوح بين هموم الكتابة وهموم الأسرة.

كاتبة عربية معروفة أكدت في أحد حواراتها أنها لا تجد مكانا للكتابة إلا على طاولة المطبخ بينما الكاتب العربي يمكنه أن يجد لنفسه المكان المناسب في البيت أو في المقهى دون أن تفوح من كلماته رائحة الطعام.

كاتب من سوريا عن صحيفة العرب

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم