بقصة بو "القلب الواشي" نرى كيف تهدمت ثقة الجاني حينما زارته الشرطة بعد فعلته، يقول الراوي "الجاني" "ابتسمت فماذا كان هناك لأخشاه ؟" ثم أخذ يتوهم ويتوهم إلى أن صرخ " إنني أعترف بفعلتي "، مع الأخذ في الاعتبار المرض النفسي الذي يعاني منه، نجد أن بو استخدم الايحاء ليدفع الجاني للاعتراف ونجد اجاثا قد استخدمت ذات الأسلوب بالحصان الأشهب " لتأت ماربل مفندة هذا الزعم في الآخر موضحة أن سلاح الجريمة هو الثاليوم وليس الايحاء.

ولكن بآخر روايات أجاثا "الستارة" تقر الكاتبة إمكانية حدوث جريمة بالايحاء ذات الأسلوب الذي نفته ب"الحصان الأشهب " فماذا أرادت أن توصل لنا بكتابها الأخير ! "الستارة " .. "جريمة بالايحاء" .."وفاة مخبرها السري بوارو"

إحدى البلدان كما ذكرت اجاثا بأحد كتاباتها تتعامل ب"اظهر الجثة".. إذ لا جثة ..لا جريمة ... لا دليل لا قضية ،قضي الأمر،لم تكن المشكلة تتعلق بالجثة بالستارة وإنما بالدليل ..ومع وجوده إلا أنه لم يكن ذاك الذي يدين !

إذا أخذنا مثلا قضية ماثيو ليتسفيلد: "طاغية عجوز عنده أربع بنات لا يسمح لهن بالتسلية ولا يعطيهن نقودا وعندما كان عائدا الى البيت هاجمه احدهم في إحدى الأمسيات على عتبة بابه وقتله بضربة على رأسه، وأخيرا بعد تحريات الشرطة تقدمت ابنته مرغريت واعترفت بقتل والدها وقالت إنها ارتكبت جريمتها لكي تمكن أخواتها من التمتع بحياتهن قبل فوات الأوان، وقد خلف ليتسفيلد وراءه ثروة هائلة واعتبرت مرغريت مجنونة وأدخلت إلى مصلحة بدمور ولكنها ماتت بعد فترة قصيرة "

وقول بوارو محدثا صديقه هيستنجز " أنا أنوي أن أكون حذرا جدا يا هيستنججز دعني أوضح لك الأمر: هناك شخص ما سأسميه "س" من الواضح أن السيد س هذا لم يكن لديه دافع واضح في جميع الحالات السابقة لارتكاب جريمته بل لقد اكتشفت أنه كان بعيدا مسافة مئتي ميل عندما ارتكبت الجريمة في إحدى القضايا وعلى الرغم من ذلك فأنا أقول لك ..........وإنه كان قريبا من المنزل عندما قتل العجوز ماثيو ليتسفيلد ... فماذا تقول بهذا الشأن !

وبالنظر إلى الحوار الي دار بين هيستنجز وكول :

" ـ كول ليس اسمي أعني اسم أمي وقد اقتبسته فيما بعد

ـ فيما بعد !

ـ اسمي الحقيقي هو ليتسفيلد

للوهلة الأولى لم أفهم جيدا كان مجرد اسم يبدو مألوفا ثم تذكرت فقلت : ماثيو ليتسفيلد

أومأت برأسها قائلة :أرى أنك تعرف الموضوع . هذا ماكنت أعنيه كان ابي مريضا وطاغية ومنعنا من ممارسة حياة طبيعية لم يكن باستطاعتنا دعوة أصدقائنا إلى المنزل وأبقانا دائما في حاجة إلى النقود . لقد كنا نعيش في زنزانة

توقفت عن الحديث وكانت عيناها الجميلتان غامضتين واسعتين ثم أكملت : ثم أختي ، ثم أختي

ـ ولكنك لا تعلم ليس باستطاعتك أن تعلم ماغي .. ذلك لا يمكن تصديقه أو فهمه، أنا أعرف أنها توجهت إلى الشرطة وأنها سلمت نفسها واعترفت . لكنني لا أزال عاجزة عن تصديق الأمر أحيانا أشعر بأن ذلك لم يكن صحيحا لم يكن من الممكن أن تحدث الأمور كما قالت إنها حدثت

ترددت قبل أن أقول : أتعنين أن الحقائق كانت مختلفة ؟

قاطعتني : لا لا ليس هذا ما أعنيه بل ماغي نفسها لم يكن ذلك من طبعها لم تكن ..... لم تكن ماغي

اهتزت الكلمات بين شفتي ولكنني لم أقلها لم يحن بعد الوقت الذي أستطيع فيه أن أقول لها : أنت على حق لم تكن ماغي "

نجد أن س غذى نفسه منذ صغره إلى أن صار صاحب شخصية مؤثرة ..محبوبة ....سادية

قال عنه بوارو في تحليله : "ذلك الرجل الرقيق المحب كان ساديا في الحقيقة .. كان مدمنا على الألم والتعذيب العقلي . وقد انتشر هذا الوباء في العالم في السنين الأخيرة . لقد أشبعت فيه شهوتان :السادية والقوة . فهو يكاد يتحكم في مصائر الناس ومثله " كأي أسير للمخدرات " كان يجب أن يتزود بالمخدرات ، فعثر على الضحية تلو الأخرى .

من قضية ليتسفيلد وما أخبر به بوارو هيستنجز بستايلز وما دار بين ـ شقيقة مرغريت ـ كول بنة ليتسفيلد وهيستنجز بستايلز ثم تحليل بوارو لشخصية س "مع عدم نسيان أن س حينما كان صغيرا رأى أرنبا ميتا ففزع وضحك منه زملاؤه وأثر ذلك في نفسه ..كذلك لم يكن الآخرين يعيرونه اهتمامهم ..اجتهد ما اجتهد ليعوض نقصه .. ليكسب اهتمامهم . لاشك كان الشرخ الذي أحدثتاه حادثة الأرنب ولفظه من الآخرين كبيرا بداخله وحينما غذى نفسه حد التخمة وجد متعة في تأثيره على الآخرين وأخذ مرضه يشتد " يمكننا تخيل ما دار بين مرغريت وس أو ما تفوه به س بتعمد أمام سمعها :

ليتسفيلد..أربع بنات..وثروة طائلة.....وعجوز بناته ينضجن ولا يزال يمتنع عن إطلاق سراحهن يجب أن يموت كيف له أن يترك بناته هكذا....إنه يضيق عليهن ..هب أنه عاش لأربع سنوات أخرى ..لا مال لا دعوة أصدقاء للمنزل.... ستذبل الوردات الأربع "

تمكن من مرغريت بشخصيته الرقيقة المحبوبة ظاهرا .... الشريرة باطنا " ف "س" في الحقيقة صديقا مقربا لعائلة ليتسفيلد " اختفى صواب ماغي وحل محله صواب س وهاجمت والدها على عتبة باب البيت وقتلته ، نعم لم تكن مرغريت .

ونجد باعتراف بوارو " ولكن مرغريت ليتسفيلد لم يكن لديها بوارو ليحرسها . أزل عن أختها ذاك الكابوس وأخبرها بأن والدها لم يقتل بيد ابنته "

أي ستارة تلك التي أسدلتها أجاثا ؟ .. على موت بوارو ؟ أبدا ، أسدلتها على عهد ما قبل س ، عهد بوارو القديم

بلغ س من التأثير بالآخرين حدا فظيعا سبع جرائم قتل مع وجود أدلة .... لكنها لا تدين .... إنها ..... انها الجريمة الكاملة .

يقول بوارو" لا سبيل للتخلص منه غير قتله أمام الجميع "

لكن المخبر أراد المقامرة وقتله

وبنهاية اعترافه " لا أعلم يا هيستنجز إن كان يمكن تبرير ما فعلته أو لا يمكن فأنا أؤمن بأن أي انسان لا يملك الحق في أن يطبق القانون بنفسه . ولكن من ناحية اخرى فأنا القانون حينما كنت في الشرطة البلجيكية قتلت مجرما بائسا جلس على أحد السطوح وراح يطلق النار على الناس واليوم أنقذت حياة الكثيرين من الاشخاص حينما قتلت نورتون "سيد س " لكن لا ادري ان كان ما فعلته صحيحا ام غير صحيح رغم هذا كله ، وقد يكون خيرا لي ألا أعرف لقد كنت متأكدا من كل شيء تأكدا تاما على الدوام لكنني أقول الآن بتواضع الطفل الصغير إنني لا أعلم وداعا يا عزيزي لقد ابعدت زجاجة كبسولات الاميلنتريت عن جانب سريري فأنا أفضل ان اترك نفسي تحت رحمة الخالق وأرجو أن يأتي عقابه أوأن تأتي رحمته سريعا"

"من ناحية اخرى انا القانون " باعتبار ان بوارو شرطي متقاعد " ابعدت زجاجة .." لم يتناول حبوبه "أفضل ان اترك نفسي تحت رحمة الخالق " الموت "وارجو ان يأتي عقابه" كشف جريمته والقبض عليه "او ان تأتي رحمته سريعا" يموت بسرعة

ترك نفسه تحت رحمة الخالق فاستجاب له فهو عند ظن عبده به . مات بوارو ولا يزال الوباء المسمى "س" منتشرا بالعالم عالجته اجاثا بطريقتها وأسدلت الستار ولكنكم يا كتاب الجريمة لا تزالون تنقبون في عهد ما قبل الستار فكم من " س " يقتلنا .... كم من "س" يتحكم بمصائرنا ... كم من "س" مختل بالقوة والسادية " مدمن مخدرات " مريض نفسي يقتل ويوحي له عقله المريض خيالات لا صحة لها فيقر بفعلته وآخر أوصله الايحاء حد التمتع بالتعذيب العقلي للآخرين ...... ما بين بو واجاثا ... حينما يثبت المجرم بنفسه انه ما من جريمة كاملة ويثبت كذلك ان هناك جريمة كاملة .

كتاب الجريمة استيقظوا إذ ليست القضية اليوم من قتل "روجر أكرويد " او من قتل " اللورد إدجوير " ولكن ......... " اقبض علي إن استطعت "

مريم خميس

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم