بانتظار قرار لجنة أمناء البوكر

عندما طرحت بعض التساؤلات في مقالي الذي نشر في هذه الصفحة يوم الخميس الماضي تحت عنوان «هل خالفت رواية الرفاعي شروط البوكر؟»، كانت بالفعل مجرد تساؤلات، أظنها منطقية، عن وضع مبهم لرواية طالب الرفاعي المرشحة على القائمة الطويلة لجائزة البوكر، وعن شرط قد يتيح للروائيين طبع رواياتهم المنشورة مسبقا مع دار نشر أخرى والمشاركة بها في جائزة بوكر بتاريخ يوافق شروط الترشح. ولكن لم أكن أتوقع أن هذه الأسئلة ستقود إلى دهليز طويل من الأحجيات وليست سؤالا «ورد غطاه» كما يقال. وكلما كثر الغموض زادت الريبة وظهرت أياد خفية ولاعبون في الظلام ومحامو دفاع «غير مكلفين» بالدفاع عن اتهام لم يوجه أصلا!

وكأن السؤال «المنطقي» انحياز وعدم مهنية، والصمت تحت شعار «الرفاعي هو مرشح الكويت في البوكر» هو النزاهة والموضوعية، في موضوع يتعلق بالثقافة لا بمباراة كرة قدم أو مسألة تتعلق بالروح الوطنية. وعموما ولو أخذناها من جانب الروح الوطنية فيحسب للصحافة الكويتية، والقبس تحديدا، نزاهتها في تحييد جنسية المرشح عندما تتعاطى مع شأن ثقافي وجائزة عربية نفترض فيها النزاهة، أو نتمنى أن تكون كذلك، مهما كان الموقف من الجوائز ودورها في المشهد الثقافي وقيمتها الحقيقية كمعيار نقدي في جودة الرواية. ولا يفترض بناقد أو عضو في لجنة تحكيم أن ينشغل بجنسية الكاتب في تقييمه لعمله الإبداعي، بل مهمة المثقف أن يحارب المواقف العنصرية والعصبيات لا أن ينحاز لها.

ثم ان من الوطنية الحقيقية، كما نرى، الحرص على ظهور الإبداع الكويتي في المشهد الثقافي العربي ظهورا مشرفا بعيدا عن أي شوائب تشوه هذا الوجه وتلقي عليه بظلال من الشكوك.

مقالات عن طبعة الشروق

ونعود لسؤالنا الأول «هل خالفت رواية الرفاعي شروط البوكر؟». بعد نشر المقال وبقليل من البحث على غوغل ظهرت عدة مقالات كتبت عن الرواية، إضافة لأخبار صدور الرواية التي أشرنا اليها في المقال السابق، منها مقال «في الهنا.. المرأة تغير العالم» لإيمان حميدان نشر في ملحق جريدة السفير الثقافي بتاريخ 30 مايو 2014، ومذكور في نهاية المقال أنه عن طبعة الشروق 2014. وثلاثة مقالات متتالية تحت عنوان «تتداخل القضايا في الهنا والهناك» لفهد حسين في جريدة «الأيام البحرينية» أولها بتاريخ 7 يونيو 2014. هذه المقالات وغيرها نشرت قبل الموعد المحدد في شرط الترشح للجائزة، ويشير إلى أن طبعتها الأولى صدرت عن دار الشروق في الشهور الأولى من سنة 2014 أو قبل يوليو 2014.

النشر على أنستغرام أما النقطة الثانية التي عليها علامة استفهام أيضا فهي تتعلق بشرطين آخرين للجائزة «لا تتأهل للجائزة الكتب المنشورة إلكترونيا» و«لا تُقبل الروايات المنشورة في أجزاء (مطبوعة أو إلكترونية) قبل يوليو 2014. ينطبق هذا الشرط على كل أنواع الإصدار والنشر». فإن كان طالب الرفاعي ينفي أن روايته طبعت أو ظهرت قبل التاريخ المحدد للجائزة وأنه أرسلها لبعض الأصدقاء بنسخة بي دي إف، فهو قد نشر 92 جزءا من الرواية على حسابه على موقع إنستغرام منذ مايو 2014، وهو بهذا يبدو أنه يخالف شرطا آخر من شروط الترشح للجائزة. مع ملاحظة نقطة أخرى أنه كتب على حسابه في إنستغرام منذ أكثر من 85 أسبوعا: صدرت لي قبل أيام في القاهرة عن دار الشروق روايتي الجديدة «في الهنا»!.

جدل وصمت من ضمن سلسلة الأحجيات الأخرى التي تتعلق بهذه الرواية الغامضة التي يتبرأ الرفاعي من صدورها عن دار الشروق، الذي هو بنفسه أعلن أنها صدرت عنها، واحتفظ بكل ما يؤكد ذلك على حسابه في تويتر وانستغرام، هي مسألة أن الرواية صدرت ولكن لم تطبع.

فهو في حواره المنشور في «الأهرام العربي» المصرية (في عددها الصادر يوم الجمعة 15 يناير الجاري)، يقول انه بالفعل أعلن عن صدورها على حسابه على انستغرام وفيسبوك، ولكن تأخر دار الشروق في توقيع العقد وإصدار الرواية جعله ينتقل لإصدارها عبر دار «بلاتينيوم». إذا السؤال يوجه هنا لدار الشروق المصرية التي شاركت بها في معرض الكتاب في فبراير 2015 وأعلنت عن ذلك على صفحتها على فيسبوك، وتباع الرواية في المكتبات المصرية وعثرنا عليها في مكتبتين في الكويت، احداهما مكتبة ذات السلاسل والأخرى العجيري، وما زال طابع السعر بالجنيه المصري ملصقا على ظهر غلاف نسخة الرواية في مكتبة العجيري. أما مكتبة ذات السلاسل فقد ألصقت عليها السعر بالدينار الكويتي. فهل دار الشروق تطبع الرواية من دون عقد مع صاحبها وبعد أن طبعت طبعتها الأولى مع دار «بلاتينيوم»؟. مع العلم بأن طبعتي دار الشروق المصرية وطبعة دار بلاتينيوم الكويتية، كل منهما صدرت في 2014. وحتى الآن ورغم كل الجدل الذي تثيره هذه المسألة، تصمت دار الشروق ولا تعلن عن موقفها الذي قد يجعلها تتهم بمخالفة حقوق الملكية الفكرية للكاتب، إن كان ما ذكره الرفاعي صحيحا، بنشرها رواية له وبيعها في المكتبات من دون عقد معه يحفظ له حقوقه، وربما باعترافها بأنها تصدر كتابا بشكل مخالف تنهي جدلا حول تاريخ الطبعة الأولى للرواية. ومن الغريب أن الرفاعي لم يعلم بطبع روايته ومشاركتها في معرض الكتاب، لدرجة أنه يصرح للأهرام العربي بأن طبعة بلاتينيوم التي اشترك فيها بجائزة البوكر هي الأولى والوحيدة؟! هذا بالطبع إن لم يكن نشر أجزاء من الرواية على موقع انستغرام مخالفا لشروط الترشح. وهو ما تحدده لجنة أمناء بوكر والمسؤولون في الجائزة عن الالتزام بشروط الترشح.

سؤال مستفز النقطة الأخيرة هي أن تساؤل القبس عن موافقة رواية «في الهنا» لشروط ترشح البوكر، وإن كان قد كتب في صحيفة، فهو مطروح من قبل البعض حتما بشكل شفهي، لان الرواية بطبعة الشروق موجودة في بعض من مكتبات الكويت. وربما طرح السؤال علنيا اعتبره البعض استفزازا واستهدافا شخصيا، وهو أمر غريب حقا وكأن كل ما يدعو له المثقفون والإعلاميون من الشفافية والتجرد من أي انحيازات في مسألة البحث عن الحقيقة ودون حكم مسبق أيضا، مجرد شعارات وكلام في كلام.

عموما السؤال حق مشروع وما زلنا ننتظر رد لجنة أمناء جائزة البوكر.

عن صحيفة القبس

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم