الكتاب نداء سفر ودعوة إلى عناق الآخر، فكلما طويت صفحة وفتحت أخرى أمتعت ناظريك بدنيا جديدة، فلنغتنم هذا اليوم الدولى للاحتفاء بسلطان الكتب وجمالها.

والكتب أيا كان شكلها، هي وسيلتنا إلى التعلم وموردنا الذي نستقي منه المعارف، بل إنها سبيلنا إلى الترويج عن النفس وأدائنا لفلكٌ نواميس الكون، وهي الشرفة التي نطلّ منها على الآخر.

ولن تبلغ الكتب شأنها ما لم تجسّد التنوّع اللسانيّ لعالمنا، فهي اليوم بعيدة كل البعد من تحقيق ذلك: إذ إن الغالبية العظمى من الكتب لا تصدر إلا ببضع لغات فحسب، والأدهى أن التكنولوجيا الرقمية سبب في التنميط اللغوي.

ومع ذلك، فكل لغة من لغات الكتابة تتميز عن غيرها بنظرتًها إلى العالم التي تتفرد برموزها وقيمها، ولعل هذا ما دفع باليونسكو، في إطار العقد الدولي للغات الشعوب الأصلية، الذي استهل في عام 2022، إلى توفير الدعم لنشر الكتب بلغات الشعوب الأصلية واللغات الإقليمية، وتتعاون اليونسكو، منذ عام 2023، مع دورٍ للنشر في جميع أنحاء العالم بغية نشر كتاب "ما الذي يجعلنا بشرا" لفيكتور دي أو سانتوس وآنا فورلاتي - وهو كتاب مصور للأطفال يشيد بالثراء اللغوي والثقافي - بما مجموعه 14 لغة، منها اللغات اللمابوتشية والجليقية، والماراثية.

وتدعم اليونسكو أيضا قطاع الكتاب في أفريقيا، ولا سيما الكتاب الموجه لفئة الشباب، وحرصاً منا على التعريف بتاريخ الرقّ وتجلياته المعاصرة، أصدرنا في عام 2022 بالشراكة مع دار النشر "لغات الجنوب" سلسلة " بنتو وعيسى”" بغية التوعية بهذه المواضيع في سن مبكرة، وسننشر أيضا بمناسبة المعرض الدولى للكتاب والنشر في الرباط  في مايو 2024 ، المجلد الأول من سلسلة "جولات نور" بالشراكة مع دار النشر نفسها، وهو كتاب يتيح للشباب المغربي سبلا أخرى لاكتشاف تراثه الثقافي المصنف لدى اليونسكو.

وتدعم اليونسكو كذلك قطاع النشر وتعمل على النهوض بمكانة القراءة من خلال شبكة عواصم الكتاب العالمية، وهى فكرة غرضها تشجيع الإلمام بالقراءة والكتابة وتعزيز حقوق المؤلف وحرية التعبير، وفى هذا العام، أعلنت مدينة ستراسبورج بفرنسا عاصمة عالمية للكتاب 2024، وذلك من أجل جعل الكتب الوسيلة المفضلة للتعبير عن الشواغل البيئية في عصرنا ونقل المعارف العلمية المرتبطة بها.

وختام القول إننا ملتزمون بدعم الأجور العادلة لجميع المساهمين في صناعة الكتاب وفي مقدمتهم المؤلفون لأنّ وراء كل كتاب سلسلة كاملة من المعارف والمهارات مكنت من إنتاجه، ولا تدعوكم اليونسكو في هذا اليوم، إلى الاحتفال بالقراءة والثقافة فحسب، بل تدعوكم أيضا إلى الالتزام بدعمهما.


0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم