الرواية نت - لندن

يذكر الروائي الكردي السوري ريزان عيسى المقيم في ألمانيا أنه تساءل دوماً عن السبب الذي جعله يبدأ الكتابة متأخراً، ويقول إنه أحياناً يظن ان الرقابة هي سبب من الأسباب التي منعته من الكتابة في زمن أبكر. وتراه يصف الكتابة في الوطن بأنّها محنة أكثر مما هي وسيلة تقود للمتعة الحقيقية في صناعات عوالم متكاملة في قالب روائي..

في حواره مع الرواية نت يعبّر مبدع "كهرمان" عن تفاؤله بأنّ روايته الأولى والثانية أيضاً ستشقان طريقهما وسيتم تسليط الضوء عليهما في القادم من الأيام.. ويقول إنّه لا يظنّ بأنّ النقد في العالم العربي يخضع لمعايير موضوعية تنصف الكتاب بطريقة ما، كما أن هنالك الكثير من الروايات المطبوعة لكن القليل منها يخضع للدراسة النقدية.

- كيف تقيّم تجربتك مع القراء؟

الكتابة تجربة أخوض غمارها منذ سنوات قليلة، أعتبر نفسي قارئاً للرواية أكثر من كوني كاتباً لها. أعرف أن القارئ ذكي بطبعه ومن الصعوبة إرضاؤه بعمل روائي لا يمتلك مقومات الرواية الجيدة، أرصد دوماً آراء القراء وانطباعاتهم حول روايتي الأولى وأستفيد منها بقدر الإمكان لصقل تلك التجربة. آراء القراء ساهمت بشكل كبير في بلورة روايتي الثانية التي أنهيتها مؤخراً وستنشر في نهاية العام الحالي.

- ما أهم الأعمال الروائية التي أثرت في تجربتك الإبداعية؟ ما الرواية التي تتمنى لو كنت مؤلفها؟ هل من رواية تندم على كتابتها أو تشعر أنك تسرعت في نشرها؟ ولماذا؟

 تعجبني روايات الكاتب الكردي السوري سليم بركات. أحب رقي لغة سليم بركات وجزالتها، سحرتني كتابة كل من إبراهيم الكوني وعبد الرحمن منيف. أحببت دوما روايات بلزاك وهرمان هسه وكونتر غراس وباولو كويلهو.. هؤلاء الكتاب رغم الاختلاف في أسلوب كتابة كل منهم، إلّا أنهم أضافوا إليّ الكثير.

لم يتملكني إحساس أبداً أن هنالك رواية ما تمنيت أن أكتبها، فالرواية المكتوبة هي عالم متكامل صنعه الروائي وفق خياله وبأدواته الخاصة في الكتابة، متعتي الشخصية في الكتابة هي صناعة تلك العوالم ونسج محكية وفق شغفي ورؤيتي ومخيالي.

- كيف ترى مستقبل الرواية في عالم متسارع يمضي نحو ثقافة الصورة؟

 أنا متفائل بطريقة ما فيما يخص الرواية رغم الإيقاع المتسارع للحياة وشيوع ثقافة الاستهلاك والاكتفاء بالقراءات السريعة للنصوص والعناوين على منصات التواصل الاجتماعي، لكن تبقى الرواية هي الأكثر قراءة بالنسبة للشريحة المهتمة بالقراءة. الرواية هي التي تؤسس للمرئي، هي من تصنع الصورة فلا صورة بدون عمل روائي منفتح على آفاق رحبة من الخيال، تبقى الصورة مقيدة ومحكومة بمخيال صانعيها أما الرواية فهي مشرعة أكثر على الرحابة.

- كيف تنظر إلى واقع النقد في العالم العربي؟

لا أظن أن النقد في العالم العربي يخضع لمعايير موضوعية تنصف الكتاب بطريقة ما، كما أن هنالك الكثير من الروايات المطبوعة لكن القليل منها يخضع للدراسة النقدية.

- إلى أيّ حدّ تعتبر أنّ تجربتك أخذت حقها من النقد؟

لم يتم تناول روايتي بالنقد ربما لأنني دخلت عالم الكتابة مؤخراً ولم يتم التسويق جيداً للرواية لكنني متفائل بأنّ روايتي الأولى والثانية أيضاً ستشقان طريقهما وسيتم تسليط الضوء عليهما في القادم من الأيام.

- كيف تجد فكرة تسويق الأعمال الروائية، وهل تبلورت سوق عربية للرواية؟

لا أظن أنّ هنالك سوق واعدة لتسويق الروايات العربية ربما ضعف السوق منوط بالعدد القليل من القراء ويخضع بطريقة ما للعرض والطلب، هنالك عدد كبير من الروايات المطبوعة لكن الطلب عليها وقراءتها للأسف قليل.

- هل تحدّثنا عن خيط البداية الذي شكّل شرارة لأحد أعمالك الروائية؟

البداية كانت عندما وجدت نفسي مجبراً على الخروج من وطني، البدايات كانت في المنفى والكتابة كانت خلاصاً حقيقياً من الألم الذي سببته محنة الهجرة القسرية، روايتي الأولى تناولت قصص الحرب والألم الذي تتسبب به هذه المحنة الإنسانية الكبيرة.

- إلى أيّ حدّ تلعب الجوائز دوراً في تصدير الأعمال الروائية أو التعتيم على روايات أخرى؟

أنا لدي ثقة بأن العمل الجيد والمتقن يمتلك فرصة لا بأس بها في حصد الجوائز، رغم النغمة المتشائمة لغالبية كتاب الرواية في ان الجوائز لا تخضع لمعايير مهنية وأكاديمية بل تأخذ منحى المحاباة وتفضيل كتاب بعينهم على حساب البعض الآخر المنسيين والممتلكين لملكات ابداعية أفضل، أنا قرأت الكثير من الروايات الحائزة على جوائز مهمة ووجدت أنه لا يمكن تجاهل هذه الأعمال في سياق تقييمها فالعمل الجيد يفرض نفسه. الجوائز هي الطريقة الفضلى للوصول الى شريحة واسعة من القراء وتخلق لدى الكاتب حافزاً كبيراً للاستمرار في مسيرته الابداعية.

- كيف تجد واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

قرأت مؤخراً رواية سيدات القمر لجوخا الحارثي والتي حازت جائزة مان بوكر العالمية  كان من الأهمية ترجمة هذا العمل إلى اللغة الإنكليزية لتحقق الرواية تلك الشهرة العالمية، رغم أن الرواية  صدرت في العام 2010 ولم تحصد أي جائزة عربية، الترجمة بحد ذاتها فرصة كبيرة جداً للانتشار لكن المفارقة ربما هو بغياب المؤسسات العربية القادرة على تقييم الأعمال الأدبية بموضوعية ومن ثم  ترجمة  الجيدة منها وتسويقها عالمياً، فرواية مهمة كرواية سيدات القمر تنتظر لعشر سنوات دون أن ينتبه اليها أحد في الداخل العربي، ولا تأخذ حقها من الانتشار ومتأخراً بعد الترجمة تحصد أهم جائزة عالمية للرواية، وغالباً ما تشاهد روايات مترجمة للغات أجنبية وهي لا تمتلك مقومات الرواية الجيدة هذا يعكس بطريقة ما بؤس الحال .

- يعاني المبدع من سلطة الرقابة خاصة (الاجتماعية والسياسية والدينية) إلى أي درجة تشعر بهيمنتها على أعمالك؟ وهل تحدّ من إيصال رسالتك الإبداعية وهل أنت مع نسف جميع السلطات الرقابية؟

تساءلت دوماً عن السبب الذي جعلني أبدأ الكتابة متأخراً وأحياناً أظن ان الرقابة هي سبب من الأسباب التي منعتني من الكتابة في زمن أبكر، فالكتابة في الوطن  محنة  أكثر مما هي وسيلة تقود للمتعة الحقيقية في صناعات عوالم متكاملة في قالب روائي، فالمقوم الأهم في الكتابة وهو الحرية غير متوفر في العالم العربي، بالنسبة لي المنفى أنهى الرقيب السياسي وترك لي مساحة رحبة للكتابة، أما بالنسبة للرقابة الدينية أو الاجتماعية فلا أظن أنها تمثل بالنسبة إلي عائقاً يمنعني من الكتابة بحرية ، فأنا أسعى إلى أخذ القارئ إلى عالمي دون أن أضطر لكسر التابو الاجتماعي أو الديني.

- ما هي رسالتك لقرّائك؟

أتمنى أن يتسنّى للقراء قراءة روايتي كهرمان.. وقريبا تصدر رواية جديدة انتهيت من كتابتها للتو.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم