قال الروائي الفلسطيني سليم البيك إنه ينحاز بطبيعته للحكاية الفردية، معتبرا أن الروائي يحتاج بعض الحظ ليعمل في الصحافة، مضيفا: "النوعان الكتابيان يضيفان لبعضهما، خاصة إن كان العمل الصحفي في أقسام ومواضيع ثقافية".

وأكد البيك أن الأدب انعكاس للواقع مهما كان فانتازياً أو تاريخياً، مضيفا: "والحالة الفلسطينية، وواقع الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة في تغيّر دائم ومتأثّر بما حوله، ما يجعله لحسن حظّ الرواية الفلسطينية، في مراحل جديدة، لا تكاد تستقر إحداها حتى تأتي غيرها لتنفيها".

وطرح سليم البيك روايتين الأولى "تذكرتان إلى صفورية"، والثانية صدرت مؤخرا بعنوان "سيناريو"، ونالت منحة مؤسستي المورد الثقافية واتجاهات، والأخيرة مؤسسة لدعم الثقافة المستقلة.

- العمل يمكن تصنيفه رواية مكان، وكذلك يمكن اعتباره رواية شخصيات، في أي التصنيفين تراه؟

كما أنّ هنالك فكرة (اللابطل في الأدب) فإن المكان في "سيناريو" هو عملياً اللامكان، هو ليس حيفا بل غياب حيفا، هو حيفا في عيني كريم ابن المخيم، والذي تشكّلت المدينةُ في ذهنه من خلال الحيفاويين من أهالي المخيم، ومن خلال أحاديث جدّه، والجيل الذي هُجّر من فلسطين عام النكبة، حيفاه لا تشبه المكان الحقيقي، لا تشبه حيفا التي أتت منها ريما إلى باريس.

والرواية برأيي يمكن اعتبارها رواية شخصية كريم (بدل القول رواية شخصيات)، فهي نصٌّ بدأ كيوميات له ثم حوّلها إلى رواية بعد تردد في تحويلها إلى سيناريو، يكتب فيها عن المرأة التي جلست مراراً في مقابله بالمقهى، يكتب عن هوسه بها ثم بصديقتها ثم بصديقة صديقتها، ريما، عن أسئلته الخاصة المتعلقة بالهويّة والتي برزت مع حضور ريما.

- اعتمدت في روايتك الأولى على السيرة الذاتية وقدر من التخيل، هل استفدت من تضفير بعض من سيرتك في قالب روائي؟ وهل ترى أن كل رواية تحمل في طياتها جوانب من سيرة مؤلفها؟

السيرة في هذه الرواية ليست إضافة إلى العمل بل هي عنصر أساسي فيه، هي شخصيته الرئيسي التي تمحورت الرواية حولها، لكن ليس العمل سيرياً طبعاً، هناك حكاية الحب بين يوسف ولِيا والتي امتدّ طيفها على طول أوّل ثلثين من الرواية، وكانت أساس الثلث الأخير منها، وهي خيال تام، وهنالك في الثلثين الأوّلين خيال فيه عناصر واقعية/سيَرية.

تقصّدتُ ذلك طبعاً، لكن إجابة عن سؤالك، في كل شخصية هناك شيء من كاتبها، شخصيات رئيسية وثانوية، فكيف لو اعتمدتْ كل من "سيناريو" و"تذكرتان إلى صفورية"، وما أكتبه الآن، على شخصية رئيسية هي مركز الحكاية؟ أعتقد أنّي أنحاز للحكايات الفردية، البطل تحوم الحكايةُ بشخصياتها وأمكنتها حوله.

- الرواية تحتفي بالمكان على نحو لافت، هل نحن أمام رحلة استكشاف ونزوح لا ينتهي؟

كما أن "سيناريو" رواية اللامكان، أو المكان المفقود، فإن "تذكرتان إلى صفورية" رواية أمكنة متعدّدة لا تشكّل المكان (بأل التعريف) هي الأمكنة النقيضة للمكان بالنسبة ليوسف، فهو يمر بالأمكنة المذكورة دون أن يجد ما يربطه بها، دون أن يجد نفسه أحد أهلها، أو فرداً من مجتمعها المحلي، هي أمكنة له فيها جميعها ذكريات باستثناء المكان الوحيد الذي يقول إنه ينتمي إليه، وهي قرية صفورية في الجليل شمال فلسطين، والتي تهجّر جده منها عام النكبة.

- هل عملك الصحفي يؤثر عليك كروائي؟

يحتاج الروائي بعض الحظ ليعمل في الصحافة، فالنوعان الكتابيان يضيفان لبعضهما، خاصة إن كان العمل الصحفي في أقسام ومواضيع ثقافية، فيكون الكاتب هنا متفاعلاً بشكل يومي مع ما يمكن أن يتعلّق بالآداب والفنون، وهذه (موسيقى، سينما، شعر...) هي رافد أساسي للكتابة الروائية، شكلاً ومضموناً، لا أحكي عن معرفة لا بد منها كي يكتب أحدنا رواية، بل عن الروح التي لا تتغذى بغير الفنون.

- احتلت الرواية الفلسطينية مكانة رائدة بالمشهد السردي العربي خلال السنوات الأخيرة، ما تفسيرك؟ وهل نحن أمام مرحلة جديدة للأدب الفلسطيني؟

لا بد من التوضيح أولاً أن مكانة أيّ أدب لا تحدّده الجوائز، ومكانة الرواية الفلسطينية كانت بأسماء كبيرة مثل غسان كنفاني وإيميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا وآخرين، أكبر مما عليه الأدب الفلسطيني اللاحق لهم، لكن كي نبقى في معايير زمننا، أقول إن الجوائز يتبعها دائماً مبيعات كبيرة وترجمات متعدّدة وتغطيات صحفية واسعة، وهذا كلّه لا يمكن ألا يكون عاملاً أساسياً في التقييم الجمعي لأدب دون غيره، أو رواية دون غيرها، وللأدب الفلسطيني، في هذا السياق، مكانة متقدمة عربياً.

الأدب برأيي انعكاس للواقع مهما كان فانتازياً أو تاريخياً، والحالة الفلسطينية، واقع الفلسطينيين في كافة أماكن وجودهم، في تغيّر دائم ومتأثّر بما حوله، هذا ما يجعله، لحسن حظّ الرواية الفلسطينية، في مراحل جديدة، لا تكاد تستقر إحداها حتى تأتي غيرها لتنفيها.

- ماذا تكتب الآن؟

بدأت قبل أشهر قليلة بكتابة رواية جديدة، ملامح الشخصيات وحكايتها نضجت في ذهني وتأسّست في الفصول الأولى، أنتظر أن أرى أين ستقودني هذه الشخصيات.

عن بوابة العين الإخبارية

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم