صدر عن منشورات المتوسط - إيطاليا، كتاب جديد للروائي اللبناني فوزي ذبيان، وهو رواية سيرية حملت عنوان "مذكّرات شرطي لبناني".

وفي هذه الرواية، وعبر سرد رشيق ومثير، بلا إطناب لغوي، ولا عرض إمكانات بلاغية، يكتب الروائي اللبناني فوزي ذبيان سيرته الذاتية الغنية والمتنوعة والشاقّة خلال عمله شرطيّاً في مؤسسة "قوى الأمن الداخلي" بلبنان.

لولعه بالتاريخ أراد أن يدرسه في الجامعة، إلا أن والده لم يقبل الفكرة بسبب المستقبل المهني غير المضمون لخريجي قسم التاريخ، ونصحه بدراسة التجارة لأنها "تُطعم خبزاً"، كما رأى. وهناك، في كلية التجارة، وفي قاعة المحاضرة، وخلال دردشة سريعة مع زميله، قرّرا أن يصيرا من "الدّرك"، فذهبا من فورهما إلى هناك، وتم قبولهما في "الأمن الداخلي".

19 عاماً، ظل شرطياً، بدءاً من ثكنة "بنو بركات"، إلى "مفرزة سَيْر" في طرابلس، ثم "مخفر البسطة"... يتعرف القارئ خلالها على عالم غريب وعجيب قلما تناولته الرواية، اللبنانية خاصة، والعربية عامة، بما يتضمنه من مظالم وجرائم وحزن وقهر وخوف، وكذلك من هيمنة قوى سياسية وطائفية عليه. 

خلال تلك الفترة حاول تحقيق حلمه بدراسة التاريخ في الجامعة، إلا أنه، نتيجة ظرف طريف، سجل في "قسم الفلسفة".

علاقة الكاتب، الشخصية الرئيسة في الرواية / السيرة، بالكتب والثقافة أهّلته ليتعرف على المجتمع اللبناني أكثر فأكثر، وعلى القوى السياسية والطائفية التي تحكم لبنان وتتحكم فيه أكثر فأكثر، ليقول: "بشكل صريح أو مبطّن تُشكِّل الطائفية المهماز الأهمّ في حركة مؤسّسة قوى الأمن الداخلي شأن المؤسّسات الرسمية كلّها في لبنان"، وقد توصل إلى نتيجة حاسمة وهي: "إن لبنان هو بلد مؤجّل على الدوم، بلد على الحافّة... باللبناني: "بلد من قَريبو".

تكشف الرواية عن عالم مجهول يبدو وكأنه سرّي، على الرغم من أن الجميع يعيش فيه، وعلى الرغم من علانيته، إلا أنه عالم مغطّى بطبقات كثيفة من رواية السلطة وإعلامها.

بعد 19 عاماً، حلّت اللحظة التي يُعلن فيها الكاتب تحرره من تلك المرحلة بكل ما فيها، وينحاز بشكل كامل للكتابة، معبّراً عن ذلك بقول ذي دلالة يختم فيها سيرته: "أنا الدَّرَكي الشقي الخجول الفظّ المضطرب لم أرَ لي علاجاً في رحلتي الدَّرَكية الطويلة إلّا الكلمات الكلمات الكلمات...".

أخيراً، جاءت الرواية في 408 صفحات من القطع الوسط.

من الرواية:

إن الوقت في زمن البؤس لا يتوالى على الإطلاق، فعقارب ساعات هذا الوقت تتكدّس فوق بعضها البعض ككومة من الحطب المتّقد. اليوم مثل الأمس، وغداً حكماً مثل اليوم، والساعة التي قد مرّت للتوّ هي عينها التي ستحين بعد قليل.

قد لا يكون لهذا الكلام أيّ وقع إلّا عند مَن عايش هذا النمط من الوقت المتخثّر والمنتشي ببؤسه، إذ كيف لكائن أن يقتنع أن الوقت لا يتعدّى أن يكون فجوة تصلّب أو أن يكون حَنْجَرَة تصدح بأبدٍ صدئ!!

عن المؤلف:

فوزي ذبيان، صحافي وروائي لبناني، شرطي سابق. حاصل على ماجستير في الفلسفة. صدرت له منذ العام 2005 الاعمال التالية : إكميل ( دار الساقي) - الإرهابي الاخير - مراتب الموتى ( دار الفارابي) أروريل في الضاحية الجنوبية - خيبة يوسف ( دار الآداب) بيروت من تحت - القبلة الابدية ( منشورات الجمل) فضلا عن المشاركة في عمل جماعي ( قصص قصيرة) صدر بالفرنسية عن منشورات Inculte الفرنسية.


0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم