صدر حديثاً، عن (منشورات المتوسط – إيطاليا) رواية جديدة للروائي والكاتب المصري يوسف رخا حملت عنوان: "إنك ذاهب إلى البار".

هي "رواية قصيرة" كما يسميها الكاتب، لكنها غنية بالأحداث التي تظهر كأنما على نحو مفاجئ، غير متوقع، وصاعق. رواية مكتوبة بكثافة لغوية يشعر القارئ معها أنها رواية لغة؛ ثمة سرد غير متقطع، ولا يتوقف في أية حال، ليس سرداً هذيانياً كما يمكن أن توحي به الرواية منذ صفحاتها الأولى، كما أنه ليس بعيداً عن ذلك؛ هو، أيضاً، نوع من الاشتباك القوي بين البنية النفسية لبطل الرواية وبنية اللغة المشدودة كسهم في قوس! هذا التماثل بين بنية اللغة وبنية البطل النفسية يجعل القارئ، ربما، لا يستطيع التخمين: أيهما يحمل الآخر: هل الحدث والشخصيات يحملون الرواية، أم اللغة هي التي تحملها؟ إنما لا حاجة لهذا التخمين أبداً، فهذه رواية تتدفق فيها اللغة بالتوازي مع تدفق الشخصيات والأحداث والبنى النفسية لشخوصها جميعاً.

في طريقه إلى البار يحدث كل شيء؛ في الحقيقة يحدث الماضي، كما يحدث المستقبل، أما الحاضر الراهن فيظهر بأقل ما يمكن من الظهور، كأنما حياة بطل الرواية هي ذلك الماضي، وذلك المستقبل الذي لن يرى فيه القارئ سوى الموت، كأنما الحاضر الراهن هو طريق إلى الموت فقط!

شخصيات الرواية جميعها تشبه البطل من حيث إنه هو وهي شخصيات ليست سوية بالمعنى الواقعي، شخصيات على حافة الموت، وفي قلب الأغنية والموسيقى، كأنما تموت على وقع الأغاني، وكأنها تريد ذلك حتى لو لم تصرّح به! هي رواية، إذاً، عن الموت والموسيقى، عن الإنسان الواقف طيلة حياته على حافة الهاوية.

أخيراً، جاءت الرواية في 96 صفحة من القطع الوسط.

عن الكاتب:

يوسف رخا: كاتب مصري، ولد عام 1976، وحاز شهادة بكالوريوس في الآداب من جامعة “هل” البريطانية.  يكتب باللغتين: العربية والإنكليزية.

أصدر العديد من الروايات، منها: كتاب الطغرى، والتماسيح، وباولو.

وله كتب في أدب المكان، منها: بيروت شي محل، وبورقيبة على مضض، وشمال القاهرة-غرب الفلبين.

له ديوان شعر بعنوان: يظهر ملاك. ومجموعة قصصية بعنوان: أزهار الشمس.

فاز بجائزة ساويرس للعام 2017.

من الرواية:

تفتح يدكَ وتنظر إليها. الجرح دائري وعميق، لا يُوجِعكَ، لا يمكن إلّا أن يكون حديثاً جدّاً، لكنه في مرحلة متقدّمة من الاندمال. كيف ذلك؟ ودون أن يُحسَمَ كيف أصابكَ، تسمع اللحن المصاحب لمشهد الصَّلب في فيلم «الإغراء الأخير للسيّد المسيح». هناك أشخاص تظهر على أجسامهم آثار صلب، هكذا تلقائياً، من شدّة الإيمان.

لا يبدو البار بعيداً عن بيتكَ في القاهرة، مع أنكَ تعرف أنه على الطريق الصحراوي، خارج المدينة بأكثر من مئة كيلومتر. إنه ملحق بنُزُل طريق بين القاهرة والإسكندرية. ومع ذلك، وأنتَ لا تشكّ بحتمية وصولكَ، تجد نفسكَ ذاهباً إليه مشياً على قدمَيْكَ.

هناك شعور بأنكَ في حُلْم، ومع أننا لا نستغرب الأشياء الغريبة في أحلامنا، إلّا أنكَ تستغرب ما يحصل، على الأقلّ تسأل نفسكَ عنه، وتقول لنفسكَ إنكَ لستَ نائماً ولا تحلم، لكن الحياة باتت فيلمَ خيالٍ علميٍّ، تختلف فيه قواعد الطبيعة نفسها، أمّا أنتَ، فكأنكَ في وعي مؤلِّف هذا الفيلم؛ أُسند إليكَ دَور البطولة دون أن يخبرَكَ أحد، حتَّى أصبحتْ مَشاهد الفيلم هي الواقع الذي تعيشه فعلاً.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم