"خيط البندول"؛ رواية الأديبة السورية نجاة عبد الصمد، صادرة عن دار هاشيت أنطون/ نوفل، بيروت، ديسمبر 2022.

طبيبٌ يزور طبيباً. هكذا تبدأ الرواية بزيارة أسامة، الطبيب الاختصاصي بأمراض النساء وعلاج العقم، لأستاذه مختار، يطلب نصيحته بعد طول معاناته في علاج زوجته لإنجاب طفلهما، ثم فجأة يستقبل أسامة طفلاً جاء من حادثة اغتصاب طفلةٍ قاصر، كيف له أن يقرر مصير هذا الطفل؟

في "خيط البندول" يروي أسامة حكايته بصوته، وعلى التوازي، تتوزّع أصوات السرد ما بين وردة ابنة قرية المغمورة، إلى صوت الراوي العليم يسرد حكايات رجال ونساء المجتمع على السواء، ومن خلالها تتكشف الفروقات بين الطبقات الاجتماعية في سوريا ما بين الأكاديمية والمتوسطة وأهل القاع، منذ منتصف القرن العشرين حتى أيامنا هذه. وتكشف الرواية عن حيوات هؤلاء الناس، وإلى أية أساليب لجأ كثيرون منهم ليحظوا بطفلٍ لم يستطيعوا إنجابه بأنفسهم، وهل كانوا يدركون تبعات ما فعلوا؟!

تتبع الرواية هواجس الإنسان حول الألم والمرض والحياة والموت، والحب والزواج كحياة مشتركة و/أو استمرار الذريّة عبر الإنجاب، ووعود الطب الحديث باجتثاث العقم، وهل وفى بوعوده أم لا! وتحتفي بالأمومة كرسالة، كبطولة خَلقٍ وتربية، سواءٌ بإنجاب الأطفال أو من دونه!

لكنّ بطل الرواية الخفيّ ليس أسامة دائماً، أو وردة التي طرأت على حياته، أو حتى زوجته نداء وصديقاتها فريدة وسالي وكاميليا ومريومة، أو الدكتور أدهم خرّيج روسيا التي حمل منها أفكاره ونظرياته وترك فيها حكايةً ثقيلة لن تكفّ عن وخز ضميره، أو الخالة جدعة، المداوية الشعبية الفقيرة والذكية، والتي ربّت أبناء أختها العشرة، بمن فيهم زاهي العبقري المجنون؛ البطل الحقيقي هو آدم، الابن الذي لا يصير ابناً.

يشار إلى أنه قبل "خيط البندول" صدر للكاتبة روايات ومرويات: "بلاد المنافي"، "غورنيكات سوريّة"، "في حنان الحرب"، "منازل الأوطان"، "لا ماء يرويها" الفائزة بجائزة كتارا للرواية العربية عام 2018. وفي أعمالها تابعت رصد الإنسان السوري ما بين أحلامه وواقعه، وما بين نفسه ومجتمعه، وفي أوقات الحرب والسلم، وأفردت للمرأة منها حصةً وازنة. وكأنها لم تكن تروي عن المجتمع السوري وحده، إنما تتعداه إلى الإنسان في أية أرضٍ كان.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم