شاكر نوري

تجتاح الأرضَ جائحة كورونا التي لم نشهد لها مثيلًا منذ فجر التاريخ، لكنّ ذلك لم يمنع من تدفّق الكتب في حياتنا، ولم يُضعف من القراءة.

صنعت الجائحة في البلدان القارئة فرصة لتعميق القراءة والتأمّل في الذات والعزلة الخلاقة، لأنّها الفعالية الوحيدة التي ترافقنا في كلّ مكان.

إنّ ولادة أيّ دار نشر جديدة هي ولادة فريق عمل متكامل، والمضي عبر عملية النشر بكلّ حلقاتها.

جاءت هذه الولادة استجابة لبعث روح القراءة والبحث والمعرفة.

تسعى دار المحيط للنشر لتكون لبِنة مهمّة في صرح عالم النشر، وتكمل عملها في خلق قنوات التواصل بين عوالم الكتب ووسائطها المختلفة سواء عن طريق النشر باللغة العربية، أو مترجمة عن لغات أخرى.

تنفتح الدار على مختلف أنواع الثقافات، مرحّبةً بالمشاريع الأدبية والثقافية وتوجّهها في التفاعل الإيجابي مع ثقافات الشعوب، ابتداء من طباعة الكتاب وتسويقه ومتابعة الفعاليّات المصاحبة لإصداره، والاحتفاء بالمؤلّفين والكتّاب .

ثمّة تساؤلات عديدة تطرحها علينا ظروف النشر الحالية، ولكنّها لا تثبط من عزائمنا في السير على دروب الكتاب الصعبة.

هدفنا في ذلك إعادة تسليط الضوء على الكتاب في وقت تتراجع فيه عدد من دور النشر، أو تعلن توقّفها وسط منافسة شديدة في سوق النشر الإلكتروني وهيمنتها، لكن ذلك لا يقلّل من أهمّية الكتاب الورقي الذي يبقى الوسيلة الأمّ في اكتساب المعرفة.

"الكتاب يعاني" عبارة طالما ردّدها المشتغلون في ميدان النشر العربي، سواء تعلّق الأمر بتأليفه أو مراجعته أو تصميم أغلفته أو طباعته، إلى جانب الأزمات الأخرى مثل العلاقة بين الكتّاب والقرّاء، وتراجع الاهتمام بالمطبوع، وندرة ما هو جدير بالنشر، وتكاليف الطباعة الباهظة، وغيرها من الهموم التي تلقي بظلالها الثقيلة على صناعة الكتاب.

على الرغم من كلّ ذلك يبقى إيماننا بالكتاب الورقي أقوى من كلّ شيء، وولادة أيّ كتاب جديد يسهم في تبديد الظلامية ورفع راية التنوير.

تسعى دار المحيط للنشر الوليدة أن تقيم علاقة بين عالم القراءة وعشّاق الكتاب في إمارة الفجيرة والإمارات والعالم العربي، وخاصّة علاقة الأطفال والنشء الجديد بالكتاب الورقي بعد أن غزت الأدوات الإلكترونية الصاخبة عقولهم الطرية.

لا بدّ أن يكون الكتاب كائنًا تفاعليًّا حيًّا قادرًا على تجسيد عجلة الإبداع والنهوض في ظلّ الدعم الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة للكتاب، ورعايته على أكمل وجه من خلال النشر، وإقامة معارض الكتب العالمية والأنشطة الأدبية والمهرجانات الفنّية.

تحرص دار المحيط على الالتزام بمعايير نشر عالمية مستوحاة من تلبية حاجات القارئ إلى الكتب.

رهانها الحالي في إقامة ورشات الكتابة والفنّ مع الحفاظ على مهمّتها الأساسية كدار نشر تُعنى بالكتاب، وتؤمن بالتنوّع والتنافس والإبداع.

تنطلق الدار من أرض الفجيرة الخيّرة للإبحار في محيط الكتب: تاريخية، وفكرية، وأدبية، وأدب أطفال وناشئة، إذ تعتزم تدشين إصداراتها وطرحها في المكتبات ومعارض الكتب.

مع هذه الإصدارات ننطلق إلى ما هو أبعد من رؤية بحر العرب وكلّ البحار، لأنّ كلّ كتاب هو إبحار في عالم الثقافة والتنوير.

عن صفحة الروائي شاكر نوري على الفيسبوك

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم