صدر حديثاً، عن "منشورات المتوسط – إيطاليا"، رواية جديدة للكاتبة المغربية كريمة أحداد، بعنوان "المرأة الأخرى".

ليست الأحداث هي التي تجذب القارئ إلى هذه الرواية فقط، وليست هي فقط من تجعله يتمنى ألا يتركها إلا وقد انتهى من قراءتها، بل القوة التعبيرية للكاتبة، والتنظيم الذي اتبعته في انشغالها الزمني والمكاني وفي تقطيع الرواية أيضاً. يضاف إلى ذلك كله التدفق اللغوي دون ارتباك ودون ادعاء.

تتخذ الكاتبة لشخصيتها الرئيسة اسماً دالاً بوضوح: شهرزاد الراوي، من حيث ارتباط الاسم بشهرزاد "ألف ليلة وليلة" واعتمادها الكلام والقص لتأجيل، بل لمنع موتها، كذلك تلجأ شهرزاد "المرأة الأخرى" للكلام والقص لمنع موتها بعد إحباطات بالجملة، منها: فشلها لسنوات أن تكون كاتبة، وفشلها في زواجها...

من خلال حديث زوجها عن حبيبته السابقة؛ نجوى، اكتشفت شهرزاد صفات إيجابية كثيرة لنجوى تلك، إضافة إلى جمالها الفاتن، فانطلقت في رحلة متعبة ومعقدة لتتعرف إليها، حتى يُخيل للقارئ أنها أحبتها حباً عاطفياً. راسلتها عبر وسائل التواصل، أنشأت صفحات بأسماء مزيفة لرجال ونساء لمزيد من التقرب منها واكتشافها، غامرت مغامرات مراهقة لأجل ذلك، تخيلتها، حلمت بها أحلاماً خاصة! وهكذا... ما يجعل القارئ في لهاث دائم لمتابعة هذا الطريق الغريب والمضني الذي سلكته بطلة الرواية، ولمعرفة النتيجة أيضاً.

عبر ذلك السرد الرشيق تحكي الرواية قصصاً متعددة لنساء مغربيات يصلن إلى مصائر مفروضة عليهن، أغلبها بائسة وشديدة القهر، شأن ما تتعرض له النساء في معظم بلدان العالم. وبهذا يتعرف القارئ على أوضاع المرأة المغربية.

كذلك سنكون، كقرّاء، في قلب أسىً من نوع خاص يتمثل في الفساد الثقافي الذي يجثم بكل جبروته على المشهد العام ويطبعه بطابع الخذلان.

رواية مشغولة بأناة وصبر وشغف. 

 أخيراً، صدر الكتاب في 472 صفحة من القطع الوسط.

 من الكتاب:

فكّرتُ في نجوى وأنا أنظر إلى أضواء الشارع الموحِشة، وشعرتُ أنني أريد سَعداً أكثر، وأنني أودّ أن أظلّ لصيقةً به إلى الأبد. لم أعرِف إن كان ذلك بسبب أنّني أريدُه هوَ أم لأنني أريدُ أن ألمَس بشرةَ نجوى في بشرتِه. من فرطِ هَوَسي بها، لم أعرف إن كان التفكير فيها يقرّبني منه، أم يُبعِدني عنه. أحياناً كنتُ أندَسّ في حضنه حين أفكّر فيها، وأرغبُ في البقاء هناك إلى الأبد، كأنني أخافُ أن أفقده بسبب جنوني بها. أحياناً، كنتُ أرى صورتَها في عينَيْه، فأستمرُّ في النظر إليهما، وأنا أتذكّر بمتعة كلّ ما دار بينهما من أحاديث وما تبادلاه من رسائل. أحياناً، كنتُ أضع أحمرَ شفاهها وأقبّله به حتّى ألطّخَ شفتَيْه، ليس لأنني أريد أن أذكّره بها، بل لأنني كنتُ في لحظاتٍ ما، أرغب أن أكون هيَ.

عن الكاتبة:

كريمة أحداد، روائية وكاتبة مغربية مقيمة في إسطنبول، تعمَلُ في الصحافة وإنتاج المحتوى الرقمي منذ العام 2014. صدرت لها رواية بنات الصبار عام 2018، وحلم تركي عام 2021. حصلت على جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب في القصة القصيرة، وجائزة محمد زفزاف للرواية عن روايتها بنات الصبار عام 2020.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم