سهير عبدالله رخامية: كل رواية كتبتها عشتُ مع شخصياتها
أكثر ما يؤثر بالكاتب/ة، هي البيئة والمناخ، السفر الرحلات، الاختلاط بالشعوب بعاداتهم وتقاليدهم، الوطن الذي يعيشه ويستنشق هواءه، الطبيعة بكل تقلباتها الفصلية تؤثر به، تمنحه شيء من الروحانية والبعد الفكري، خيال واسع يحلق معه بين السماء والبحر والخضرة والماء والناس، أهمها الأحداث اليومية المتغيرة بحسب الشارع، تغير عنده بعض التفاصيل الصغيرة والكبيرة، تُخرج البعض من عباءة التقاليد والعادات، يتكون عنده بُعد نظر مختلف، يتأثر بكل هذا ويؤثر من خلال ما يكتبه، وتكون له بصمتة الخاصة، لكل كاتب/ة بصمته الخاصة بهم وحدهم ولا تتشابه مع غيره.
أعود للبداية، أذكر أنني بدأت كتابة الشعر والخواطر بعمر مبكر، توسع تفكيري وأنا أكبر، كتبتُ بعض القصص القصيرة، نُشرت بمجلات وصحف ورقية والكترونية.
أما بداية تجربتي في كتابة الرواية تحديدًا، كانت امتداد لكتابة القصة القصيرة، جاءت بالصدفة البحتة، في أحد المرات كنت أجلس وزوجي نتسامر بأمور كثيرة محورها الكتابة، طلب مني أن أكتب قصة حياته، أعاد طلبه لأكثر من مرة، الفكرة راقت لي، لكني كنتُ بحيرة من أمري لا أعرف من أين أبدأ، قبل لقائنا أم بعده، لأستجمع الأفكار والأحداث والمواقع والشخصيات، كنتُ أسمع له، يضيف لي مواضيع وتفاصيل مثيرة عن حياته، يشجعني كي أكتب، وكان الأمر، أنهيتُ كتابة فصل كامل وبدأت بالثاني وتوقفت، لاحظتُ أن كتابة سيرة ذاتية صعبة جدًا ومرهقة بنفس الوقت خاصة أنها أول تجربة لي بكتابة الرواية، تحتاج لمجهود كبير، الأحداث تفرض نفسها، تسترسل وتدمج الخيال بالواقع لتظهر خلطة لأحداث حقيقة حصلت فعلا وعاشتها الشخصيات بتفاصيل معينة، بالوقت نفسه رأيت أن الكتابة الروائية تمنح الكاتب الكثير من الحرية، ويمكن للرواية أن تتشكل من عدة أنواع: الرواية السّردية، السّيرة الذّاتية، الرواية التاريخية أو الفانتازيا أو تكون مزيجا من كل شيء، وبالتالي يمكنها خلق فرقة متعددة الألحان كما قال ميلان كونديرا، لذلك قلمي لم يستمر معي بكتابة أول عمل روائي كسيرة ذاتية، بل انحرف وأخذ يكتب بمنحى آخر، تركني واتجه الى فكرة رواية أخرى، كأن هناك شيء بداخلي يأخذني لمكان فيه عالم مزدحم من الشخصيات لأحداث لا أعرفها وعليَّ أن اكتشفها، شيء آخر من المتعة جعلني أترك ما بدأته واتجه لكتابة عمل آخر، بعد أن تجاوزتُ كل الاستحضارات من أفكار وأحداث وشخصيات وخلافه، تركت الكتابة في قصة زوجي وفتحت صفحة جديدة، وبدأتُ أكتب رواية أخرى لا تمت بأية صلة للواقع حولي، شيء آخر بعيد كل البعد عن حياة زوجي.
رواية انفلتت عن حدود قلمي، وبدأ يكتب باتجاه مختلف، أخذ يرسم ولادة رواية من رحم رواية.. وكانت رواية (حنين)، الرواية التي قطعت حبل أفكاري وكتبتْ نفسها بنفسها، كانت أول إصدار لي كان عام 2014، حنين خزينة أفكار وخيال فتاة صغيرة، ببداية خطواتها الأولى نحو المراهقة تراءت لي وألحت عليَّ لأكتب عنها، عن مستقبل تتخيل أنها ستعيشه، ظهرت لي فتاة رسمت خطوط سنواتها القادمة وهي تكبر، كأنها رسمت خيوط أحلام اليقظة تعيشها بالخيال وتتمنى تحقيقها، فرضت عليَّ كتابة حلم صبية تحاول أن تكون بطلة رواية عندما تكبر، كأي حلم نحلمه وعيوننا يقظة ترصد الواقع، فتاة تحكي وترسم من الخيال واقع تعيشه بالمستقبل. الشخصيات كانت مبهرة تظهر أمامي من تلقاء نفسها تتداخل مع الأحداث بمفردها، كأن أحدً يُرسلها لي وتكُتب بدون جهد مني، جاءت أحداث الرواية بانسياب سردي ممتع وسهل أحببتها وأنهيت كتابتها خلال شهرين، كانت مولوداً من رواية بدأتُ كتابتها وتوقفت قبل أن أنتهي منها، تجمدت مخيلتي تخلت عني وانتقلت لتكتب حنين، عادت لي بعد أن انهيت الكتابة من حنين.
كانت (ويبقى الرماد يحترق) عام 2015 هي الأساس بتحولي لكتابة الرواية، كتابتها أخذت معي من الزمن خمسة أعوام حتى انتهيت منها.
بعدها أنهيت كتابة روايتين وبدأتُ بالثالثة والرابعة ب 2008
أول اصداراتي بدأت ب 2014
بإمكاني أن أقول إنّ زوجي كان سبباً مباشراً لانتقالي أو تحولي من كتابة القصة القصيرة إلى كتابة الرواية بشكل عام..
لم يخطر ببالي أبدًا أني سأصبح كاتبة روائية في يوم من الأيام، وحدث.
تأثرت بعدد كبير من الكتاب، قرأت لهم وأنا أكتب الشعر والخواطر قبل أن أفكر بكتابة الرواية، كان منهم: يوسف السباعي احسان عبد القدوس، يوسف إدريس، توفيق الحكيم، المازني، وفيق العلايلي، محمد الماغوط، غادة السمان وكوليت خوري.
تولستوي، زوربا اليوناني، أغاثا كريستي، هنري ميلر، لوسي مود مونتغمري، إيزابيل اللندي، دان براون، أليف شافاك.
منهم من قرأت لهم خلال صدور أعمالي الروائية وبعدها.
كتبت مجموعتي القصصية ( زهور برية ) وصدرت عام 2015،
بعدها ديوان شعر ( على ضفاف الزمن مررتُ بذاكرتي) صدر 2016
بعدها عدت لأتابع اصدار الرواية من جديد وكانت (أرواح مشروخة) 2017
وصدرت الطبعة الثانية لرواية ( ويبقى الرماد يحترق) 2018
وتابعت برواية ( سيدة العشق والرحيل) أخذت كتابتها مني ستة سنوات تقريبا وصدرت بالعام 2019
هناك روايتين تنتظران مني البحث عن دار نشر مميزة ومختلفة لتظهر الى النور.
كل رواية كتبتها عشتُ مع شخصياتها سنوات وعمراً وأنا أكتب فيها إلى حين صدورها..
*كاتبة ورائية سورية صدرت لها مؤخرا رواية "سيدة العشق والرحيل"
0 تعليقات