عندما بدأت بكتابة روايتي الأولى بعنوان "دنيا نور والحبّ الذي لم يتوقعه أحد"، قضيتُ وقتاً طويلاً في محاولة العثور على اللغة المناسبة، والنبرة المتوازنة، ووجهات النظر الصحيحة لوصف شعوري تجاه سوريا؛ البلد الذي قضيت فيه طفولتي وسنوات مراهقتي، وكذلك وصف محاولات شباب ليكونوا صادقين مع أنفسهم، على الرغم من جميع الضغوط التي كانت تسير بخلاف ذلك؛ أعتقد أنه صراع يواجهه كلّ الشباب في جميع أنحاء العالم، ليس فقط في سوريا وحدها.

إن العثور على الذات الحقيقية والأصيلة، والمضي في رحلتنا الشخصية الخاصة بنا يتطلب تفانياً بطولياً لأجل الحقيقة ومقداراً كبيراً من الشجاعة، وهما صفتان غالباً ما تثبطهما المجتمعات في الشباب، وتحديداً عند البالغين، وحتى لدى الكتاب والفنانين. في محاولة للعثور على هذا الصوت الحقيقي والصادق الذي يحكي قصة دنيا نور، قمتُ بالعديد من المحاولات، ووجدت نفسي أمام العديد من التساؤلات:

هل علي أن أكتب بالطريقة التي قيل لي أن على المرء أن يكتب بها، أم يجب أن أكتب ما فكرت به وشعرت به حقاً؟

في الجمل التي صغتها، والمشاهد التي حبكتها، كنت أخشى أحياناً أن أكون عاطفية جداً، أو شبيهة بطفلة، أو فلسفية جداً، أو مرحة جداً، أو صارمة جداً، أو أن أخلط كل هذه الانفعالات والملامح معاً بطريقة سيجدها بعض القراء غريبة وغير مقبولة، لكنني أدركت لاحقاً أنها كانت جوهر ومهمة هذا الكتاب، أي إدهاش الناس ومحاولة قول الحقيقة بطريقة بسيطة، دون خوف من ردود الفعل أو العواقب.

علّمني هذا العمل الروائي أن أواجه مخاوفي.

سمحت لنفسي بكتابة ما ظهر بشكل طبيعي في مخيلتي دون محاولة مراقبة نفسي أو التحكم في السرد الروائي، وبهذه الطريقة ظهرت العديد من القصص التي أخذتني على حين غرة.

على سبيل المثال، ظهرت شخصية سها حبيبي من العدم، وقد علمتني أشياء كثيرة لم أكن أعرفها من قبل. لم أقابل شخصية مثل سهى طيلة حياتي، ومع ذلك بدت بالغة تماماً ومألوفة؛ وكذلك كانت دنيا نور.

في البداية، اعتمدتُ على دنيا على نحو غامض جداً، لكن سرعان ما أصبحت تمثّل نفسها، وحلّقت بعيداً عني، وأصبحت شخصاً جديداً لم أقابله أبداً.

خطر الكثير من الأفكار بذهني خلال كتابة المسودات القليلة الماضية، ونشأت بشكل طبيعي من القصة التي شعرت في كثير من الأحيان بأنها كانت تكتب نفسها، وكانت وظيفتي في الغالب تحريرها، وتنظيم عناصرها، وأسلوبها.


  • وُصفت الرواية بأنها "رواية فكاهية رومانسية سياسية صوفية و فلسفية عن فتاة تتمرد عبر الأشياء التي تحبّها، والأشخاص الذين تحبّهم". الرواية لم تترجم بعد إلى اللغة العربية.

  • نشأت رنا حداد في مدينة اللاذقية في سوريا، وانتقلت إلى المملكة المتحدة عندما كانت مراهقة، درست الأدب الإنكليزي في جامعة كامبريدج. عملت منذ ذلك الحين كصحافية في هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، والقناة الرابعة (4).. كما قامت بنشر الشعر. وهي تعيش الآن بين لندن وأثينا.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم