ربما يكون أهم ما في روايةٍ ما هو شعور الدهشة الذي نجد أنفسنا غارقين فيه منذ بداية الرواية حتى آخرها. 

وهذا من نجده في رواية متسول المأساة للكاتب عمر غبرا. خليط غريب من الشخصيات والأحداث والفوضى يثير الدهشة. 

ملحمة روائية تجاوزت الشكل المألوف لتصوير المعاناة الإنسانية في مشهديّة واقعية عرضت أشكالاً للمعاناة مسكوتٌ عنها ومغيبةً بالصمت والعجز والخوف. 

إضافةً إلى أنها توثيق لحالة التخبط في مجتمعٍ عينه عمياء وميزانه مختل وأحكامه لا تعرف المنطق. 

إن هذا النص يعد قيمةً مضافة للرواية العربية لقدرته على الكشف عن هذه العوالم المخفيّة في وجدان الإنسان بنسقٍ أدبي رزين.

كتبت الرواية بأسلوب بسيط وإن كانت قائمةً على الغموض بلغةٍ أنيقة بها بعض التكلّف دشّن بها الكاتب عالمه من الواقعية الأليمة للبيئة السورية فكانت البداية تمثل العجز أما العقبات الصغيرة، فأقصى طموح شخصية "أبو سالم" بائع الفول على عربة متنقلة هو أن يوفّر المال لإصلاح عربته أو تغيير أنابيب الصرف الصحي لمنزله. 

وينتقلُ الكاتب سريعاً ليخوض في فلسفة الأخلاقِ في مجتمعه ليرى فسادَ المنظومة الأخلاقية وعدمَ جدواها باعتبارها لا ترتكز إلى المنطق بل إلى الشعارات والأحكام الجمعية. 

ثم دارت جميع شخصيات الرواية حول شخصية مركزية وهي شخصية المجنون يحيى الذي فقد عقله في أحد السجون السورية فتتشابك قصص الشخصيات جميعها مع هذه الشخصية بحثاً عن تاريخها المشترك وكأنه يريد القول أن تاريخنا رغم اختلافنا مرتبط بالجنون.  


0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم