العشق وتجلياته في رواية «الظل والعاشقة» لليمني أحمد السري
انتصار السري
صدرت عن مؤسسة يسطرون في القاهرة رواية «الظل والعاشقة» للروائي اليمني أحمد السري. تدور أحداث الرواية، التي جاءت في 288 صفحة من القطع الكبير، خلال أواخر الثمانينيات، وتحديدا في عام 1988، في قرية (أرض الغمام)، وهي قرية نسجتها مخيلة الروائي في محافظة تعز.
الرواية التي كتبت بلغة امتزج الخيال فيها بالواقع، طرقت موضوعا سبق أن تطرق له العديد من الروائيين العالمين والعرب، وهو موضوع الخيانة الزوجية، خاصة خيانة الزوجة لزوجها، في أعمال روائية شهيرة مثل رواية «الأحمر والأسود» لستندال، ورواية «مدام بوفاري» للكاتب الفرنسي جوستاف فلوبير، كذلك رواية «آنا كارنينا» للروائي الروسي ليف تولستوي، ورواية «المتاهات» للروائي العراقي بُرهان شاوي.
في رواية «الظل والعاشقة» العاشقة لم تكن خائنة لزوجها، ولكي لا تخونه طلبت منه الطلاق من أجل أن تتزوج بالرجل الذي أحبته، وهو بائع الفواكه والخضروات المتجول «سليمان» المتزوج والأب لأربعة أطفال.
أن تعشق امرأة متزوجة «شجون» وأيضا جدة، وتعيش في قرية ومتعلمة، وهي ذات حسب ونسب ومال، والدها صوفي وكذلك عمها، هذه هي فكرة الرواية، التي لم يتطرق إليها أي كاتب من قبل. الحب عندما يدق باب القلب يجعل المحب لا يرى غير كل ما هو جميل من الحبيب، «شجون» عاشت للمرة الأولى الحب، رغم زواجها الناجح وحب زوجها لها، لكن زواجها وهي صغيرة ولا تعرف ماذا يعني الحب، لم تشعر به من قبل، كل ذلك جعلها تخوض تلك التجربة، هي أحبت الحب الذي هز وجدانها، ولم تشعر به مع زوجها، ورغم سنوات الزواج وطول العشرة معه، لم تميز بين الحب والوفاء لزوج، بينما هو لم يحاول أن يعيش معها الحب، إضافة إلى سفره للدراسة خارج الوطن، وتركها تعاني وحيدة. الحب لا يعرف سن ولا عادات ولا تقاليد، حقا أنه يلغي العقل. الزوج هو المهندس لُقمان الهلالي، خريج جامعة موسكو، عندما فاحت إشاعة عشق زوجته شجون للبائع المتجول سليمان، كتم غيضه ومنى نفسه بأنها مجرد نزوة وتتعافى منها زوجته، حبه الشديد لها وعشرة العمر والأولاد ووصية والدها له بها، هو ما جعله يصبر ويتحمل كل ما حدث من زوجته، كان يعرف أنه مرض أصاب زوجته، وأنه لو سافر بها إلى شجرة الغريب، ودعا هناك سوف تشفى من ذلك المرض.
أدرك عمها الصوفي عبد اللطيف الهدّار، توقد عقل ابنة أخيه، وأن ما تمر به هو مرض، وسوف يأتي يوم وتتعافى منه، حاول أن ينصحها ويخاطبها بالعقل، حدّثها عن عشق والدها الصوفي وسر صمته إلى أن توفي، من بين صفحات كتاب «منطق الطير» طلب منها أن تقرأ حكاية الشيخ صنعان، لعلها تجد فيها ما يشفي تساؤلها، قصة عشق الشيخ صنعان تشبه قصة عشقها وأنه ابتلاء للعاشق. كانت رحلة لقمان مع زوجته شجون من أرض الغمام إلى جبل الظل، ومكثهم في قرية قريبة من قمة شجرة الغريب، عند صديقه المهندس أشرف نور الدين، أثناء الرحلة سمعوا عن بركات شجرة الغريب، وأنها لغز من الألغاز الغريبة.
في القرية وأثناء جلسات المقيل حيث تجتمع في المقيل شخصيات من أهل القرية من بينهم جميل عبد الرب الموظف في الهيئة العامة للسياحة، شرح له سبب تلك الشائعات، وقال له إنه كل تلك الخرافات التي نشأت عن شجرة الغريب كانت من أجل الترويج السياحي. في اليوم التالي صعد لقمان إلى شجرة الغريب وشعر بجمال وسحر الطبيعة المحيطة بالشجرة وتأثيرها في المحيطين بها، هناك تعرف على زوج شقيقة سليمان «عبدالسلام» التي ذهبت إلى شجرة الغريب لتدعو لأخيها ليتعافى من عشقه لتلك المرأة المتزوجة والجدة، التي سلبت عقل شقيقها، في اليوم الثاني صعدت شجون مع زوجة المهندس أشرف وزوجة جميل إلى شجرة الغريب، وهناك كان لقاؤها بالشيخ الصبري، وحديثها ونقاشها الطويل معه، الذي أثار العديد من تساؤلاتها مع نفسها. في تلك الرحلة تجلت لشجون حقيقة عشق سليمان لها بأنه طامع في أموالها، وأن والدته وأخواته غير متقبلات لها، ولذلك العشق المحرم، عرفت مكانة زوجها لقمان بين أصدقائه، كانت الرحلة فيها شفاء لها من ذلك العشق، ليس ببركات شجرة الغريب، بل بسحر المكان وتغييرها للجو، ونقاشها مع الشيخ الصبري والشيخ أحمد عبد الله الأزهري، طيبة نساء تلك القرية وكرم ضيافة المهندس أشرف وزوجته، وقبل ذلك معرفتها حقيقة طمع العاشق الكاذب.
عند عودتها للقرية طلبت من لقمان أن يرمم بيت والدها لكي تستضيف فيه المهندس أشرف وزوجته، ومع اعتذارهما عن الحضور قررت أن تنتقل لتعيش فيه وجعل الدور الأول منه مكتبة يستفيد منها أبناء القرية كما قامت بترميم مدرسة القرية وتجهيزها، وطلبت من زوجها أن يطلقها لا لتتزوج بشخص آخر، بل لتعيش الحرية التي تمنتها.
في آخر سطر من الرواية قالت شجون لصديقتها عزيزة: «جربت الحرية، تذوقت العشق، تحررت من أشكال النفاق الاجتماعي، وصرت أنا أنا ظاهرا وباطنا».
القدس العربي
0 تعليقات