"عندما نسكُن الأمكنة وتنفينا، تحيا فينا ونموت عنها". "أماكنٌ لا تُشبهنا، لا تَصلُنا بها ولا نصل إليها، مهما كان مستوى تأقلُمنا عالياً، تلفظ ما عليها، وتبصقنا في بحر الذاكرة الخرساء". ساق البامبو، الرواية الحاصلة على جائزة البوكر العالميّة للرواية العربية،لعام 2013، تقع في ثلاثمئة وسبعة وتسعين صفحة، وتتوزع على خمسة أجزاء، بعناوين مختلفة، تمثّل الحياة الكاملة للشخصية الرئيسة، ماقبل وبعد ميلادها، وتحكي لنا عنها في التيه الأوّل ثم في التيه الثاني..وحياتها على هامش الوطن.. وجزء أخير، يمثّل خاتمة الحدث الروائي، مع العودة الى الوراء مما يعني أن الوضع الأوّل حيث بدء حياة الشخصية مُشابه للوضع الأخير، وما بينهما أحداثُ تحلُّلها من توقها لإحداث تغيير. يحتل المكان ثيمةً أساسيّة في الرواية، مُجسّداً حالة التفاعل الأوليّة للشخصيات ويساهم الى حد كبير في بلورة تركيبتها النفسيّة والعقليّة، ويعدُّ هوزيه /عيسى ، شخصيّة محوريّة، على علاقة مُتأزّمة بالمكان، وعلى صلة بالشخصيّات العابرة والحاضرة في الزمن الروائي. هوزيه ميندوزا، عيسى الطروف، آرابو، خوسيه، الفلبيني، أسماءٌ مُتعددة لشخصية واحدة،" أنا لم أختر إسمي..كل ما أعرفه انّ العالم كلّه قد اتفق على ان يختلف عليه."، ذات تبحث عن هوية محددة لها، " إنه قدري ان أقضي عمري باحثا عن اسم، ودين، ووطن.."، وتواجه نُكران المكان. وُلد هوزيه، من أب كويتي " راشد الطروف"، وأُم فلبينيّة " جوزافين" ، تزوجا زواجاً عُرفيّاً، إلاّ أن ذلك لم يضف مظهرا شرعيّا على علاقتهما في مجتمع لا يعترف بالآخر المختلف والأقل مكانة، فرُحّلت الأُم مع ابنها الى الفلبين ، حيث رفضت الأعراف في منزل آل الطروف، الإعتراف ببنوته لكون أمه خادمة وفلبينيّة أيضا، هناك في الفلبين ينشأ وينمو، في جو عائلي مُضطرب، جدُ "ميندوزا" كثير الطلبات، خالة بماض سيّء ومُدمنة، وابنتها، ميرلا مجهولة الأب بملامح أوروبية، ولا تعر حبّه اهتماما في بداية تعلقه بها، لنراها زوجة له في الأخير، وأخٌ من امه، يشعر بعقد نقص تجاه عقله المُعطّل. هُنا حيث لا حسب ولا نسب، عاش مُتآلفا مع الخضرة ومع شجرة البامبو الذي تمنى لو يكون مثلها لا انتماء لها، تذكره أمّه دوما بضرورة العودة الى المنشأ، وبأصوله العربية التي لا يشبهها بشيء سوى نمو شاربه وشعر ذقنه بشكل سريع، وبعد اتصال من قبل صديق والده" غسان" بناءا على وصيّة راشد الذي أوكله مهمة إعادة ابنه الوحيد الى وطنه ،يأتي هوزيه/ عيسى، الى الكويت وتبدأ معركته في اثبات هويته العربية، والمسلمة، وهو الذي اعتاد أن يكون مسيحيّا كاثوليكيّا في الفلبين ،ولكن المجتمع الكويتي بأرستقراطيته الزائدة يقف حائلاً وعاملاص مُعاكساً دون ذلك، فيعود الى الفلبين بعد ان يُقرّر كتابة فصول حياته وتجربته في البحث عن هويته، حيث سيقوم صديقه ابراهيم الذي يعمل مترجما لدى السفارة الفلبينية في الكويت بترجمة ما سيكتبه الى العربية، وستقوم اخته من أبيه "خولة"، التي شجعته على الكتابة بالتدقيق، والتعريف بأسماء من مروا والتأريخ لحوادث مرّ عليها هوزيه مرور المستمع الناقل والغير عالم بأبعادها، في محاولة لمحاكاة المحاكاة الفنية، وإمعانا في التخييل الروائي، قدّم لنا السنعوسي كشفا ذاتيا للغير يستحق الوقوف على أبعاده وتحليل مستوياته ، واختلافاته، قدر ما يتسع مجال القراءة له. يُشكّل المكان فضاءا وظيفيّاً في بناء العالم الروائي، فبالإضافة الى كونه بُقعة جغرافية على خارطة العالم، هو انشطار ذاتي على خارطة الكون الانساني، تنتثر من خلاله عناصر القص الروائي الأخرى، فبين الفلبين والكويت، رموز إشارية وأبعاداً دلاليّة تحمل رؤية الشخصيّة لاحتمالات وجودها ، وتُعيّن مكانتها النفسيّة من خلال الوصف، كقول جوزافين بعد مجيئها الى الكويت لتعمل خادمة لدى عائلة الطروف، " الطبيعة هنا لا تشبه الطبيعة هناك، في شيء الاّ شروق الشمس في النهار ..الناس هنا لا يشبهون الناس هناك ، حتى النظرات لها معان أخرى.."، فبينما وصف المكان في الفلبين يحمل دلالات الاتساع، والإنفتاح على الطبيعة والخضرة، حيث البيوت مساكن بسيطة والمقتنيات تخبرعن فقر أصحابها ،وصف هذه الأمكنة يحدد العلاقة وحال التواصل مع العالم الخارجي، حيث لا تقف أمثولات كالنسب والتقاليد عائقا أمام تقرير حياة الناس المنهمكين في فقرهم، وفي تحسين مستوى عيشهم، يضيق المجال في الكويت ليكون محصورا في شقة غسان، بالمقارنة معغرفة صديق في الفلبين ، "شقة صغيرة في منطقة الجابرية ..في غرفة تشانغ كن استعين بالنافذة المطلة على معبد سينغ.. أمّا نوافذ شقة غسان على كثرتها، فلم أجد من بينها نافذة أشاهد من خلالها ما يثير الاهتمام سوى ..الشعور بالغربة تجاه الأرض والناس.." وتبيان فخامة القصر والغرفة، ووصف الأُبّهة ومظاهر الترف الإجتماعي، الشوارع والسيّارات الفخمة، الانغلاق داخل المساحة، الشعور بالدونيّة واللإنتماء،" شعور بالفزع، الأعلام منكسة، المطار كئيب، .." الناس هناك لا يتحرجون ممن لا نسب لهم، أما في الكويت فالنسب يحتل قيمة أساسية في المجتمع، تعلو فوق أي حس انساني أو أخلاقي، فالفساد والفقر والرذيلة، لم تتخذ صورة أنانية من ذاتها، بل افسحت المجال لاعتبارات انسانية وروحية، كما نرى في اهتمام جوزافين بوالدها برغم مساوئه وحكمتها في الحياة القائلة: " كل شيء يحدث بسبب ولسبب.." ، واهتمام الخالة آيدا، بتعميد خوسيه في الكنيسة ، بينما مظاهر الغنى الفاحش، والتديُّن الظاهر، والتقاليد المنطلقة من مبدأ رفض الاعتراف بالآخر المختلف، واعتبار وجوده انتقاصاً من وجود الأنا ، كما في الموقف الذي قرر فيه هوزيه الرحيل عن بيت الطروف، " قررتُ الرحيل لم تتمسك خولة بي، رغم حزنها ،فوجودي في بيت الطروف مرهونا بوجودها" ، " اول مرة تناديني خولة بهذه الصفة : أخي.." ،" جدتي احتضنتني"، إن قرار رحيله يُمثل انزياح الهم عن هذه العائلة التي ترفض انتماءه لها، ورغم عطاءاتهم المادية إلّا أنه يتذكر هدايا أمه البسيطة المفعمة بالحب :" العطاء من دون حب لا قيمة له، الآخذ من دون امتنان لا طعم له" . اذا الانتقال من رحيل الى رحيل مرتبط بتشكُّل عنصر المكان، والذي يُمثل حيّزا فعّالا ومُتمَاسكاً في تبيان دلالات الحدث الروائي، فهو سرد مُمتد يمارسُ التخييل أقصاه، مُتَّخذّاً من شخصيّات مشهورة واقعا يُضَّمنها حكايته ، " كالروائي اسماعيل فهد اسماعيل"، على مختلف الصعد، وهناك أيضا أحداثا سياسية كالحرب التي دارت بين العراق والكويت، ، تداخلت مع توليف البُنيَة الروائية لتُشكّل بُعداً واقعيّاً جماليّاً ، وقدرة سرديّة عالية، قوامها التخييل. الغوص في تفاصيل المكان من خلال اعتماد الوصف المُتأنّي تارة والمتردد تارة أخرى، يُفسح للشخصيّة أن تعبّر عن رؤاها وتجربتها مع العالم، فهو يعطي تفاصيل غير مفصّلة عن واقع قد لا يكون واقعا بذاته، في جغرافية مكانيّة محددة، بل يُمثّل حالة دراميّة، يحدث أن تحدث في أي مجتمع إنساني، عبر تصوير البُعد النفسي والمعنوي لها. ويتدخّل عنصر المكان في تبيان الناحية الدلاليّة لعلاقة الراوي، بمستويات السرد والمنظور الروائي، حيثُ نرى المكان من خلال عيني الروائي، فالراوي هوزيه ، شخصية أساسيّة في هذه الرواية ، فهو داخل كون القص، من حيث أنه شخصيّة تتحرك في الزمان والمكان، لتخبرنا من وجهة نظرها ما حدث ويحدث ، وهو حاضر في كون القص وشاهد على تفاصيله، يمارس انتماءه لما يرويه، و لما يقوله، ويفعله، وينقل لنا الحدث عبر وسائل اتصاله بالشخصيات الأخرى، أو مشاهداته ، وما يسمع أيضا..وهو بطل ذاتْ ، مما يحيلنا للحديث عن راو أوّل، وهو المؤلّف الحقيقي الذي يسرد الحكاية من وجهة نظر الشخصيّة، والتي تمثل وعيها بما يحدث لها، فالرؤى متوافقة مع ما يصوغه الراوي، من خلال وعي الشخصية. فالسرد شخصي، والراوي شخصيّة مُتكلّمة تنتمي الى زمن السرد وتنقل لنا زمن الحدث، عبر ترتيب زمني، يتحرك عبره ما قبل، وما بعد، وفي زمن توهانه الأوّل والثاني، بدايةً من خلال رسائل أمّه وحكيها له عن والده، "ما كدت أبلغ العاشرة حتى بدأت تخبرني بتلك الحكايات"، واسترجاعها لكل ما حدث قبل أن يمتلك الوعي الكافي لتسجيل ما يحدث معه، فزمن السرد أكبر من زمن الحكاية، وهو مُختصر ، لا مجال فيه للوقفات الاّ ما ندَر، وهو لاحق، حيث يروي أحداثاً حصلت معه في زمن ماض، فيما تتسم حركة الشخصيّات بالانطلاق هناك في الفلبين، هي شخصيات تبحث عن مصيرها برغم وقوعها ضحية ضياع النسب انطلاقا من الجد ميندوزا، حتى ميرلا الحفيدة المجهولة الأب. حيث يُضمّن الروائي روايته حكايات أخرى، على صلة بالشخصية المحوريّة، هوزيه، نساء مغبونات فلبينيات: آيدا التي كانت ضحية الفقر الذي دفع والديها للمُتاجرة بجسدها الغض، فكان مآلها الجنون والماريجوانا، فرؤيتها عن الرجال كانت من خلال تشوُّة صورة الأب المقامر :" كل الرجال الذين قدمت لهم جسدي ديوك". جوزافين ، اختارت ان تقاوم وان تختار لنفسها مصيرا غير مشابه لمصير أختها ، فقررت السفر للعمل في الكويت، "طالما أنهم سيتقاسمون اموالي، ويتركون لي حرية التصرف بجسدي أهبه لمن أشاء". فكان الهروب من المكان ، الوطن، بمثابة الخلاص من مصير مشابه لمصير أُختها ، وداعماً لمقولتها الحكيمة: " كل شيء يحدث بسبب ولسبب". اينانغ تشونغ، العجوز المرعبة التي لم نتعرف على أمومتها لميندوزا جد هوزيه، الا بعد موته، لنكتشف سر ميندوزا أيضا فهو ضحية ضياع النسب، هو الآخر بلا أب. ميرلا، ابنة آيدا، الفتاة الجميلة ذات الملامح الأوروبية، والتي تكبر هوزيه بأربعة أعوام، شخصية ظاهرها اعتداد بالنفس وتمرد وعقوق ، تؤكد كرهها لكل ما هو أوروبي، لأنه يُذكّرها بأبيها المجهول، تدّعي المثلية لأنها وعلى المقلب الآخر كما تُعبّر جوزافين" اذا صادفت، رجلا، بأكثر من شخصية فاعلم بأنه يبحث عن احداها لأنّه بلا شخصية" وكذلك كانت ميرلا فتاة لا شخصيّة مكانيّة واضحة لها، هروبها لاحقا مثّل هذا البحث عن الشخصية، اعترافاتها الالكترونية لهوزيه ، اختفاؤها وخوف هوزيه عليها..واذ بنا نراها في الصفحة الأخيرة من االرواية أُمّا ولكن لا ملامح جديدة يعطينا الراوي عنها. بينما تبدو الشخصيّات في الكويت على علاقة مُنسجمة مع المكان، وهي شخصيات نسائية بأغلبها، يُمثّلن حالة الانغلاق على الذات والخوف من الآخر المُختلف، برغم الانفتاح المادي والثقافي، أيضا، يتّسم تحرُّكها بالحذر. الجدّة غنيمة ، المرأة المتطيّرة المعتدّة بالحسب والنسب، والتي ترفض جوزافين ، وابنها سابقا ولاحقاّ، تبعا لعلاقتهما المكانيّة التي تُبرز تضادا وانحرافا مكانيّا وبالتالي انسانيّا عن رؤيتها المُذهبّة للاشياء الحذر من انكشاف علاقة راشد وجوزافين، " أخواتك من سيتزوجهن بعد فعلتك،" الحذر من المواجهة، الحذر من المجتمع، التطيُّر والتشاؤم عند الجدّة، " جدتي غنيمة، تؤمن بما تراه في نومها من أحلام إيمانا مُطلقا" . أم جابر، المرأة الثرثارة ، نوريّة، العمّة القاسية والتي تصل بها أنانيتها لتهدد خوسيه طالبة منه الرحيل، عواطف،التي تمثل صورة المرأة المغبونة التي لا حيلة لها. هند، الناشطة الحقوقية ، وأوّل امرأة تترشّح للرئاسة في الكويت، والتي تُمارس نشاطها الانساني تجاه هوزيه، بالخفاء، وتمنحه المادة، وبرغم تطورها ونمائها الفكري الظاهر كشخصيّة فاعلة في المُجتمع، إلا أنّ ارتباطها المكاني مثّل انغلاقها في مساحة ما على الذا ت المكانيّة التي تنتمي اليها، والتي تّمثّل صراعها الفكري والواعي بالأشياء، فنراها عاجزة عن الدفاع عن حبّها ، بسبب النقص في انتماء غسان الى وطنه، فهو بدون، وعن الاعتراف بشكل تام وواضح بانتساب هوزيه الى عائلة الطروف. خولة، الفتاة المُراهقة، المُثقّفة والتي هدفها أن تكتب رواية والدها الغير مُكتملة، وهي على مكانة مهمة لدى آل الطروف، لأنها النسب المعروف، وبسبب تدّخُلها تمكن هوزيه من التنعُّم بماديات آل الطروف، وعندما اختار هوزيه رحيله، الثاني ، لم تمنعه عن ضعف واستسلام، حتى لا تخسر وجودها المكاني في قصر آل الطروف . إذاّ هُنّ نساء قاصرات في التعبير عن عواطفهن، الا بعد أن يخسرن ، أو تطمئن نفوسهن بأن لا تهديد سيطال سمعتهن، "جدتي احتضنتني"، ووعدته بالمال الكثير وهي التي لم تعطه اهتماما، من قبل ، "خولة ،نادتني يا أخي.. أوّل مرة تناديني بهذه الصفة" وهي التي كانت قبل قراره بالرحيل ترفض أن تخلع حجابها أمامه لأنه كان ما يزال غريبا عنها وقتها. وعندما انكشف سر انتمائه للعائلة وقرابته لآل الطروف، نرى الجدة تمنع عنه المال نهائياً. إنّ النهاية المُطَمئنة لهوزيه بعد عودته الى الفلبين وزواجه بميرلا، وتأثُّره أثناء مشاهدته لعبة كرة القدم بين المنتخب الكويتي الذي يمثل الوطن المنشأ الذي رفضه ويشعر بالمرارة لأنه لم يستطع أن يقنعه ببقائه فيه، والمنتخب الفلبيني حيث المنشأ الثاني الذي يحويه غير آبه لهويته، فَتحت أبواب الصراع والنقاش أقصاه، ولقد أبدع الروائي في التعمُّق بالهوية المكانيّة للشخصيات بقصد كشف عوامل انتمائها ورفضها أيضاً، حيث تتجاوز الأنا ذاتيتها، وتمنح الآخر الحق في نقدها والتعبير عن غضبه وعتبه عليها، و تمتد قدرات المؤلف التركيبيّة لتُمعن في التضليل ذلك التضليل الذي يضعك في مواجهة مع ضالة الانسان الكبرى،الذات.. وحيث الآخر ينقل لنا تجربته، تراقب الأنا ما يجري، لا تُدافع، تسمح له بجلدها وتمارس نقدها لكينونتها، من خلال طرح قضايا الوطن، البدون الذين لا وطن لهم، حق المرأة في المشاركة السياسية، حق اختيار الدين، والانتماء، حق الإختلاف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ الرواية نت

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:300px;height:600px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="1305511616">

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="3826242480">

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:336px;height:280px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="4898106416">

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:320px;height:100px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="7675478845">

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم