لم أفاجأ حين قرأت في النبذة الموجزة للكاتبة الإماراتية ريم الكمالي مؤلفة رواية "مملكة هرمز" المنشورة على الغلاف الخلفي للرواية أنها درست التاريخ بالجامعة، وأنها إلى ذلك مهتمة بالآثار، فقد يسر لها ذلك أن تقدم لنا رواية ممتعة عن تاريخ الساحل العربي من الخليج في حقبة تاريخية فاصلة، هي فترة الغزو، ومن ثم الاحتلال، البرتغالي للمنطقة . يلتقي أصغر قبطان في الأسطول البرتغالي أنطونيو دي كامبو المهووس بالخرائط والمخطوطات والمنهمك في إعداد كتاب يدِّون فيه مشاهداته في البلدان التي يأتيها الأسطول غازياً ببدرة بنت عبد الرحمن الحجازي التي ورثت عن والدها الرحالة مكتبة عامرة بالمخطوطات والخرائط بلغات مختلفة جلبها من رحلاته المتعددة بين الموانئ، وورثت عن الوالد أيضاً ولعه بالآثار والكتب . أتى الوالد البحار والرحالة من الحجاز إلى خصب، فوقع في عشقها وقرر أن يبقى فيها ويتزوج واحدة من نسائها، وأن يبني فيها مسجداً، وفي الرواية صفحات تشدنا عن سحر خصب وجمالها وعذوبة مياهها وخصوبة أراضيها، ما ينم عن علاقة الكاتب المرهفة بهذا المكان . يدخل القبطان الأصغر بالأسطول المسكون بالتناقض بين رغبته في السفر والترحال ومشاهدة البلدان التي يحتلها بنو قومه، وشعوره بتأنيب الضمير على الفظائع التي ترتكبها بلاده لإيقاع شعوب الأراضي المحتلة تحت سطوتها، في حوار مع بدرة حول الأمر، وهي تأخذه إلى كنز أبيها من الكتب والخرائط لعلها تستفيد من تمكّنه من عدة لغات للتعرف إلى ما في الكنز من نفائس . نحن إزاء حيرة أن يلتقي من احتلت أرضه مع من يمثل هذا الاحتلال، حتى وإن رغب هذا القبطان في إعلان براءته مما جرى، ولعل هذا يسمح بحديث مطول قد تأتي مناسبته حول هذه العلاقة الشائكة، المعقدة التي جمعت هذين النقيضين لا في خصب وحدها، وإنما في مختلف مناطق العالم . لكن القبطان دي كامبو وبدرة بنت عبد الرحمن الحجازي ليسا سوى شخصيتين من الرواية، التي تعج بشخصيات أخرى، واعتمدت الكاتبة على تقنية تعدد الرواة، فكل شخصية من شخصيات الكتاب، سواء كانت من أهالي "خصب"، أو من الغزاة البرتغاليين الذين دمرت مدافعهم البلدة، وأوقعت في صفوف أهلها من الفظائع المهول، حيث استحال لون البحر إلى الأحمر لكثرة دماء الأهالي التي أريقت أثناء تصديهم للغزاة . هي الرواية الأولى للكاتبة، ولكنها ذهبت بعيداً وعميقاً في تاريخ المنطقة، كما لم يفعل سواها .

madanbahrain@gmail.com عن دار الخليج