في روايته "قايين" الصادرة عن دار دال بتوقيع صالح علماني عام 2011 يأخذنا الروائي جوزيه ساراماغو برحلة مرجعيتها الأساسية هي التوراة، وذلك عبر حيوات عديدة أو عبر اكثر من زمن لنبدأ معه بخروج آدم وحواء من جنة عدن عقاباً لهما على تذوقهما ثمرة شجرة المعرفة، لنمضي معه وبعد قيامه بقتل أخيه هابيل في رحلة كان قدره فيها أن يكون مطارداً هائماً على وجهه، نلتقي وإياه بإبراهام الذي أمره الإله أن يقدم ولده إسحاق كقربان تعبيراً عن إيمانه وتسليمه المطلق لسلطة الإله، ومن ثم نعبر معه عبر الزمن لنلتقي قصص حضارات أبيدت بمشيئة الإله. ها نحن أمام برج بابل العظيم والذي أراد بانوه أن يبلغوا السماء، فقوضه الإله بنفخة واحدة، ثم نعبر إلى مدينة فضل فيها الرجال أن يضاجعوا بعضهم بدل مضاجعة نسائهم، فجاء أمر الإله بأن تحرق المدينة ومن فيها بالنار والكبريت. مع كل مرور من حياة إلى أخرى نلمس أسلوب الروائي السهل البسيط بمفرداته الرشيقة، نمضي عبر الزمن معه بسهولة رغم هول مايجري، برفقته نصل إلى سفح جبل سيناء لنشهد أناساً يعبدون عجلاً ذهبياً، فتحل عليهم لعنات الإله ليلقى الكثيرون نهايتهم بسبب قصة العجل وعبادته، فإذ ما بلغنا أسوار مدينة أريحا، والتي هدمت بدوي نفخات من أبواق الكباش ليباد كل سكانها بشكل مرعب، مع الروائي جوزيه ساراماغو نصل مدن عدة، أبيدت بكل مافيها من بشر وحيوانات ونباتات، تكريساً لفكرة الخطيئة والعقاب، وننهي مسيرتنا على سفينة نوح ومن فيها من أزواج من البشر والحيوانات والنباتات لتبدأ قصة حضارة جديدة بعد كل هذا العقاب. يقول الروائي إن تاريخ البشر هو تاريخ خلافاتهم مع الإله فلا هو يفهمنا ولانحن نفهمه. رواية أخذت حيزاً كبيراً من النقد وخاصة من رجالات الدين لتذكرنا بروايته السابقة "الانجيل كما يرويه المسيح" التي تم عرقلة ترشيحها لجائزة أدبية مهمة جداًوذلك بتدخل من الحكومة البرتغالية. ثنائية الخير والشر والخطيئة والعقاب حاضرة دائماً برواية قايين وبكل خطوة من الرحلة التي رافقنا الروائي فيها. رواية غنية زاخرة بالتأملات وبلغة سهلة ومفردات محببة وقريبة من القارىء. سرني جداً أنني رافقت هذا الروائي المبدع في رحلته هذه رحلة قايين. الرواية نت

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم