محمّد عيسى المؤدّب

    نادرًا ما تفتحُ الرّواية العربيّة ملفّات العائلة العربيّة لتسريد المسكوت عنه وما خَفِي من الصّراع والتّناقض العلائقي الذي يَحكم أفراد العائلة الواحدة، ورواية على كفّ رتويت تخوضُ في هذه العوالم من زوايا بحث ومعالجة متعدّدة، نفسيّا واجتماعيّا وفكريّا، وتقترحُ شخصيّات قريبة من وجوهنا وأصواتنا لتعرّي الواقعَ الموبوءَ بجُرأةٍ.

    في هذه الرّواية نحن إزاء حكايات تَلتقطها الكاتبةُ من الذّاكرة ومن الرّاهن العربيّ ومن المتحوّل العالمي لتبنيها غرفا غرفا على شاكلة غرف تويتر أو كما تُبنى أعشاشُ العصافير، هيّ حكاية المال والأعمال وسؤال الهويّة، وحكاية التّغريدات أو العالم الافتراضي الذي حوّل الإنسان إلى كائن افتراضيّ متكالب وهشّ، في صدام مع ذاته ومع الآخر، يخوض حربا وهميّة من أجل التّموقع السّريع والمزيّف، وحكاية الإنسان اللّغز الذي حوّل الحياة إلى حلبة جريمة واحتيال وغسيل أموال.

     على كفّ رتويت، أو عفريت العصر نقفُ أمام مرآة مشروخة لا نرى فيها وجوهنا المزيّفة والافتراضيّة، نتأمّل فيها بوجع ودهشة ذاكرتنا التّي أنهكها الصّداع وواقعنا الذي ينذر بالخراب، ونسأل السّؤال الأهمّ: لماذا صارت حياتُنا السّريعةُ مجموعةَ صور، فقط، مجموعة صور يتناقلُها العالمُ الافتراضيُّ في فوضى الأصل والتّقليد لا ليُسعدنا ويُصالح بيننا وبين قيمنا وإنّما ليُعمّق غربتنا وضياعنا ويُتمنا النّفسي والاجتماعي والإنساني؟.

  • كلمة الغلاف للرواية.
  • الرواية صادرة عن دار مسكيلياني، تونس 2020.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم