أحمد صلال - الرواية نت

الرواية بما تجسده من جنس سردي، أضحت ديوان العالم، والعرب جزء من هذا العالم، والرواية بوصفها جزئية من علائقية المجتمع الكلية، هي تعاني ما يعانيه المجتمع العربي من راديكالية.

ربما السمة الأكثر تخلفا، التي مازالت حجر عثرة في طريق تبلور سرد روائي عربي نموذجي، علاقة الروائي بما هو راوا للنص/منشئ، والرواية بما تجسد من سرد/إنشاء، والمتلقي بمستوياته المتعددة/النخبوي-النموذجي-العادي/، القارئ لسرديات إنشائية.

والإشكالية هنا تكمن أن الراوي/ منشئ النص، يعتبر النص كلية سردية، تتسق مع ذاته بشكل مفرط، وأشدد هنا على كلمة مفرط وليس نسبي، على رغم تحرر الراوي من كل الاشتراطات، التي يمكن أن تخضعه لقسريات تحرمه من سريانية نصوصه، ولكن يقع عليه عبء الالتزام، ولو بالإطار العام بمجموعة من القواعد، أرساها النقد، ربما يكون احد أشكالها على سبيل المثال، فشل تقديم سيرته الذاتية بطريقة ذاتية ذكية، ذكائية لا تقودنا إلى استقراءات صومعية مغلقة بدعوى حرية النتاج الروائي وانفلاته من عقال محرق النقد وتموضعاته واستقراءاته الأكاديمية، وهذه الحالة تقودنا لراوي متسلط يرهقنا بتأويلاته.

النتاج الروائي بما يجسده من سرد/ إنشاء، يحتاج إلى تقنيات/ أدواتية، اللغة بما تزخر به من ثقافة متأصلة، تبتعد عن الزخرفة واستعراضاتها المثيرة للغثيان، وتوظيف الثقافي بطريقة عضوية، تجعل من النتاج السردي، وجبة ثقافية دسمة للقارئ، عبر الخبرات الموروثة، والشخصيات، والسلوكيات البشرية، وتحويلها إلى أشياء في لحمة السرد الروائي.

مسارد التحول السردي الروائي العربي، من روايات البدايات، روايات ما بعد البدايات، الرواية العربية الجديدة، وما رافقها من تطورات الراهنية الظرفية التاريخية، الميديا وتفرعاتها، والعوالم الافتراضية عبر شبكات التواصل الاجتماعية، أقصت القارئ العادي إلى ركن هامشي منسي، وأحالته لقارئ نموذجي ذواق وذكي وجامح، نحو تعدديات جمالاتية، وآخر قارئ نخبوي، ليس بالضرورة جامعيا، الذكاء النقدي أفرز نقادا، يملكون معارف جامعية، وبذات السياق لهم قراءات مبدعة، تساهم في توجيه النتاج وعقلنته، واشتباكه مع محيط جمعي متشابك.

ربما مقاربة بعض الأسئلة السابقة تحيل بالضرورة إلى ديالكتيك، ثنائية الموقف، أحدها يجنح نحو فضاءات غير خاضعة لأي اشتراطات قسرية للإبداع السردي الروائي، حتى تلك المنتجة منها، وآخر يجنح إلى حيز سردي يبتغي أن يكون ثمرة التفاعل بين الثقافي والمجتمعي وفق رؤية ورؤيا.

ولكن ما أثبت بالتجربة والملاحظة والاستنتاج والنتاج، أن الروائي مبدع، والناقد مبدع من نوع آخر، والعلاقة هي علاقة تكاملية، ليست ذات لبوس عدائية كما يرغب أن يلبسها البعض.

صحفي وكاتب وناقد سوري

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم