يجب ألا ننسى أن الرواية هي وسيلة لتصوير الحياة وكل تفاصيلها، وبالتالي فالسياسة جزء من حياة الإنسان، فكيف إذا كنا ننتمي إلى بلد يُعرَّف عنه أنه من العالم الثالث حيث تلعب السياسة دورًا أساسيًا في حياة الفرد على عكس سياسات الدول العظمى حيث – ولحسن حظهم – هناك ما يشغلهم في الفن والفلسفة والعلم والحياة الاجتماعية أكثر من السياسة على أساس أنها محلولة وواضحة وجلية في كل الأمور، حسب رأي السياسيين فيها. وأعتقد أن الناس في هذه الدول محظوظون. لكن في البيرو وفي كل اميركا اللاتينية السياسة تشغل الناس وبالتالي الكاتب، ولكن أحب أن أضيف شيئًا هنا وهو أن الأدب يمكن أن يستفيد من السياسة لكن الأدب لا يمكن أن يفيد السياسة إلا في حال قرار هدم الأدب أو الناحية الأدبية.

حين تصبح الرواية في خدمة قضية لتسويقها أو لضربها يكون الجانب الإبداعي في إجازة، لكن ثمة ترابط وثيق وغير مباشر ما بين الرواية والواقع الذي تستقي منه، فإذا كان واقع أو محيط الروائي مغمسًا بقضايا سياسية ملحة وبالتالي إنسانية ملحة لا يمكن أن يغفل الروائي عن واقعه حين يكتب وبالتالي تنتقل أحاسيسه وانفعالاته حيال هذه الأمور من حوله، ولكن يكون الجانب الأهم هنا هو النقد غير المباشر للواقع والإضاءة عليه على أساس أن الرواية هي هنا أقرب من الواقع أو أبعد منه وهذه المسافة هي الفاصل حيث يمكن للإبداع الكتابي أن يشير إلى احتمالات أو وجوه أخرى لا نراها في الواقع أو نتوق إلى رؤيتها.

من حوار سابق مع ماريو فارغاس يوسا.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم