في واقع الشلل والمافيات الثقافية العابرة للحدود، يتمّ تفسير أيّ نقد على أنّه عدوان شخصيّ، وأنّه نابع من الحقد والحسد والغيرة، في حين أنّ النقد الأدبيّ نفسه يكون مضيعة للوقت حين يتناول عملاً من الأعمال السخيفة التي يتمّ تصديرها وترويجها على أنّها أفضل نتاج في العالم العربيّ، ويتمّ خداع الناس ومصادرة آرائهم بطريقة تسويقية تظهرهم قرّاء أغبياء وساذجين وسطحيّين، إذا لم تعجبهم الأعمال التي يتمّ تسويقها على أنّها علامات فارقة في مجالاتها الأدبية..

والمثير للسخرية أنّ عدداً من الأعمال التي تتمّ ترجمتها إلى لغات أخرى، ترشّح للجوائز ويُحتفى بها من قبل الأذرع المافيوية المتغلغلة في صحافة الآخر، أو يتمّ الحديث عنها من من قبل الآخر من باب التشجيع والتحفيز، كحالة راشد حين يلاطف طفلاً أو غِرّاً، ويخبره بانّه أبدع في كتابة قصّة أو رسم لوحة.. ولكن صاحب البؤس المُترجَم يعتقد أنّ احتفاء الأجنبيّ بعمله السطحيّ مبرّر ليؤكّد للقارئ الناقد أنّه مخطئ بحكمه على نتاجه، وأنّ عليه أن يراجع حساباته، ويكتشف الخلل الكامن في نفسه، وليس في الكتاب البائس الذي لم يقنعه.

لا أشكّ أنّ القارئ الحقيقيّ لا يقتنع بأيّ إيهام، ويمارس حقّه برمي الكتاب الذي لا يقنعه ولا يرتقي لمستوى تأمّله منه، ويلعن كاتبه وناشره والشلل المتنفّذة التي تمارس التضليل والتحايل عليه، وتقوم بترويج بضاعة مفسدة للذائقة والأدب بذريعة التجريب والتجديد وتحت عناوين وشعارات وقضايا مجوّفة من قيمتها..

للقارئ حقوق كثيرة، أقلّها أن يلعن الكاتب الذي أضاع جزءاً من وقته الذي أمضاه بقراءة تهويماته التعيسة..


تكتسب الكتابة أهمّيّة في مختلف الأزمنة والأمكنة، هي مهمّة الآن بقدر أهمّيتها أمس وغداً، فهي الشهادة الحيّة على الجريمة الماضية المستمرّة بحقّ الإنسان والبلاد معاً، هي الإشعار بالحياة في مواجهة جنون الحرب والموت والتعصّب ودعوات الثأر المستعرة.

الكتابة كالأمل لابدّ أن تبقى حاضرة في كلّ الأوقات، ولولا ذلك لتركنا المجال للعتمة كي تتسيّد وتمضي بنا من هلاك إلى آخر أكثر إيلاماً وتعتيماً.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم