يتوجه بعض الأدباء بين الفينة والأخرى إلى طرق أجناس أدبيّة جديدة من باب التجريب تارة، ومن منطلق البحث عن توسيع دائرة الاهتمام والمقاربة والمتابعة تارة أخرى، وربما رغبة في اكتشاف قدرات مخبوءة في عالم الكتابة، واستخراجها وتظهيرها عبر هذا الجنس الأدبيّ أو ذاك.

ما الذي يقود الكاتب إلى تنويع مجالات الكتابة وتوزيع جهده ووقته عليها؟ هل تراه يبدد طاقاته لاكتشاف أو ابتداع عوالم جديدة أم يظن أنه سيجد كنزه المفقود المأمول هناك؟ ألا يتوجه الكثير من الأدباء إلى تجريب بعض الفنون انطلاقاً من التهافت على الجوائز أو لتعبيد الطريق إليها..؟

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:320px;height:100px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="7675478845">

تهافت الكثير من الأدباء على الرواية بعد أن تمّ تخصيص جوائز لها، شعروا أنّ عليهم اللحاق بركب هذا الفنّ الذي بدأ يخطف الأضواء، ويمعن في التوسّع رويداً رويداً، وكانت الرغبة في الأضواء والأموال والشهرة المأمولة من دوافع التوجّه إليها، فكانت الصدمة بأعمال كثيرة بائسة لم ترتقِ إلى مستوى الفنّ الروائيّ، وأفقدت أصحابها هويّاتهم الأدبيّة، لأنّهم تأثّروا بالموجة الدارجة، ولم يكن الأمر منبثقاً من أعماقهم، ولم يشكّل بالنسبة إليهم قضية أو كينونة.

كان الطريق إلى الرواية مدفوعاً بالانسياق وراء البحث عن الشهرة والأضواء التي قد تكفلها جوائز ذات بريق ما، ويبدو أن الجوائز باتت تفرز كتابة موسمية بالموازاة مع قراءات موسميّة مواكبة لها، فتساهم، من حيث لا ترغب، بتهميش الكثير من الأعمال الروائيّة التي لم تندرج في سياقات الجائزة أو لم يحالفها الحظ لتكون مختارة ضمن لائحة من لوائحها.

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="3826242480">

حين تمّ تخصيص جائزة للقصّة، بدأ روائيّون وشعراء ومجرّبون بالتطرّق إلى القصّة وحرف مسارهم إليها، باعتبار أنّ بعض الضوء انتقل إليها، وساهمت الجائزة في الترويج لها وتصديرها لتنافس على استحياء الرواية التي تبقى محتفظة بصدارة الاهتمام والمتابعة. أصبح للقصة بدورها موسمها، ولقرّائها موسمهم معها. بهذا أيضاً انتقلت من مجال شغف وعشق إلى مسار تهافت على المنافسة للربح والخسارة.

كذلك الأمر بالنسبة إلى روايات الفتيان، وأدب الأطفال، وكذلك أيضاً بالنسبة إلى أدب الرحلات وأدب اليوميات، فقد يتّسع إطار التوجّه إليهما انطلاقاً من حضورهما المتصاعد، والدور الذي تلعبه الجوائز في تركيز الأضواء عليهما، ناهيك عن حميميتهما وانطلاقهما من تجارب ذاتية لا تحتاج إلى تخييل أو اشتغال على نسج عوالم حكائية وروائية، سريالية أو سحرية أو تاريخية.

لا يخفى أن التطرّق إلى أيّ جنس أدبيّ ومقاربته وتجريبه يحمل جمالياته الخاصّة، كما يشتمل على مغامرة ومتعة، هذا إن كان الأمر نابعاً من الشغف لا من الرغبة في الحضور في الأَضواء بأيّة وسيلة، بغضّ النظر عن مستوى ما يتمّ تقديمه، أو ما يمكن أن يقدّمه في مجاله.

التهافت على الكتابة الموسمية لا يصنع أدباً يليق باسمه، ولا يكرّس حضوراً في تاريخ الأدب، بقدر ما يشير إلى انعطاف أصحابها تبعاً لمواسم الجوائز، وما تصنعه من أمزجة لقرّاء المواسم المنجذبين إلى ما يتمّ تصديره دعائيّاً.

عن صحيفة العرب اللندنية

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:300px;height:600px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="1305511616">

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:336px;height:280px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="4898106416">

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم