تثير جائزة كتارا للرواية العربية بقيمتها المالية الضخمة والتسويقية وعملها على الترجمة لعدّة لغات شهية الروائيين الذين يتسابقون للمشاركة فيها وتقديم أعمالهم، سواء بصيغة منشورة أو غير منشورة إليها، لكن على هامش التسابق للتقدّم إلى الجائزة والترشّح لفئتيها، هناك الكثير من الأسئلة تخطر ببال المتابع، ولا سيّما حين التدقيق في نسبة الأرقام المرشّحة وتقسيماتها. حين نطالع أعداد الروايات المرشّحة لجائزة كتارا في دورتها الثانية مثلا، نجد أن عدد المشاركات بلغ قرابة ألف مشاركة منها 234 رواية منشورة طبعت عام 2015، و732 رواية غير منشورة، ويظهر أنّ عدد الروايات غير المنشورة يكاد يكون ثلاثة أضعاف المنشورة. تمكن ملاحظة الكمّ الكبير من الروايات غير المنشورة المقدّمة للجائزة، وربّما هناك عوامل تساعد في هذا العدد الكبير، منها عدم حاجة الرواية غير المنشورة إلى تزكية من الناشرين، وهذه بدورها نقطة لها حساباتها وتفضيلاتها، ويكون في تقديم المخطوط غير المنشور تخلّصا من عقبة الناشر والنشر وتجاوزا لها، ولا تحتاج من المشارك إلّا إرسال عمله وانتظار النتيجة، ويعوّض تأخّر نشره لعمله بحجم ما سيحصّله في حال فوزه، وإن لم يحالفه الحظّ سيعود إلى طرق النشر التقليديّة ويقوم بمحاولاته لنشر عمله، ومحاولة تقديمه مرّة أخرى للمنافسة. وربّما توحي الجائزة المخصّصة للروايات غير المنشورة بأنّها تكون لأولئك الذين يغذّون الخطأ نحو الاحتراف في كتابة الرواية، لكنّ ما يلاحظ في واقع الأمر، أنّ هناك روائيّين محترفين، صدرت لهم عدّة أعمال روائية، ونالت صدى في الصحافة، ومنها ما وصل إلى قوائم قصيرة لجائزة البوكر العربية، يشاركون بمخطوطات غير منشورة، ويحصدون نصيبا من الجائزة. هل يكون ذلك انطلاقا من فكرة أنّ الرواية المخطوطة تنافس روايات ذات سوية أقلّ، أو تنافس روائيّين هواة، أو أنّ فرصة الفوز أكبر باعتبار أنّ الروائيّين الذين يفترض بهم أن يكونوا مكرّسين ومحترفين ينشرون أعمالهم بغضّ النظر عن انتظار فوزها بالجائزة أو لا، أو أنّهم يكونون أرقاما صعبة في الجوائز لذلك يكون حضورهم في فئة الأعمال المنشورة ذا ثقل، وقد يحجب بعض الضوء عن أعمال أدباء أقلّ شهرة وتكريسا منهم. هل يكون في تقديم العمل غير المنشور منحه فرصتين للتقدّم للجائزة، مرّة عن فئة غير المنشور، وإن لم يحظَ بأيّ فرصة للفوز، تكون أمامه فرصة ثانية في العام التالي للتقديم على فئة المنشور، وبذلك تكون المحاولة مرّتين على الرهان نفسه، ويكون في الرضى بنصف الجائزة بالمقارنة مع فئة الرواية المنشورة تغليبا للواقعيّة على الحلم بالمبلغ الأكبر الذي ربّما له أسماؤه وأصحابه الأكثر شهرة ونفوذا.

ـــــــــــــــــــــــ كاتب من سوريا عن صحيفة العرب اللندنية.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم