عن منشورات ألوان عربية في السويد صدرت رواية جديدة للكاتب الفلسطيني سعيد الشيخ بعنوان "أرجوحة بلاء". وهي رواية اجتماعية عن عالم مليء بالقسوة. إنها رواية الحرمان والفقد والتشتت والضياع. وفي إضاءة حول العمل كتب المؤلف:" أية قرية أو مدينة في الجغرافيا العربية تصلح لأن تكون مسرحاً لأحداث هذه الرواية خلال سنوات الخمسينات إلى السبعينات من القرن الماضي.. أما عن مدى الواقعية في هذه الرواية فهي موزعة بين هذه السطور المتخيلة". سردية فجائعية لا تنزاح عن خيط عريض من بلاء يلف حياة زوجين شابين، أحبا بعضهما وهما في دروب القرية منذ طفولتهما الناضجة. ليصطدما بالمجتمع البطريركي الذي يأخذ زمام النظام الخالي من أي منطق، بالإضافة إلى خلافات الأهل ومسلسل الثأر الذي يربطهما. ولكنهما في النهاية يتزوجان بعد أن يشرفا على الموت، ولكن على غير إرادة الأهل الذين يجدون أنفسهم في حلّ من تطبيق العادات والتقاليد المتبعة في طقوس الزواج، ويتم نفيهما إلى المدينة ومقاطعتهما. وذلك وسط إعلاء خطاب الفضيلة، ولكن على أرض الواقع ما من فضيلة يمكن تلمسها، حيث الفساد يستشري، والويل لمن يخرج عن الطاعة لأولياء الأمر. وبعد عدة سنوات من محاولات الأنجاب تصدم الزوجين فاجعة أخرى وهي عدم الأنجاب، دون أن يكون هناك سبب واضح. وهنا تتطور أحداث الرواية بمزيد من مسلسل الخسارات، لتفرض السوداوية نفسها على مجريات الأحداث الآخذة منحى من الضربات في حياة حميد وريما بطلي الرواية. حتى يقوم السؤال بصوت عال مرة، ومرة أخرى داخل النفس "لماذا نحن وحدنا في هذا البلاء؟" وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالضغط النفسي يلجأ الكاتب إلى لغة التحليل النفسي لسبر أغوار عوالم الإنسان الذي تتأرجح به الحياة من كارثة إلى كارثة دون أن يلقى تعاطف من الأهل أو المجتمع. ولا يجد هذا الإنسان له من وظيفة في الوجود سوى الركض خلف الأمنية وحينما لا يدركها، تقوم وظيفته برد هجمات الهلوسة ونوبات الجنون عن عقله. لإعادة شيء من التوازن لحياة طبيعية موجودة ومتوفرة ولكن عند أناس آخرين. ولأن أحداث الرواية كلها تقوم على غير ما هو بديهي وطبيعي في العلاقات والوظائف الاجتماعية، فيمكن اعتبار الرواية من أدب "ما فوق الواقع"، حيث يمزج الكاتب أسلوبين فنيين من الكتابة هما: السريالية والواقعية السحرية. لينتج لنا رواية صادمة، مدهشة، تتجاوز المألوف. ومن الرواية نقتطف هذا المقطع: " وسأظل أسأل ما حييت لماذا أنا وزوجي، لماذا نحن في هذا البلاء؟ لا الطبيعة ولا العلم ولا أي شيء آخر في هذه الدنيا يستطيع أن يبدد حرماننا من الأطفال؟ هل شاء الله لنا أن نكون على هذا النحو الملعون، وحين نحاول أن نغيّر هذا الواقع بشتى الطرق المجربة ينزل الله علينا غضبه بتفريقنا عن بعضنا. كان حميد يعيش معي وكأنّ لا شيء ينقصنا، لم أسمعه يتذمر أو يشكو، وكنت اعتبره من الجبارين. فمصابنا يهز جبالاً عالية. ولكن ما الذي حدث هذه المرة حين تلقى مني عبر الهاتف خبر نزول الدم". يذكر أن هذه الرواية هي الثانية لسعيد الشيخ يعد رواية "تغريبة حارس المخيم" الصادرة عام 2015، ورواية ثالثة منجزة بعنوان "عين الحلوة". بالإضافة إلى صدور اثني عشرة كتاباً له موزعين بين الشعر والقصة القصيرة.

الرواية نت

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم