في نص ذي جرعة تجريب غير مسبوقة، صدرت الطبعة الثانية من رواية "الحالم" للروائي الجزائري سمير قسيمي. صنع الروائي من الظلال المكشوفة جسرا عبر به إلى عالم متعال عن الوصف ومع ذلك تعكسه المرايا، حيث تقمص البطل المخفي أو اللامرئي رضا خبّاد شخصية صاحب الرواية، ليكتب كحالم أو كمجنون نصا موغلا في الخيال المركب لكنه أكثر قابلية للتصديق من الواقع، حيث لا زمن ولا وجود مطلقا ولا حدود للأبدية، ينشد تدوين سيرة حلم مجهض، مثل آلهة أخطأت تشكيل المسارات في المرة الأولى، وترغب في تصحيح معالم الوجود واختلاله، واخترع من أجل ذلك شخصية روائي منتحَل هو الآخر جعلها ذائعة الصيت سماها ريماس إيمي ساك، انتهت بعد روايتها الثلاثين إلى العجز عن أن تكون هي نفسها بعيدا عن ذات أخرى تلبستها ثم هجرتها تاركة إياها منزوعة الوجود الحقيقي. وانطلق من مصادفات تبدو ألا رابط منطقيا يجمعها مثل شظايا مرآة يرغب في إعادة تجميعها على نحو يجعلها تعكس صورة أخرى خيالية برغم أنها تشبه حد التماهي ملامح اضمحلت تدريجيا مع كل رواية كتبها، ليثبت من خلالها أن العبور إلى الحلم/الواقع المعاد تشكيله لا يمكن بغير الاستعانة بكومة من الجنون، وفي مقهى "ثلاثون" يدرك الحالم أو المجنون أن روايته المتضمنة داخل رواية ثانية والثانية التي تحتوي رواية ثالثة قد كانت مجرد انعكاس غريب في تصادفه مع لوحة مرسومة في سقف ذلك المقهى، كأنها تكتب أقدارا سماوية مرسومة في عالم الما قبل أو الأزل، وأما الما بعد فليس إلا انعكاسا لها، لتظهر الحياة حلما مشوها في مرآة الوجود لقدر مكتوب سلفا. ـــــــــــــــــــــــــــــــ

  • روائي وأستاذ جامعي- الجزائر الرواية نت

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم