كيف يواجه الأدباء الخوف في مقارباتهم وتحليلاتهم؟ هل بالإمكان أنسنة الخوف والتعايش معه؟ إلى أيّ حدّ يمكن تقليم أظافره وتحمّل تأثيراته؟ هل يختصّ الخوف بجانب محدد أم تراه يتشعّب ويتخلّل مجمل التفاصيل؟

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:320px;height:100px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="7675478845">

يصف البولندي زيغمونت باومان (1925 – 2017) الخوف في كتابه “الخوف السائل” بأنه الاسم الذي نسمي به حالة اللايقين التي نعيشها، وهو الاسم الذي نسمي به جهلنا بالخطر، وربما يجب فعله لمنع الخطر، وبما يمكن فعله لمنعه وبما لا يمكن فعله، أو بما يمكن فعله لصده إذا لم تكن لنا طاقة بمنعه. كما يلفت إلى أن الحداثة كانت القفزة الكبرى إلى الأمام، بعيدا عن ذلك الخوف، إلى عالم خال من القدر الأعمى المغلق، ومن ذلك الموطن الطبيعي الذي تنمو فيها المخاوف، فكان فيكتور هوغو يتحرق شوقا، ويتغنى بزمن يقودنا فيه العلم، ويتحول المنبر السياسي إلى منبر علمي، ويأتي زمن تنتهي فيه المفاجآت والأوهام وأنماط الحياة الطفيلية. زمن خال من كل شيء يصدر عنه الخوف، لكن يبدو أن الطريق إليه دائري يعيد المرء إلى المكان نفسه، ويبدو أن الخوف دائم في كل مكان، وأن الزمن الذي نعيشه هو زمن الخوف مرة أخرى.

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="3826242480">

هناك البوسنيّ سلافيدين آفيدتش (1969) الذي يحصي في روايته “مخاوفي السبعة” قائمة بالمخاوف التي تجتاح الإنسان، وهي الخوف من: الموت، المرض، الفقر، الزواحف، مساحات الماء الواسعة، الارتفاعات، وخوف المرء من أن يدفن حيّا، بالإضافة إلى الخوف من الوحدة. ويجد أن من الضرورة مواجهتها ومغالبتها وتحدّيها كلها، وعدم الارتكان لسطوتها المدمّرة.

وهناك كذلك الإيطالي جوزبه كاتوتسيلا الذي يتقصى في روايته “لا تقولي إنّك خائفة” حياة العداءة الصومالية سمية عمر، وأثناء استقصائه ينبش بؤر المخاوف التي كانت تتلبسها، ورعب الحياة في أفريقيا والحرب والعنصرية والهروب والهجرة واللجوء والصراع من أجل الفوز ونيل الاستحقاق والجدارة، وما يصاحب ذلك كلّه من خوف متجدد متعاظم.

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:336px;height:280px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="4898106416">

أما النمساوي بيتر هاندكه فقد جعل الخوف في روايته “خوف حارس المرمى عند ضربة الجزاء” مدخلا لمقاربة أسئلة وجودية تتناهب بطل روايته بلوخ الذي كان حارس مرمى سابقا، يجد نفسه في مواجهة مخاوف الواقع والمستقبل التي تتفوق على طيف خوف يلوح له في ذاكرته وماضيه.

ولعلّ الخوف الذي أشار إليه الفلسطيني الراحل محمود درويش في قصيدته “على هذه الأرض ما يستحق الحياة” سلوك دفاعيّ هجوميّ في الوقت نفسه، جانب من إرجاع الخوف إلى مصدره الذي يرتعب في قرارته، حيث الخوف في قصيدته نوعان؛ “خوف الغزاة من الذكريات”، وخوف الطغاة من الأغنيات”، وربّما هذا الخوف هو مصدر إقلاق دائم للمحتلّين والطغاة يبقيهم محاصرين بالجمر الذي يحرقهم في أتون الخوف المتفاقم لديهم. كاتب سوري عن صحيفة العرب اللندنية

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:300px;height:600px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="1305511616">

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم