ماتَ قبل أعوام رائد الفضاء الأمريكي نيل ارمسترونغ أول رائد فضاء وضع أقدامه على القمر.. هذا الرجل الذي أسقط بخطوةٍ من قدمه اليمنى هاجس التولع بالقمر وجماله عندما قال صائحاً: أين الجمال إذن .. وأين كُتاب تلك الروايات الخالدة التي كان مؤلفوها يشبهون جمال بطلات رواياتهم بالقمر ، لم أرَ غير أرضٍ قاحلة لا زرع فيها ولا ماء ، إن الأسطورة مُحيت بين خطواتي...؟ الرجل جعل السفر الى مواطن الالهة ممكناً وذهب الى عرش سين أله القمر عند السومريين ليثبت لنا أنه كان وهما وأن أجدادنا خسروا كل تلك النذور ومواسم الأعياد والمواكب التي كانوا يقدمونها ويقيمونها الى هيبتهِ وسلطته وسحره... ! وأن كل تلك المحكيات التي تخيلها الانسان عبر الاساطير والملاحم والمسلات كانت تبرز هواجس الرهبة الخفية للاشياء الشاهقة فوق رؤوسنا في أعالي السماء وكان القمر هو الأكثر تأثيرا في صناعة تلك المرويات وحوله نُسجت الاف الحكايا والتشبيهات والتصاوير منذ أول كلمات غزل وحتى هبوط المركبة الفضائية ابولو 9 على سطحه. مات نيل ارمسترونغ وهو يؤكد لنا أن مفاخرة عمر بن ربيعه بسحره وجماله انما هو غرور الخيال فقط : بينما يذكرنني أبصرنني ..............دون قيد الميل ، يعدو بي الأغر قالت الكبرى أتعرفن الفتى ؟ .........قالت الوسطي : نعم ، هذا عمر قالت الصغرى وقد تيمتها ...........قد عرفناه وهل يخفي القمر ..

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:320px;height:100px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="7675478845">

الآن ذهب الرجل الفضائي وهو يوصي وكالة ناسا : أرسلوا علماءً و شعراءً و الذين اصدروا فتاوى عدم تصديق وقع إيقاع حذائي على سطح القمر لينزلوا بخطواتهم على كل الكواكب وليثبتوا أن لا حياة عاقلة في الكون عدا الأرض ، وأن ما يُشاع عن وهم نزول رجال من المريخ وسماع اصوات آتية من كواكب عاقلة بعيدة تبث لنا رسائل صداقة او عداء إنما هي واحدة من اخيلة الجرائد وقصص الخيال العلمي وسيناريوهات تستفيد منها السينما في ملء شباك التذاكر بملايين الدولارات في سلسلة أفلام ستاردلك وحرب النجوم وغيرها. وبالرغم من هذا بقي القمر يورثنا بهاجس خيال وتأمل حتى مع خطوة ارمسترونغ ، فهو الرفيق الأبدي لأسراب النجوم ولأحلام الفقراء ولنعاس الغرام على العشب حيث يمنحنا ضوءه الذهبي شحنات من طاقة التخيل والاكتشاف وابداع عبارة الوصول الى الرغبة ، وكما في المثل الياباني ، (( النار لاتجعل القبلة حارة ولذيذة ، ضوء القمر من يفعل هذا )). وهو بذلك أيضا أضعف كثيرا من لمعان روايات الخيال العلمي ليرميها في قناعة أن لاشيء جميل وله عطر ويفكر ويتحرك ويبني ويعشق وينمو ويمطر سوى على كوكب الارض ، وأن جميع تخيلات فرلين وأحلام الامير الصغير في رواية سانت اكزبوري ما هي إلا محاولة من البشر لتفسير ما يحدث على الارض من خلال وهم الكائن الافتراضي الموجود خارج جاذبيتها. وبالرغم من هذا كان هذا المستدير اللامع يصنع معجزته في كل روح مبدعة، وأدخله الروائيون في الكثير من حوارات الشخوص التي تصنع المعنى والقصد والهدف في اعمالهم ، وربما ازمنة ما قبل الهبوط على القمر لم يضع فيها الروائيون في تشبيهاتهم حدودا ليقفوا عندما جعلوا القمر موطنا للغرام والالهة وصنع الليل الشهرزادي الساحر والمنساب الى شبابيك اللقاء الذي يجمع روميو وجوليت كما خيوط الذهب المشغ في ليل القيثارة والشعر والقبلات. وبعد ان اسقط العلم بعضا من نظريات ذلك الخيال ، لجأ الكثير الى فنتازيا التجريب والبحث عن الضوء الروحي بديلا عن ضوء القمر بعد أن شعر البعض أن العولمة التي التهمت خرافة القمر من خلال اقدام رائد الفضاء نيل ارمسترونغ تريد أن تلتهم الروح ايضاً. وربما الرواة اليابانيون اقتنعوا بهذا المتحول عندما يقول كاوباتا الحاصل على جائزة نوبل : اتركوا القمر يسبح في وهم قصائد الهايكو ، وابحثوا عن لمسة الحب في انحناءة الشفاه على وتر القبلة.

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:728px;height:90px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="3826242480">

تلك الايروتيكيا الجديدة تصنع ايحاءها في الخلق الروائي والقصصي الجديد من تلك المتغيرات الهائلة التي ابتداءها الرائد الروسي يوري كاكارين في السباحة خارج نطاق الجاذبية أول مرة وانتهت مع نيل ارمسترونغ في الهبوط على القمر. القمر الذي كنا نشبههُ بصحن القيمر أو الطبيخ أو أبتسامة المرأة المشعة بأجفان انتظار حبيبها الآتي من جبهات الحرب أو بيدر القمح أو رحلة صيد في زورق النهر أو ذلك المسافر في مهجره أو منفاه البعيد أو المغيب في زنازين المواقف العادلة ، بقي ومنذ خليقة القصيدة الأولى يمثل الدافع والرغبة لأمتلاك ما تمنى الأنسان أن يحظى فيه ، الوصول الى المكان الأبدي والهادئ وكما في تخيل أن الفردوس هو مكان الروح المؤمنة والطيبة في الحياة الاخرى ، كان من بعض بدء التفكير البشري وأتساع مخيلته أن افترض أن القمر هو الباب الذي يولج الى هذا الفردوس ( دلمون ، عاد ، عدن ). لهذا كان القرين السماوي الاقرب لصناع الحكايات منذ هيروديت وحتى عصرنا الحديث. وربما أهل اور من ابناء السلالات الأولى والثانية والثالثة هم أول من انتبه الى هذه المشاعر التي سكنت قلوب الروائيين الاوائل قبل الكهنة والملوك والعشاق ، لكن الكهنة ولأجل جعل الفعل الموحي لتلك الهالة الضوئية اكثر تأثيرا على قلوب البشر وتفكيرهم فجعلوا من الآلهة ننار ( سين ) أله القمر هو من يحمي مدينتهم وتقدم اليه النذور وتقام تحت اكتمال بدرهِ كرنفالات النصر ومواسم الزواج والحصاد والصيد والربيع وغيرها. بين رائد الفضاء الأمريكي نيل ارمسترونغ والألهة ننار يمتد خيط الخيال وتتطور الحياة ، بين امنية الانسان القديمة بالوصول الى القمر من خلال قصيدة او رواية أو خاطرة غزل وبين مركبة فضاء ترسلها ناسا الى القمر فتصل بساعات. هذه المسافة الزمنية هي من صنعت الاساطير والنتاج الحضاري لثقافة الخيال ، وبالرغم من خطوة ارمسترونغ يبقى القمر صفة التشبيه الأولى لأي أنثى جميلة.!

الرواية نت

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:300px;height:600px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="1305511616">

<ins class="adsbygoogle" style="display:inline-block;width:336px;height:280px" data-ad-client="ca-pub-8970124777397670" data-ad-slot="4898106416">

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم