نيويورك – أعلنت دار النشر الأمريكية راندوم هاوس (Random House) أن الكاتب البريطاني الهندي الشهير سلمان رشدي سيصدر عملاً أدبياً جديداً في نوفمبر المقبل، هو الأول له منذ محاولة اغتياله في عام 2022 التي كادت تودي بحياته. الكتاب الجديد، الذي يحمل عنوان "The Seventh Wave: Eleven O’Clock Tales" (الساعة الحادية عشرة: حكايات الساعة الحادية عشرة)، سيتوفر في الأسواق في 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2025، وفق بيان رسمي للدار صدر يوم الخميس.

ويصف رشدي، البالغ من العمر 77 عاماً، كتابه بأنه "خمس قصص وروايات مترابطة تستكشف الألغاز الأبدية في الساعة الـ11 للحياة" – في إشارة مجازية إلى اللحظات الحرجة التي تسبق النهاية أو الانعطافة الكبرى، سواء على مستوى الحياة الشخصية أو الوجود الإنساني بشكل أوسع.

أول عمل أدبي بعد الاعتداء الدموي

يمثل هذا العمل أول عودة أدبية كاملة لرشدي بعد الهجوم المروّع الذي تعرض له في أغسطس 2022، أثناء مشاركته في ندوة أدبية في ولاية نيويورك، حين أقدم شاب أمريكي من أصول لبنانية يُدعى هادي مطر على طعنه مراراً في الرقبة والعين والبطن. الهجوم أسفر عن إصابات بالغة كادت تودي بحياته، وفقد رشدي البصر في إحدى عينيه جزئياً.

في فبراير الماضي، أدلى رشدي بشهادته أمام المحكمة، حيث واجه المعتدي لأول مرة منذ الهجوم، في مشهد وصفته الصحافة الأمريكية بـ"المواجهة التي تسكن الضمير الثقافي العالمي". وأدانت هيئة المحلفين هادي مطر بتهم الشروع في القتل والاعتداء من الدرجة الأولى، وهي إدانات قد تؤدي إلى عقوبة بالسجن تصل إلى 25 عاماً. وقد حدّد القاضي يوم 23 أبريل/نيسان 2025 موعداً لإصدار الحكم النهائي.

بحسب بيان دار راندوم هاوس، فإن النصوص الخمس في كتاب "الساعة الحادية عشرة" تدور حول شخصيات تتأرجح على حافة المجهول: كاتب عجوز يواجه سؤال الجدوى، فنانة تشك في أعمالها، عاشق يقاوم الموت، مهاجر يقلب الماضي على حاضره، وامرأة تصحو من حلم طويل على واقع لا يشبهها. كلها حكايات تستلهم مفاهيم الهوية، الزمن، القلق، المصالحة، والحكمة المتأخرة، وهي ثيمات طالما شغلت رشدي في أدبه.

ولم يُعلن بعد ما إذا كانت الحكايات مستوحاة بشكل مباشر من التجربة القريبة لرشدي مع محاولة القتل، لكن بحسب تصريحات سابقة له، فإن نجاته لم تكن مجرد مسألة جسدية بل وجودية، وقد أعادت تشكيل رؤيته للعالم والحياة والكتابة.

رشدي و"أقرب إلى الموت، وأقرب إلى الكتابة"

في لقاء أجرته معه مجلة The New Yorker في 2023، وصف رشدي محاولة اغتياله بأنها "نقطة تحول مرعبة" جعلته يرى الزمن كساعة رملية تنفد حباتها سريعاً، وقال: "أصبحت أكتب لأني أعيش، وأعيش لأني أكتب... لا فصل بين الأمرين."

ومن المتوقع أن يتناول رشدي هذه اللحظة الوجودية بتكثيف أكبر في كتابه الجديد، خصوصاً أنه قد استكمل أغلب العمل في ظل نقاهة طويلة وعمليات جراحية متعددة، ودعم نفسي مكثّف بعد الحادثة.

يُعد سلمان رشدي أحد أبرز كتّاب ما بعد الكولونيالية، وصاحب روايات لاقت صدىً عالمياً مثل "أطفال منتصف الليل" (Midnight's Children)، الحائزة على جائزة بوكر عام 1981، و**"آيات شيطانية"** (The Satanic Verses) التي أثارت جدلاً هائلاً وأدت إلى صدور فتوى بإهدار دمه من قبل المرشد الإيراني الراحل آية الله الخميني عام 1989، بسبب ما اعتُبر إساءة للدين الإسلامي.

لكن أعمال رشدي ظلّت موضع تقدير عالمي لجرأتها السردية، وغناها بالرمزية والتقاطع بين التاريخ والخيال، ولغتها الإنجليزية الثرية التي تجمع بين الفانتازيا والفلسفة والنقد الاجتماعي.

عمل مرتقب في زمن القلق

تأتي عودة رشدي في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات ثقافية وسياسية متزايدة، من تصاعد الرقابة على الكتّاب، إلى تنامي الشعبوية، وانتشار العنف باسم الأيديولوجيا والدين. ولهذا فإن صدور "الساعة الحادية عشرة" سيكون له أصداء تتجاوز النطاق الأدبي، ليصبح حدثاً ثقافياً يعيد طرح أسئلة عن الحرية، النجاة، والثمن الذي يدفعه الكتّاب لأفكارهم.


0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم