تحمل هذه الرواية في طياتها ثيمة الصوفي المسافر السائح في الأرض باحثا عن العشق الإلهي، عشق السنوسي في سياحته في فاس والقاهرة ومكة المكرمة، ومراكش، وقيروان، وطرابلس نساء جميلات كن وسيلته للفناء في ذلك العشق الإلهي.
حين عاد إلى مدينة أبشة، كانت مثل قلبه تغلي على نار القلق ببطء، تسعى كما يسعى هو نحو الموت، ليؤكد كلاهما حقيقة صوفية تقول: إن حياة الإنسان تكمن في موته، لقد عبر للموت عبر كبكب ليتحد مع عشقه الذي ظل يرتقي فيه رياضة وعبادة وسياحة ..
بين محرقة في مسورو ومذبحة في أبشه تتشكل الرواية وتتضح معالمها مضمخة بالدم والبارود والحديد والنار.
" مشيت فوق المكان الذي كنا فيه تلك الليلة؛ هنا جلس شيخي مغمض العينين هادئا كالنائم، هنا حيث اتكأ بأناقة ورزانة. هنا حيث انهرت وبكيت بحرقة قبل أكثر من أربعين سنة، تركت من أهداني إلى الصراط ورأيت رأس بهرام يتدحرج كالكرة نحو الحفر واتجهت خائفا صوب مسكن الهوساوية التي وعدتني بالتوبة ثم باعت جسدها في فور لامي التي ازدهرت بعد أن قتلوا أبشة ومن فيها.
تذكرت أشياء كثيرة وتضعضعت وترنحت وكدت أفقد الوعي؛ تذكرت الماضي وكل الأسفار التي اضطرت إلى القيام بها. سافرت مبكراً، هربت وهربت وفررت إلى البعيد ثم عدت. لا شيء لي هنا، مات الأعزاء وبقيت لي ذكريات حزينة فقط. عزائي الوحيد أنني دخلت هذه المدينة مكبلاً بالأغلال وأنا في فتوة شبابي وها اليوم أدخلها بكل حفاوة وأنا في أرذل العمر. صباحا قبل طلوع الشمس أوليتها ظهري قاصداً فور لامي حيث سأبدأ حياة أخرى"

ارتدادات الذاكرة هي رواية عن التاريخ التشادي وعن الأحداث التي أدت إلى إنهيار الممالك الإسلامية في تشاد ودخول المستعمر الفرنسي والسيطرة على البلاد ونشر اللغة الفرنسية ومحاربة اللغة العربية عبر ارتكاب مجرزة عرفت بمجزرة الكبكب "الساطور " التي قتل فيها أكثر من 400 عالم.

من المجزرة مرورا بمحرقة مسورو توثق ارتدادات الذاكرة كل المآسي التي سببتها فرنسا من قتل وحرق في تشاد وما سبقها من تداعي للممالك الإسلامية التي كانت تحكم البلاد.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم