الرباط  - مقتفيا أثر الرموز المؤثرة في الأدب المغربي، أقام المعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط ندوة لمناقشة سيرة ومسيرة الكاتب والمفكر المغربي من أصل يهودي إدمون عمران المالح من خلال كتاب (ثورة الذاكرة واستعادة الذات) للناقد والروائي والمترجم محمد برادة.

وقال برادة في ندوة أقيمت بالمعرض مساء الثلاثاء لمناقشة كتابه الصادر عن دار نشر كراس المتوحد إن تجربة إدمون عمران المالح نقطة فارقة ومتميزة في تاريخ الأدب المغربي.

وقال في تقديمه للكتاب "عمران المالح يشكل تجربة جديدة في الأدب المغربي، لسبب أنه أمضى سنوات مناضلا في الحزب الشيوعي المغربي (الذي سيتحول فيما بعد إلى حزب التقدم والاشتراكية).. مشدودا إلى الطوباوية متمثلة في الفكر الماركسي آنذاك".

وأضاف "لكنه بسفره إلى إحدى المؤتمرات الشيوعية في أوروبا الشرقية، كانت الأخبار تتسرب عن فظاعات (جوزيف) ستالين.. وعندئذ قرر الانسحاب من العمل السياسي نهائيا ومتابعة تدريسه للفلسفة في الدار البيضاء، ليسافر بعدها إلى باريس، وتعاوده شجون ودوافع الإبداع الأدبي، حيث تفرغ للقراءة زمنا قبل أن ينشر أول رواية له ’المجرى الثابت’ عام 1980 وهو ابن ستين عاما".

وأشار إلى أنه عُرف عن عمران المالح مناهضته للمشروع الصهيوني، واختار البقاء في بلده المغرب في أوج نشاط ترحيل الصهيونية لليهود العرب نحو إسرائيل.

وقال برادة إن المالح كان يعتبر "اقتلاع اليهود المغاربة من وطنهم الأم للالتحاق بإسرائيل جريمة".

وأضاف "كان (المالح) مطلعا على أهم الإبداعات الأدبية المغربية، ومن ثم جاءت روايته الأولى لتكشف عن نضج كبير في الكتابة والتعرف على المجتمع المغربي، إذ عبرت هذه التجربة عما لا يمكن أن نجده في الخطابات السياسية المألوفة".

وأوضح أن الرواية عند المالح "عبرت عن ذاكرة متحررة من القيود، كما عبرت أيضا عن تجربة لغوية متميزة إلى جانب لغته الفرنسية الدقيقة والشعرية".

وقال إن "التجربة الروائية لعمران المالح تكشف عن شهادة سياسية ضمنية لأن في روايته الأولى، بدأها بآخر يهودي يدفن في مقبرة أصيلة(شمال المغرب)".

وقال برادة إن "عمران المالح بانتقاله من مجال العمل السياسي المباشر إلى مجال الإبداع، برهن وأكد على أن الأدب يستطيع أن يعبر عن أشياء لا يمكن أن يعبر عنها الخطاب السياسي أو الأيديولوجي المباشر، ففي الأدب هناك إمكانات للتعبير تستطيع ان تصور حالات الإحساس والمشاعر".

وأضاف أن المالح كان متأثرا بالفيلسوف اليهودي الألماني والتر بنيامين، الذي كان يعتبر الفكر الماركسي الفلسفي غير كاف، بل انفتح على الثقافة الصوفية المستمدة من الأديان كاليهودية والإسلام والمسيحية لأن حسب برادة "هناك أبعاد نفسية لا يمكن التعبير عنها مباشرة بلغة العقل، وهي نفسها الفكرة التي نجدها عند المالح.. فكان المالح يقول إنه في الكتابة الأدبية هناك أشياء لا يمكن إدراكها بالعقل والمناهج ولكن بالإحساس".

وتابع قائلا "المالح كان متشبثا بالبعد الصوفي في كتاباته" مشيرا إلى أن "تجربة المالح قد حملت إلى الحقل الأدبي المغربي عناصر إخصاب وغنى وانفتاح جدير بالتحليل والاستيعاب".

وللمالح عدة مؤلفات بالفرنسية تُرجم معظمها إلى العربية منها (آيلان، أو ليل الحكي) و(ألف عام بيوم واحد) و(عودة أبو الحكي) و(حقيبة سيدي معاشو) و(المقهى الأزرق) و(الأم) و(رسائل إلى نفسي) قبل أن يتوفى في نوفمبر تشرين الثاني 2010 عن 93 عاما ويدفن بمدينة الصويرة على المحيط الأطلسي كما أوصى.

واعتبر مدير الندوة بمعرض النشر والكتاب في الرباط المترجم والباحث المغربي عبدالغفار سويرجي أن كتاب برادة عن عمران المالح "مهما للطلبة والباحثين، باحتوائه على دراسات يمكن أن تنير لهم طرق البحث".

(رويترز)

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم