تستعد مدينة كيمنتس الألمانية، الواقعة في ولاية ساكسونيا، لاستقبال العام 2025 ببرنامج ثقافي ضخم، بعد فوزها بلقب عاصمة الثقافة الأوروبية. يحمل هذا اللقب أهمية خاصة، ليس فقط للمدينة التي تغلبت على منافسات ألمانية كبرى مثل نورمبرج وهانوفر، بل أيضًا لأوروبا بأسرها التي ترى في هذه المبادرة وسيلة لتعزيز التفاهم بين الشعوب وإحياء المدن عبر الفنون والثقافة.

برنامج ثقافي متنوع

تحت شعار “شاهد ما هو خفي” (See the Unseen)، تقدم كيمنتس أكثر من 150 مشروعًا و1000 فعالية ثقافية، تُبرز الفنون والرياضة والثقافة المحلية والعالمية. من بين أبرز الفعاليات:

1- معرض إدفارد مونك: يُعد هذا المعرض حدثًا بارزًا، حيث يحتفي بالرسام النرويجي الشهير، ويمنح الزوار فرصة استكشاف أعماله الرائدة في الفن التعبيري.

2- عرض أوبرالي معاصر: مأخوذ عن رواية الكاتب الألماني فيرنر براونيج “روميل بلاتس - مدينة الملاهي”، يدمج العرض بين الأدب والموسيقى في تجربة فنية مميزة.

3- تحويل محطة طاقة قديمة إلى معرض فني: يشكل تحويل محطة طاقة تعمل بالفحم البني إلى فضاء للفن المعاصر رمزًا للتحول الثقافي والبيئي.

4- جولة بالدراجات تكريمًا لسباق السلام الدولي: تتكامل الثقافة مع الرياضة من خلال هذا الحدث الذي يعيد إحياء ذاكرة سباق السلام الشهير.

5- مهرجانات حول الديمقراطية وفن الشارع والفن المعاصر: تُسلط هذه المهرجانات الضوء على التحديات المعاصرة والقيم الأوروبية.

دور المجتمع المحلي

ما يميز البرنامج الثقافي لكيمنتس هو انخراط سكان المدينة ومنطقتها بشكل مباشر في تصميم فعالياته. يقول مدير البرنامج شتيفان شميتكه: “يعكس البرنامج احتياجات ورغبات السكان الذين عملوا على تطويره بالتعاون مع الجمعيات المحلية.” هذه الروح التشاركية تمنح البرنامج طابعًا خاصًا يجمع بين البساطة والعمق.

تعزيز الهوية الأوروبية

تعتبر مبادرة عاصمة الثقافة الأوروبية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي فرصة لإحياء المدن وإبراز هويتها الثقافية. من خلال هذه المبادرة، تُمنح المدن المختارة مساحة للاحتفال بالفنون والثقافة طوال العام، مع هدف واضح: تعزيز الشعور بالانتماء لمنطقة ثقافية مشتركة. تشير كلاوديا روت، المفوضة الألمانية للثقافة والإعلام، إلى أن الثقافة تلعب دورًا أساسيًا في “التعايش السلمي” و”تعزيز التفاهم بين الشعوب.”

رؤية إلى ما هو “خفي”

اختارت كيمنتس شعار “شاهد ما هو خفي” لتسليط الضوء على الهويات المهمشة والقضايا التي غالبًا ما تُغفل. يهدف البرنامج إلى مخاطبة ما يسمى بـ”الوسط الصامت”، سكان المدن الذين انسحبوا نحو حياتهم الخاصة خلال العقود الماضية، ليعيد ربطهم بالمشهد الثقافي الأوروبي.

حفل افتتاح استثنائي

سيبدأ العام الثقافي في كيمنتس بحفل افتتاح في 18 يناير/كانون الثاني 2025، يتضمن احتفالات ضخمة في شوارع المدينة. سيشارك الفنانون والمواطنون في أنشطة فنية متنوعة ترمز إلى انطلاق هذا العام الثقافي المميز.

أصداء عالمية

إلى جانب كيمنتس، ستشارك مدينة نوفا جوريكا في سلوفينيا في حمل لقب عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2025. يأتي ذلك استكمالًا لمسيرة مدن أخرى مثل تارتو (إستونيا)، وباد إيشل (النمسا)، وبودو (النرويج)، التي حملت اللقب في عام 2024.

انعكاسات اقتصادية واجتماعية

لا يقتصر تأثير برنامج عاصمة الثقافة على الفنون فقط، بل يشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية. يهدف إلى تعزيز السياحة وتنشيط الاقتصاد المحلي، كما يشجع المدن على الاستثمار في البنية التحتية الثقافية وتحقيق الاستدامة.

كيمنتس: نموذج للتحول

كانت كيمنتس، المعروفة سابقًا باسم كارل ماركس شتات، مدينة صناعية خلال الحقبة الاشتراكية. واليوم، تسعى لاستعادة مكانتها من خلال الثقافة والفنون. يُمثل اختيارها عاصمة للثقافة الأوروبية شهادة على قدرتها على التحول من مدينة صناعية مهمشة إلى مركز ثقافي نابض.

تستعد كيمنتس لتكون وجهة ثقافية بارزة في عام 2025، حيث تجمع بين الإرث الثقافي الأوروبي والتطلعات المعاصرة. سيكون هذا العام فرصة لتأكيد دور الثقافة في بناء جسور التفاهم وتعزيز الهوية الأوروبية المشتركة.

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم