لندن - ماذا ستفعل إذا طرق شخصا ما باب منزلك المستأجر خلال الليل؟ إنه يقول إنه مالك المنزل، وطلب السماح له بالدخول بسبب ظرف طارئ. وهو يبدو وديا ويرتدي بدلة سهرة أنيقة وبصحبته ابنته. ولا يوجد بحوزته أي أوراق هوية يمكنه إظهارها.  

يحتوي فيلم  الاثارة " ليف ذا وورلد بيهايند" ( اترك العالم وراءك)على الكثير من اللحظات التي تجعلك تتساءل " ماذا ستفعل في هذا الموقف؟". وتخيم أحداث غامضة على عطلة أسرة، وتخضع الجميع للاختبار، وذلك في الفيلم المستوحى من رواية تحمل نفس الاسم للروائي رومان علام.

وتقول الممثلة الأمريكية الشهيرة جوليا روبرتس في حوار مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.ا) في لندن وهي تضحك" لم أكن لأفتح الباب". وتقوم روبرتس بدور اماندا ساندفورد، المديرة التنفيذية في مجال الإعلان في مدينة نيويورك، التي تقوم بحجز فيلا فاخرة في لونج آيلاند لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أسرتها. ويبعد أقرب الجيران عنهم مئات الأميال.

وبصحبة زوجها الاستاذ الجامعي كلاي، الذي يقوم بدوره إيثان هوك، وابنهما ارشي (تشارلي إيفانز) وروز( فرح ماكينزي)، تريد أماندا أن " تترك العالم وراءها" - وهو الشعار الدعائي للمنزل.

ولا يعمل الانترنت والتليفونات والتليفزيونات في المنزل. وأثناء السير على الشاطئ، ترى الأسرة حدثا غريبا، عندما تأتي ناقلة كبيرة مباشرة إلى الشاطئ وتجنح. يدرك المشاهد على الفور شيئا واحدا: هناك أمر غريب هنا.

ويقول المخرج وكاتب السيناريو سام إسماعيل وهو يبتسم، أثناء حديثه عن الفيلم مع (د.ب.ا) " سوف يجعل الجميع يشعرون بالتوتر". وقال " عندما أفكر بشأن اللحظات التي نحاول رسمها لتوصيل إحساس التشويق أو الخوف، بدلا من محاولة تصنعها، أحاول بالفعل توجيه ما هو ربما يكون موجودا بالفعل لدى الجمهور". وهو أمر يجيده مخرج مسلسل " مستر روبرت" إجادة تامة.

الأولاد كانوا نائمين بالفعل، وأماندا وكلاي يحتسيان مشروبا سويا عندما يسمعان طرقا على الباب. رجل، يقوم ببطولته الممثل ماهرشالا علي، يرتدى حلة سهرة، يعرف نفسه على أنه جورج، صاحب الفيلا. ويقول إن هناك انقطاعا تاما للكهرباء في مدينة نيويورك، ولأسباب أمنية جاء هو و ابنته روث ( التي تقوم بدورها الممثلة ميهالا) إلى هنا. ويسأل إذا كان يمكنهما قضاء الليلة معهما.

يبدو على أماندا التردد، وتبدو عدائية تقريبا، ولكن كلاي يقنع زوجته بمساعدة الغرباء. ويٌترك للمشاهدين تقرير ما إذا كانت العنصرية عاملا في هذا الموقف.

ولم تعد جوليا روبرتس تقوم بأدوار الفتاة  اللطيفة، التي  كانت سببا في شهرتها الطاغية. وتتسم شخصية أماندا بالصعوبة ولا تحظى بالاعجاب دائما، وهو أمر في هذا الموقف الصعب يمكن أن يكون مفهوما.

وتقول روبرتس " أتفهم كون الشخصية تتسم بالتشكك والحماية المفرطة. فهي لديها طفلان في المنزل وفي وسط الليل وجميع هذه الأمور". وأضاف" هي فقط تحاول استيعاب الأمور والتوصل لمنطقية أمور لا تبدو منطقية مطلقا، وهذا لا يظهر الجانب الأكثر سحرا في شخصيتها".

 وفي نفس الليلة، يعاود التلفزيون للارسال ويظهر خبر: الولايات المتحدة تعلن حالة الطوارئ الوطنية. ما الذي حدث ليس واضحا. ولكن يبدو أن جورج يعلم أكثر من الآخرين. وتتضاعف الأحداث الغريبة في اليوم التالي- أصوات تصم الأذن، طائرات درون توزع منشورات، وظهور مفاجئ للحيوانات البرية وتحطم طائرة. ومن أبرز مشاهد الفيلم مشهد سيارات تسلا ذاتية القيادة. وفي ظل كل ذلك، ينتشر الخوف والتوتر وانعدام الثقة.

ومنذ البداية، يخيم مناخ غير مستقر للغاية في الفيلم، ويرجع ذلك إلى زوايا الكاميرا الأصلية و الموسيقى المثيرة للملحن ماك كويل ( الذي قام بتلحين الموسيقى التصويرية لمسلسلات "مستر روبرت" و " امريكان هورر ستوري"). ويعرف أن إسماعيل تأثر كثيرا بأبرز مخرجي أفلام الإثارة الفريد هيتشكوك، الذي أخرج أفلام مثل " سايكو" و " ذا بيردز". ويقول إسماعيل" بالطبع، أنا كذلك"، مضيفا" إذا كان هناك مخرج يقول إنه لم يتأثر بهيتشكوك، سوف أقول إنه يكذب".

ويوضح إسماعيل / 46 عاما/ ما يحبه على وجه الخصوص بشأن أفلام هيتشكوك:" على الرغم من أنه يمكن أن يصنع أفلاما تتميز بمشاهد ذات نطاق واسع، فإنه يهتم كثيرا بالشخصيات، ويجعلها الواجهة ومحور الفيلم"، مشيرا إلى أن هذا ما يسعى إليه في هذا الفيلم.

وأضاف" أنه فيلم كارثة، ولكن الشخصيات محور القصة، وعناصر الكارثة ثانوية، ويتم نوعا ما دفعها بعيدا".

وتعتبر حقيقة أن الكارثة الحقيقية بعيدة للغاية، وأنت تترك لتخمن ما يحدث حتى النهاية المفتوحة عنصرا مهما في التشويق.

 يقدم نجوم الفيلم ، روبرتس الحاصلة على جائزة أوسكار عن دورها في فيلم " إرين بروكوفيتش" وعلي الحاصل على جائزة أوسكار مرتين عن دوره في " مون لايت ، جرين بوك) وهوك المرشح لجائزة أوسكار أربع مرات أفضل أدائهم في هذا الفيلم " ليف ذا وورلد بيهايند".   

وقد صٌنع الفيلم بذكاء، كما أنه فيلم مثير للتشويق بصورة كبيرة، ويبعث التوتر بقدر تحفيزه على التفكير.  

وللأسف فإن الفيلم الذي أنتجته شبكة نتفليكس، وصدر في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري، ومن بين منتجيه التنفيذيين الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشيل، لم يعرض على شاشات السينما إلا لفترة قصيرة من أجل أن يصبح مؤهلا للمشاركة في جوائز أوسكار العام المقبل.

 (د ب ا)


0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم