أشباح تخرج من رواية سياج الغزالة لناصر رباح
صدر حديثاً، عن "منشورات المتوسط – إيطاليا"، رواية جديدة للروائي الفلسطيني ناصر رباح، جاءت بعنوان "سياج الغزالة"، وبمصائر قاسية لشخصياتها، وأحداث تجري في فلسطين المحتلة، وإمكانيات مفتوحة لكل المواجهات. في سياج الغزالة، تهاجر فتاة يهودية من العراق إلى فلسطين، وتعمل في مستوطنة "إسرائيلية"، ولأنها تعلمت فن النّحت في بغداد فإنها تنحت حجراً وتصنع منه تمثالاً. يلفت التمثال نظر إحدى الفلسطينيات في مخيمات اللاجئين التي تعمل في المستوطنة ذاتها كمزارعة، الأمر الذي يوطّد علاقتها بالفنانة "الإسرائيلية"، لكنه يجعلها تسوء مع بقية العمال الفلسطينيين، ثم تُطرد من العمل لتعيش وحيدة معزولة عن بقية اللاجئين في المخيم، فتضطر للزواج كيفما اتُّفق، الأمر الذي يتطور إلى حدوث جريمة قتل! يتم ترشيح التمثال ليُعرض في متحف الفن الحديث في ألمانيا، لكن لأسباب متشابكة، تقرر الإدارة الألمانية استبعاده وطرد الفنانة! بعد ذلك تتأزم العلاقة بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" نتيجة ظهور "حركة حماس"، وتحدث اشتباكات، فتسقط قذائف على المقبرة، الأمر الذي يؤدي لظهور شبح القتيل الذي يبدأ في التأثير على شخصيات الرواية في نوع من الفانتازيا التي افتُتحت بدموع تسقط من عيني التمثال مسببة إشكاليات للشخصيات!
يمكن اعتبار التمثال هو بطل الرواية وشخصيتها الرئيسة، لكن أيضاً يمكن أن تكون النحّاتة، أو الفتاة الفلسطينية، أو زوجها.. إنما في الحقيقة يمكن النظر إلى الشخصيات جميعها كأبطال لها، فلكل شخصية قصة ومصير. ولكنَّ ما هو مؤكَّد أن ناصر رباح هو شبح آخر خرج علينا من روايته هذه، ليؤثِّر على كلِّ مَنْ يقرؤُها.
أخيراً، صدر الكتاب في 240 صفحة من القطع الوسط.
من الكتاب:
يضع حسين المتململ ذو البنطال يده على فمه مغتاظاً ليؤكّد صمته، فتتخلّل اليد شفتَيه وأسنانه، فيبتسم دون أن يتعمّد ذلك. لكنه سرعان ما يلفت انتباه رفيقه ذي الكفن إلى أن هناك جماعة من المارّة يقتربون منهما، ويسأله إن كان من الأفضل أن يختبآ أم أنه يفضّل سؤالهم عن جعفر؟ لكنه لم يجد عند صاحبه غير الذهول، فقد كانت اللحظة قد فاتت على الاختيار واقترب القادمون منهما وانتهى الأمر. كان الكفن المتجمّد في حَيْرته مع ظلّه ينتظران وحسب حين عبر من خلالهم خمسة رجال، وكأنهم عبروا حاجزاً من الدخان. غير أن أحدهم قد انتابته نوبة من الضحك حين عبر من خلال جسد حسين الأبيض، وسرعان ما انتشرت عدوى الضحكات إلى بقية الخمسة، فأكملوا طريقهم وهم يردّدون: جُنّ القطّ ... جُنّ القطّ تماماً، يا جماعة.
- يا للمصيبة! لا أحد يرانا، يا حسين.
عن المؤلف:
ناصر رباح: روائي وشاعر فلسطيني من مواليد غزَّة عام 1963. حاصل على بكالوريوس العلوم الزراعية من جامعة عين شمس في القاهرة، ويعمل كمدير دائرة الإعلام الزراعي بوزارة الزراعة.
صدر له في الشِّعر: الركض خلف غزال ميت 2003، وواحدٌ من لا أحد 2010، وعابرون بثياب خفيفة 2013، وماءٌ عطش لماء 2017، مَرثِيَّة لطائر الحِنَّاء 2021. أمَّا في الرواية، فله: منذ ساعة تقريباً 2018.
0 تعليقات