بعد رواية “على الطريق” يقدم الكاتب دلشاد كاواني رواية ثانية بعنوان “الجسور الطائرة”، لأول مرة في معرض الكتاب الدولي في السليمانية بالعراق.

“الجسور الطائرة” هي مدينة فاضلة خيالية يتداخل فيها الدين والفلسفة والتاريخ السياسي، وقد فازت الرواية بمسابقة الرواية في مؤسسة فيم لعام 2023، وهي رواية مختلفة تماما في تناولها الذي يقوم على الخيال.

 تدور أحداث الرواية حول ديانة ستولد بعد نهاية الأديان. وتتحدث أيضا عن الأنفال وقتل وتقطيع عدد من المدن والبلدان الوهمية التي تصور حرب الحضارة الإنسانية. ويلعب صدام وغاندي ومانديلا وثلاثة زعماء أكراد وثلاثة أنبياء دينيين سماويين أدوار الشخصيات الرئيسية الثلاث في الرواية.

يقول دلشاد كاواني “رواية الجسور الطائرة دمرت كل مبادئ وبنيات الرواية المشتركة، على مستوى الأدب الكردي. الروايات العالمية تنتظر تطورا كبيرا”.

تعد رواية الجسور الطائرة، المكتوبة بأساليب وتقنيات مختلفة، فلسفة سادية وسياسية وتاريخية ونفسية وصوفية متعددة الأبعاد، حيث يشكل القتل والسلطة والصراع من أجل البقاء المكونات الرئيسية للرواية. كما يصف ظهور ميثولوجيا ودين بعد نهاية الأديان تسمى أهل الحق وكتاب القيامة الذي يتكون من ثلاثة ألواح باللون الأحمر والأسود والأزرق، ترمز إلى الفلسفة والنظام والقوة.

في الرواية تعطى التقنية والسرد أهمية كبيرة، ويعطى الوصف والمكان مساحة كبيرة أيضا. كما أن اللغة عالية في شعريتها بينما يتم الاهتمام باللهجات والكلمات الكردية القديمة. الزمن مجهول في الرواية، وكأنها عودة إلى السلف والماضي ممتزجة بالعالم المعاصر.

تبدأ الرواية من النهاية وتتكون من خمسة فصول رئيسية وواحد وثمانين فصلا فرعيا. وتتكون أقسامها الفرعية من أقسام صغيرة، وفقرة واحدة، وأقسام طويلة. لا يوجد قسم سابق يرتبط بشكل مباشر بالقسم التالي، ولكن كافة الأقسام تترابط فيما بينها بطرق أخرى وقد تم العمل على هذا كتقنية منفصلة.

أحداث الرواية مستقلة وتدور عدة أحداث فرعية في سياق حدث غير معروف، إذ تحكي الرواية قصة عائلة ملكية تقوم بتسليم العرش لابنها الأصغر، ولكن بعد ذلك ينشب صراع مرير من أجل السلطة، ويهتز عرش الملكية، ويقوم الثوار الجمهوريون العلمانيون بانقلاب على النظام الملكي، مما أدى بالبلاد إلى تبني العلمانية. في هذا الإطار تحاول إحدى الأميرات بكل السبل استعادة النظام الملكي، فيعلن عن تأسيس دين سياسي جديد، ويقوم اثنان من أبناء العائلة الملكية بإشراك طفل عبد من البلاط في لعبة دينية وسياسية هدفها استعادة السلطة.

الشخصيات الرئيسية في الرواية غريبة بعض الشيء سواء في صفاتها أو في قيادتها للأحداث بشكل يتمرد على النسقية السردية والسببية المعتادة. أبرز هؤلاء بهادور وصبحال أزيل، وهما شقيقان فاشلان، أحدهما ذو رأس صغير والآخر ذو رأس كبير، إلى جانب صديقهم أبوب. ومع التقدم في الرواية يصبح هؤلاء الثلاثة قادة ثلاثة، قادة في القتال لأجل السلطة. ويشير الكاتب هنا إلى ثلاث شخصيات في التاريخ الديني، ثلاثة أنبياء، هم أبوب وبهاءالله وسبح الله. وهم أيضا ثلاثة قادة أكراد، في إشارة إلى الروح والمادة والنظام.

رواية كاواني تهدف إلى إظهار آلام المجتمع الإنساني، من أجل الحد من الجريمة، والقضاء على الشر، وترسيخ روح القبول المتبادل، والاختلافات الدينية والآراء، ونشر المعرفة وتحسين حياة الناس.

في كل قسم من الرواية تتغير الأحداث وتستهدف وجهات نظر مختلفة مثل الفقر والمعاناة والخير والشر. يسردها راو رئيسي، وهو روائي داخل الرواية ومهنته اليومية بائع فطائر، لا يظهر حتى نهاية الرواية. ويختلف باختلاف كل قسم وكل لغة وكل مشهد وحدث يحكيه.

أما مكان الأحداث فهو مدن مختلفة مثل العقبة، خوزستان، صحراء النقب، لوكانتا خانه، مدينة العسل، مدينة الجسور، البحر الحزين، مدينة الفرح والضحك، المصنع المكسور، إذ تتمازج الأماكن الحقيقية بتلك الخيالية التي يصنعها خيال الكاتب بدقة وفق الحدث والتغيرات التي تطرأ.

ويستخدم الروائي عدة فلسفات يلبسها لكلام شخصياته، فنجد فلسفات ستوك وأرسطو وهايدجر وجان بول سارتر وهوسرل وداروين وفرويد وكارل يونج وإريك فروم وفريدريك نيتشه ومكنوني. كما يأخذ من تاريخ الديانة البهائية وغيرها في دمجه بين ماهو فكري وديني بما يصب في مسار الأحداث التي تحوم حول افتكاك السلطة ومحاولة استرجاعها.

أما عن عنوان الرواية “الجسور الطائرة”، فيرى الكاتب دلشاد كاواني أن الجسور مشتقة من اسم مدينة خيالية في الرواية لها آلاف الجسور. بعد الفوضى التي شهدتها المدينة، هدم الناس الجسور.

ويضيف “تصور الرواية على وجه التحديد شقيقين يستخدمهما عمهما سيلان كجسر للوصول إلى السلطة، ويحول كل منهما إلى زعيم ديني عظيم، ثم تنقلب اللعبة رأسا على عقب ويخرجان عن السيطرة. باختصار، الجسور الطائرة تعبر عن اختفاء التسامح والكرم الإنساني”.

تهدف رواية كاواني إلى إظهار آلام المجتمع الإنساني، من أجل الحد من الجريمة، والقضاء على الشر، وترسيخ روح القبول المتبادل، والاختلافات الدينية والآراء، ونشر المعرفة وتحسين حياة الناس.

المصدر: صحيفة العرب 

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم