أعلنت دار نشر الجامعة الأميركية في القاهرة، ليلة أمس، منح جائزة نجيب محفوظ للأدب لعام 2020 للكاتب الجزائري أحمد طيباوي عن روايته "اختفاء السيد لا أحد"، الصادرة عن منشورات ضفاف ومنشورات اختلاف.

 ويعتبر طيباوي ثاني كاتب من الجزائر يفوز بهذه الجائزة بعد أحلام مستغانمي التي فازت بها عام 1998 عن رواية "ذاكرة الجسد".

وزادت قيمة الجائزة المادية هذه الدورة لتصبح خمسة آلاف دولار، وكانت في السابق ألف دولار.

وكان يفترض إعلان اسم الفائز للدورة الأخيرة في 11 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تزامناً مع عيد ميلاد نجيب محفوظ، إلا أن كثرة الأعمال المرشحة بسبب حجب جائزة الدورة الماضية، حال دون ذلك.

 وجرى في الدورة الأخيرة للمرة الأولى في تاريخ الجائزة التي انطلقت عام 1996 إعلان قائمة قصيرة للمرشحين، في شباط (فبراير) الماضي ضمَّت فضلاً عن رواية "اختفاء السيد لا أحد"، روايات "في مدن الغبار" لأمل رضوان (مصر)، "حصن الزيدي" للغربي عمران (اليمن)، "حي الدهشة" لمها حسين (سوريا)، "حجر بيت خلاف" لمحمد علي إبراهيم (مصر)، "كحل وحبهان" لعمر طاهر (مصر).

أعلن الجائزة رئيس الجامعة الأميركية بالقاهرة فرانسيس ريتشياردوني في حفل أقيم عبر تطبيق (زووم)، وحضره الكتاب المرشحون، بالإضافة إلى عدد من الناشرين العرب، والعديد من الكتاب والشخصيات البارزة في مجال الثقافة.

تم اختيار الرواية الفائزة من قبل أعضاء لجنة التحكيم: شيرين أبو النجا (رئيسةً للجنة)، الناقدة الأدبية وأستاذة الأدب الإنكليزي والمقارن بجامعة القاهرة، همفري ديفيز مترجم حائز جوائز في ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الإنكليزية، ثائر ديب، مترجم وكاتب وناقد أدبي، سماح سليم، مترجمة وأستاذة مشاركة في قسم الآداب في اللغات الأفريقية والشرق الأوسط وجنوب آسيا بجامعة روتجرز في الولايات المتحدة، هبة شريف كاتبة وناقدة أدبية متخصصة في الدراسات الثقافية.

وإضافة إلى المبلغ الذي يحصل عليه الفائز، تتم ترجمة الرواية الفائزة للغة الإنكليزية وتوزيعها حول العالم ضمن مطبوعات دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة للأدب والمسماة "هوبو".

 وجرى اختيار القائمة القصيرة من ضمن 270 رواية تم ترشيحها من كل أنحاء العالم العربي ودول المهجر. وضمت القائمة الروايات الآتية: "اختفاء السيد لا أحد" للروائي أحمد طيباوي (الجزائر)، وعلقت رئيسة لجنة التحكيم شيرين أبو النجا على الرواية الفائزة بقولها: "لم يترك لنا القرن الحادي والعشرون أي خيار سوى الاحتفاء بالمهمشين... إنه الجحيم الذي يطلّ من نافذة المدينة حيث الأبوية الراسخة مقابل البحث عن أبوة ضائعة، الجنون مقابل العقل، الرغبة في التحرر مقابل الالتزام، بالرغم من هذا التضاد الصريح الذي يسكن فضاء المدينة ويشكل هوامشها وأساليبها في التهميش، تبقى جميع الشخصيات بشكل صادم لا أحد. يخلع السيد لا أحد وجهه ويرحل، لتكون القضية هي اختفاء لا أحد. ثم يجيء لا أحد آخر ليحقق في الاختفاء. رجال معممون منافقون مقابل متشردين صادقين، محقق نزيه يتخذ من القضية مساراً للبحث عن ذاته مقابل مخبر هزيل يبرع في الاستغلال والابتزاز".

ورأى همفري ديفيز أن رواية أحمد طيباوي تموج بأصداء الماضي العنيف للجزائر، من النضال ضد الاستعمار إلى الحرب الأهلية وكل ما تبعها. يستخدم المؤلف - يضيف ديفيز - منظور الرواية البوليسية وهو نوع أدبي مناسب تماماً في ظاهره لإلقاء الضوء على الزوايا المعتمة، ولكن كلما تعمق المحقق في عالم الفقر والتهميش والأجساد المتحللة، كلما قلَّ يقينه تجاه ما يعرفه. الأسلوب الكئيب والقوي للكتابة يظهر شخصيات حيّة زاهية. تلك الرواية تحكي حقائق غير سارة".

ولاحظ ثائر ديب أن للشخصية المسماة "لا أحد" تاريخاً طويلاً في الأدب العالمي، تاريخاً من التعدد والتنوّع بمكان على الرغم من الاسم المشترك. وهذا ما يبيّن أحمد طيباوي أنّه قادر عليه بدوره، فيميّز الـ"لا أحد" الجزائري الخاص به ويضفي الفرادة عليه - بحسب تعليق ثائر ديب - من غياب الاسم والهوية، إلى مزاولة أعمال كثيرة تكاد لا تنتهي، إلى الانطواء على أوجه ومشاعر عديدة متناقضة، إلى التماهي مع شخصيات الرواية كلها تقريباً، يرسم الطيباوي شخصيةً تجمع بين كونها سيّداً ولا أحد في الوقت ذاته، كما تجمع بين كونها لا أحد وبين أنّها تختفي في آن معاً، معبّراً من خلالها عن عالم من المنبوذين والمسحوقين والمحرومين والمهمشين عموماً، وعن أوجه الشعب الجزائري في ماضيه وحاضره، في انكساراته وخيباته، لا سيما بعد العشريّة السوداء. كلّ ذلك في إطار يوهم أنّه إطار أدب التحرّي المشوِّق والممتع، وفي سرد مقتدر لا يخفي ذكاء صاحبه وإبداعه".

ولد أحمد طيباوي في الجزائر عام 1980 وحصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة الجزائر، وماجستير ثم دكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة البليدة. بدأ طيباوي حياته المهنية في مجال التدريس، ويشغل حالياً منصب أستاذ محاضر بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير في جامعة البويرة بالجزائر.

فاز طيباوي بالمرتبة الأولى في مسابقة رئيس الجمهورية الجزائرية للمبدعين الشباب عام 2011 عن رواية "المقام العالي" وجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي الدورة الرابعة عام 2014 عن روايته "موت ناعم"، وتعتبر روايته "اختفاء السيد لا أحد" الرابعة بعد "مذكرات من وطن آخر" والتي نشرت عام 2015، وهو يعيش في ولاية البويرة في الجزائر مع زوجته وطفليه.

يشار إلى أن جائزة نجيب محفوظ هي جائزة أدبية تمنح لإحدى الروايات الحديثة في حفل يقام كل عام في 11 ديسمبر، وهو اليوم الموافق ليوم مولد الكاتب الكبير نجيب محفوظ (1911 – 2006)، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1988.

وفي الدورة السابقة (عام 2018) فازت الكاتبة السعودية أميمة الخميس بالجائزة عن روايتها "مسرى الغرانيق في مدن العقيق"، وفي 2017 فازت الفلسطينية حزامة حبايب عن رواية "مخمل"، وفي 2016 فاز المصري عادل عصمت عن رواية "حكايات يوسف تادرس"، وفي 2015 فاز اللبناني حسن داوود عن رواية "لا طريق إلى الجنة"، وفي 2014 فاز السوداني حمور زيادة عن رواية "شوق الدرويش"، وفي 2013 فاز السوري خالد خليفة عن رواية "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة"، وفي 2012 فاز المصري عزت القمحاوي عن رواية "بيت الديب"، وفي 2011 منحت الجائزة للشعب المصري لإثرائه الأدب بسبب ثورة 25 يناير. وفي 2010 فازت المصرية ميرال الطحاوي عن رواية "بروكلين هايتس"، وفي 2009 فاز السوري خليل صويلح عن رواية "وراق الحب"، وفي 2008 فاز المصري حمدي أبو جليل عن رواية "الفاعل"، وفي 2007 فازت المصرية أمينة زيدان عن رواية "نبيذ أحمر"، وفي 2006 فازت الفلسطينية سحر خليفة عن رواية "صورة وأيقونة وعهد قديم"، وفي 2005 فاز المصري يوسف أبو رية عن رواية "ليلة عرس"، وفي 2004 فازت العراقية عالية ممدوح عن رواية "المحبوبات"، وفي  2003 فاز المصري خيري شلبي عن رواية "وكالة عطية"، وفي 2002 فاز المغربي بنسالم حميش عن رواية "العلامة". وعام 2001 فازت المصرية سميبة رمضان عن رواية "أوراق النرجس"، وعام 2000 فازت اللبنانية هدى بركات عن رواية "حارث المياه"، وفي 1999 فاز المصري إدوار الخراط عن رواية "رامة والتنين"، وفازت الجزائرية أحلام مستغانمي عام 1998 عن روايتها "ذاكرة الجسد"، وفاز الفلسطيني مريد البرغوثي عام 1997 عن روايته "رأيت رام الله". أما جائزة الدورة الأولى فكانت من نصيب المصريين لطيفة الزيات عن رواية "الباب المفتوح"، وإبراهيم عبد المجيد عن رواية "البلدة الأخرى".

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).

مواضيع أخرى ربما تعجبكم